للتراث الوطني دور أساس في ترسيخ المواطنة وربط المواطنين ببلادهم ">
يؤدي التراث الوطني دوراً مهماً في ترسيخ المواطنة وربط المواطنين ببلادهم، وتنمية الاعتزاز بالتعاقب الحضاري الذي تحتضنه عبر العصور.
حيث تسهم زيارة المواطنين للمواقع التراثية التي شهدت تأسيس ووحدة المملكة إلى استلهام تاريخ هذه المواقع ودورها في ملحمة التأسيس، ويسهم في ارتباط المواطنين بهذه المواقع وتعزيز شعور المواطنة من خلالها.
وفي هذا الإطار أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار في إحدى كلماته أن تعزيز المواطنة وغرس الانتماء الوطني في نفوس المواطنين قضية أساس أحد منطلقاتها تحديد معالم الهوية الوطنية والانطلاق من ثوابت أساس البعد الحضاري للمملكة.
نضع الوطن في قلب المواطن
وأبان سموه ضرورة تهيئة المواقع التراثية ليتمكن المواطن من الاستمتاع فيها مما يسهم في الانتماء والمواطنة من خلال تمكينهم من فهم تاريخ بلادهم والاستمتاع به.. وأضاف: هدفنا أن نضع الوطن في قلب المواطن وهنا لا يمكن أن يتم استعادة للأمكنة التي بني الوطن على ترابها وتشكّلت ثقافة الآباء الأجداد عبر طرقاتها وبيوتها. لقد ذكرت مراراً أنني أشبه هذه المبادرات الكبرى لاستعادة تراثنا الوطني في قلب المواطن، من خلال تحويل أماكن التاريخ أماكن معاشة يحكي قصة الوطن وملحمة التأسيس التي شارك فيها الجميع.
وأكد على أهمية توجهات الهيئة لتفعيل دورها في ترسيخ المواطنة وربط المواطنين ببلادهم، وتنمية الاعتزاز بالتعاقب الحضاري الذي تحتضنه عبر العصور، ومزيتها بكونها مهبط الوحي ومنبع الحضارة الإسلامية العظيمة وما سبقها من حضارات أثرت في التاريخ الإنساني، وما لحقها من آثار عظيمة وصولاً إلى شواهد وطنية تحفظ لنا ملحمة توحيد المملكة، إلى جانب القيمة الاقتصادية الكبرى للتراث الذي يُعد مورداً اقتصادياً عظيماً إذا ما تمت العناية به وتمكينه من أداء دوره الاقتصادي المأمول لإحداث التنمية في مناطق المملكة وإنتاج فرص العمل للمواطنين.
وأضاف: لقد عملت الهيئة العامة للسياحة والآثار مع شركائها المتميزين في قطاعات المناطق والبلدية والهيئات المتخصصة مثل الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض هذه المؤسسة الرائدة التي أسستموها - حفظكم الله - على تنمية التراب استكشافاً ومحافظة وتطويراً، مستحضرين الهدف الأسمى الذي نسعى له ونعد به بإحداث نقلة في علاقة المواطن ببلاده وتعميق ارتباطه بها ليسعد في مواقع تاريخها العظيم في كل شبر من بلادنا وهي تشع بالبهجة وفرص الاستثمار والعمل والتعلم والارتقاء، وليشعر المواطن أنه لا يعيش في بلد له خصوصية فحسب كما يتردد، بل يعيش في بلد له ميزات استثنائية كونه مهبط الوحي وأرض الحضارات وبيت العرب الكبير ومحط آمال وأنظار المسلمين ودول العالم، وذلك ما يزيد المسؤولية على كل منتم لهذه البلاد العظيمة بأن ترتقي أعماله وتصرفاته لمستوى وطنه بحجم المملكة العربية السعودية.
جزء من إرث الأمة والمجتمع
من جانبه أكد معالي الدكتور فهد بن عبد الله السماري المستشار في الديوان الملكي الأمين العام المكلف لدارة الملك عبد العزيز على أهمية التراث في تعزيز المواطنة.
وقال: بلا شك التراث بكل مجالاته سواء المادية أو المعنوية يمثّل جزءاً من إرث هذه الأمة والمجتمع، ولا شك أن هيئة السياحة والتراث الوطني تقوم بواجب مهم جداً فيما يتعلق بتعزيز البعد الحضاري وتعزيز هذا التراث الوطني، ونحن دائماً ننسى بأن الإنسان عادة يلتصق أكثر بإرثه وماضيه، وهناك تقصير منا جميعاً في هذا الموضوع، ونحن مطالبون بأن نتجه بقوة إلى دعم وخدمة التراث الحضاري بشكل جيد حتى يستطيع الإنسان والمواطن السعودي أن يقترب أكثر تجاه هذا التراث ويرتبط به، ويفتخر فيه، أنا أعتقد الافتخار كلمة عامة لكنها في مجملها في الأفكار والموضوعات والأهداف والرسائل، لأن المواطن عندما يفتخر بتراثه فهو يدل على وعيه وفهمه.
ودعا الدكتور السماري التربويين إلى غرس الافتخار بالوطن وبمنجزاته وقادته في عقول وقلوب الطلاب والطالبات وأنهم يعيشون في أرض حق أن يفتخر بها من خلال ما يملكه من موروث، والوطن يملك العديد من الأمور للافتخار بها من حضارة ومنجزات ومكتسبات والأسس الإسلامية التي بنيت عليها كما يحتضن الحرمين الشريفين وهي أمور حق للجميع الافتخار بها.
دور البلديات والأمانات
ونوه معالي الدكتور هاني بن محمد أبو راس أمين محافظة جدة عضو الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بدور التراث الوطني في تعزيز قيم المواطنة، مشيراً إلى أن البلديات والأمانات تلعب دوراً مهماً في ذلك من خلال تنفيذ مشاريع ترميم وتأهيل مواقع ومباني التراث العمراني.
وقال: الأمر هذا في غاية الأهمية، وهيئة السياحة والتراث الوطني بدأت بخطوات قوية جداً في هذا الاتجاه نتج عنه ولله الحمد في كثير من الإنجازات والمشاريع التي تسهم في معرفة المواطن بتاريخه ومعرفته بكل أبعاد ارتباطه ببلده، ولا شك أن للتراث الوطني دوراً رئيساً في ترسيخ هذه الثقافة.
مشيراً إلى أن محافظة جدة احتضنت ملتقى التراث العمراني الوطني الأول الذي يُعتبر محور الارتكاز للانطلاق بمفهوم جديد للمحافظة على التراث العمراني إلى أبعاد جديدة وهامة - بإذن الله -.
وأكد أبو رأس أن محاور التنمية في منطقة مكة المكرمة قد أخذت فيها جانب المحافظة على التراث العمراني والبعد الحضاري، حيث إنه أحد المحاور الأساسية ويُعتبر من الأهداف العليا للإمارة التي ترتبط بها جميع محافظات المنطقة، نظراً للأهمية الكبيرة للمنطقة على هذا التراث الذي يُعتبر كنوزاً هامة.
تكثيف الوعي الثقافي والإعلامي
ويرى الدكتور سعد بن عبد القادر القويعي أن تكثيف الوعي الثقافي والإعلامي بأهمية التراث باعتباره كنزاً حضارياً ثميناً سينعكس في اهتمام المجتمع في التراث وتعزيز المواطنة.
ويقول: اهتمت كثير من الدول بالتراث، باعتباره إرثاً حضارياً ثميناً تفخر به، وانعكاساً طبيعياً للمسيرة الإنسانية، ومرآة للحضارات على مرّ العصور.
والمسألة التراثية، أصبحت اليوم هاجساً للعلاقة الجدلية بين ثقافتنا، وتراثنا، وحضارتنا، تحتاج إلى ضرورة إعادة استغلال تلك الأماكن، بما يتناسب مع معطيات المرحلة التي نعيشها، وذلك عن طريق تفعيل المؤسسات، والمراكز البحثية التي تُعنى بالتراث الشعبي، من خلال ترميم، وصيانة المباني التاريخية، وإعادة عرضها على الجمهور بصورة تليق بأهميتها، وخصوصيتها، ومكانتها.. وكذلك، إنشاء الأسواق التراثية، وإعادة ترميمها، ومثلها المتاحف التاريخية. لا سيما وأن أجداداً سقوا هذه الأرض الطيبة بدمائهم، وعرقهم، وأصبحت شاهدة على أصالتهم.
واستكمالاً لمنظومة التراث، فإنها ستحقق فوائد اقتصادية، وتنموية، من خلال إيجاد فرص عمل جديدة للمجتمع المحلي.. إضافة إلى إيجاد فرص اكتساب المعارف، والمهارات الإدارية، تتجاوز الحدود، بما تشفّ عن حقيقة ذواتنا، وآماد طاقاتنا، وتواصلنا الحضاري مع الآخرين، وذلك عن طريق تعليم النشء على ممارسته واقعاً، وتفاعلاً مع تاريخهم الماضي، واستخلاص الكم الهائل من التراكم المعرفي في التراث الإنساني، بحضارته المتعاقبة المختلفة، وبقائه بكل جوانبه المعبرة الصادقة عن أصالة هذا الشعب، وعمقه، وامتداده.