خادم الحرمين يدعو إلى تأسيس مجالس لرجال الأعمال بين الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية والنظر في توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة ">
الجزيرة - عوض مانع القحطاني - واس / تصوير - عبدالملك القميزي - أحمد يسري:
افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، مساء أمس، أعمال القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، بحضور أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة ورؤساء وفود الدول المشاركة في القمة، وذلك في مركز الملك عبدالعزيز الدولي للمؤتمرات بالرياض.
وفي بداية الجلسة الافتتاحية، تليت آيات من الذكر الحكيم.
كلمة خادم الحرمين
ثم ألقى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- رئيس القمة، كلمة فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
أصحاب الجلالة والسمو والفخامة والمعالي رؤساء وفود الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية..
معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية..
معالي الأمين العام للأمم المتحدة..
أيها الحضور الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
يسعدني الترحيب بكم مقدراً لكم تلبية الدعوة للمشاركة في هذه القمة، مشيداً بالجهود الطيبة التي بذلها رؤساء الدورات السابقة في كل من (جمهورية البرازيل الاتحادية، ودولة قطر، وجمهورية البيرو)، ومؤكداً على أهمية العلاقات بين دولنا، وحرص المملكة على تنميتها وتعزيزها في المجالات كافة.
أيها الحضور الكرام:
إننا نشعر بالارتياح للتوافق والتقارب بين وجهات نظرنا تجاه العديد من القضايا والمسائل الدولية، ونشيد بالمواقف الإيجابية لدول أمريكا الجنوبية الصديقة المؤيدة للقضايا العربية، وبخاصة القضية الفلسطينية، كما أننا ننظر بالتقدير إلى ما حققته القمم الثلاث السابقة، ونتطلع إلى تنسيق مواقفنا تجاه القضايا المطروحة على الساحة الدولية، ومكافحة الإرهاب والتطرف ونشر ثقافة السلام والحوار.
أيها الحضور الكرام:
إن فرص تطوير العلاقات الاقتصادية بين دولنا واعدة، ومبشرة بما يحقق نماء وازدهار أوطاننا، ويدفعنا لتذليل العقبات والمعوقات وتشجيع ودعم تدفق الاستثمارات، وتبادل الخبرات، ونقل التقنية وتوطينها، والتعاون في المجالات كافة، مشيداً بالنمو الجيد في معدلات التبادل التجاري وحجم الاستثمارات البينية منذ انعقاد قمتنا الأولى في برازيليا عام 2005م، ولا زالت الآمال معقودة لتحقيق المزيد في هذا المجال، ولهذا فإننا ندعو إلى تأسيس مجالس لرجال الأعمال، والنظر في توقيع اتفاقيات للتجارة الحرة، وتجنب الازدواج الضريبي، وتشجيع وحماية الاستثمارات بين دول الإقليمين التي ستوفر إطاراً تنظيمياً وقانونياً لتعزيز تدفقات التجارة بينها.
وفي الختام أشكركم جميعاً، متمنياً لاجتماعنا هذا التوفيق والنجاح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة أمين جامعة الدول العربية
إثر ذلك ألقى معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي كلمة، قدّم فيها خالص الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- على استضافة هذه القمة.
وأبان أن هذه القمة تستكمل مسيرة التعاون العربي وتعزز العمل الجاد والمثمر لتحقيق تطلعات وطموحات المجموعتين، وكذلك تعزز موقف الدول النامية المتطلعة إلى إيجاد نظام دولي جديد يقوم على أسس التكافؤ والمساواة وإيجاد السلام والأمن في العالم، من خلال إصلاح نظام الأمن الجماعي الذي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة.
وقال «إن انعقاد القمة يؤكد على حقيقة راسخة أن علاقات العالم العربي مع دول أمريكا الجنوبية ليست وليدة اللحظة، بل تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ وترتكز على الموروث الثقافي المشترك الذي رسمت ملامحه حضارة الأندلس».
وعد ترابط الاجتماعات القطاعية وانتظامها بين دول المجموعتين خير دليل على جدية الإطار المؤسسي للتعاون القائم الذي يغطي مجالات واسعة تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية إلى جانب التنسيق السياسي الوثيق وتبادل المنافع التي تؤسس إلى بناء شراكة إستراتيجية حقيقية.
وأشار العربي إلى أن حجم التبادل التجاري منذ انطلاق القمة عام 2005 شهد تطوراً ملموساً في أكثر من قطاع، مؤكداً في هذا الصدد على التضامن التام مع دول أمريكا الجنوبية في القضايا المتعددة وفي جهودهم لبناء مجتمعات مزدهرة ومستقرة.
وقال «إن العالم العربي شهد تحولات كبرى، ولمواجهة تلك التحديات اتخذ مجلس جامعة الدول العربية عددا من القرارات المهمة التي من ضمنها القرار الصادر سبتمبر العام الماضي الذي أكد أن مواجهة الإرهاب لا يقتصر فقط على الجوانب الأمنية والعسكرية وإنما تأخذ في الاعتبار النواحي الثقافية والفكرية والأيديولوجية والتعليمية والإعلامية، إلى جانب إطلاق برامج فعالة لرفع مستويات المعيشة وإيجاد فرص عمل وبدائل إيجابية أمام الأجيال الشابة ليكون لها أمل في غد أفضل».
وأكد الدكتور نبيل العربي أن القضية الفلسطينية ستظل دائما القضية المركزية للدول والشعوب العربية، لافتا النظر إلى أن العالم بأسره لن ينعم بالسلم والاستقرار والأمن في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وقال «طالما الجهود الدولية المبذولة لمعالجتها لا تزال تراوح مكانها فإن الأمر يتطلب تبني مقاربة جديدة تهدف إلى تحقيق الحل الشامل والدائم والعادل المستند إلى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومبادرة السلام العربية، وذلك لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقرار حل الدولتين، وإعلان قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو- حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفق جدول زمني محدد وآلية تضمن تنفيذ الالتزامات المترتبة على الطرفين.
ودعا إلى توفير نظام خاص للحماية الدولية للشعب الفلسطيني، في ظل ما تشهده القدس والأراضي الفلسطينية المحتلة من تطورات خطيرة.
وبشأن الأزمة السورية، أكد معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية المتحدة أنها تمثل أكبر أزمة إنسانية في القرن الحادي والعشرين، معرباً عن أسفه بفشل جميع المحاولات والمبادرات والجهود التي بذلتها الجامعة منذ اندلاع هذه الأزمة.
وأشار إلى أن المواجهة الشاملة للإرهاب تتطلب توفير الدعم والتعبير عن التضامن مع جهود الحكومة العراقية في حربها على الإرهاب.
وحيال الوضع في الجمهورية اليمنية، أكد أن الأوضاع مقلقة، مشيراً إلى أن قرار القمة العربية في شرم الشيخ عبّر بكل وضوح عن دعم عملية عاصفة الحزم وإعادة الأمل إلى اليمن التي تنفذها قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية التي جاءت تلبية لطلب فخامة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، معربا عن أمله بأن تفضي الجهود المبذولة إلى إقرار الحل السياسي المنشود للأزمة اليمنية وفقا للمرجعيات المتفق عليها، والمتمثلة في قرار مجلس الأمن 2216 ومخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية.
وفيما يتعلق بالوضع في ليبيا قال معالي الأمين العام «إننا لا نزال نتطلع أن تفضي الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة إلى إقرار التوافق الوطني الليبي حول خطة الحل السياسي, وخطوات المرحلة الانتقالية بما يحفظ وحدة ليبيا واستقرارها ويحقق تطلعات شعبها في الحرية والتغيير الديمقراطي وعودة الأمن والاستقرار».
وقدم في ختام كلمته الشكر والتقدير للمملكة على استضافتها لهذا الحدث الكبير والمهم, معرباً عن ثقته بأن القمة تشكل فرصة إضافية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية وإثراء مسيرة التعاون العربي الأمريكي الجنوبي, نحو المزيد من الإنجازات التي تسهم في تحقيق تطلعات وآمال شعوب دول الإقليمين في التقدم والازدهار.
كلمة الأمين العام للأمم المتحدة
بعد ذلك ألقى معالي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون كلمة قال فيها: إنه لشرف عظيم أن أمثل الأمم المتحدة في هذا الاجتماع المهم، معربًا عن شكره لخادم الحرمين الشريفين على كرم استضافته القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية, كما شكر الدول الأمريكية الجنوبية الذين اقترحوا منذ أكثر من عشرة أعوام بأن يعمقوا علاقاتهم مع الدول العربية, مشيراً إلى أن العلاقات بين الدول العربية والجنوبية لها تاريخ كبير من خلال التبادلات التجارية، عادًا العرب المهاجرين في أمريكا الجنوبية أكبر نسبة مهاجرين في العالم وكثير من المواطنين في أمريكا الجنوبية لهم أصول عربية, الأمر الذي يدل على التكامل ويبعث رسالة قوية في وقت يصارع فيه العالم الكثير من الأزمات.
وأشار إلى وجود تعاون إقليمي بين الدول العربية والجنوبية في مجالات التعليم ونشر السلام ودعم حقوق الإنسان وغيرها من القيم، مشيداً بالتزام رؤساء الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالأجندة النوعية بعد 2015م من خلال التوقيع على اتفاقيات تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة ومكافحة الفقر ومكافحة الفساد, وظاهرة التغير المناخي, وخفض الانبعاثات الحرارية وتحقيق آمال وتطلعات المواطنين في مجتمعاتهم.
ونوّه بان كي مون بالخطوات الإيجابية التي تتخذها دول المنطقة العربية لتنويع المصادر, مشيداً بما شاهده الأسبوع الماضي في دبي، باستخدام غاز الهيدرو كلوروكاربون الذي يعد أحد الغازات التي يتم خفضها بناء على بروتوكول كيوتو, وهو ما يدل على التزام هذه الدول, مبيناً أن أمريكا الجنوبية لديها التزام قوي في هذه المنطقة لتحقيق السلام, وتعمل بشكل بنّاء مع بعضها البعض ومع الدول في غرب وشمال أفريقيا لمكافحة الاتجار غير الشرعي في المخدرات، والتوصل إلى حل لهذا التهديد الذي يحدق بدول أمريكا الجنوبية وحث الأمين العام للأمم المتحدة الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية بالانخراط في الحوار حول أفضل الممارسات لحماية الفضاء وحماية مؤسسات المجتمع المدني وبناء قطاعات أمنية قوية تقوم بتحقيق مصالح الشعوب, مشيرًا إلى أن التطرف هو تهديد متنامٍ، وما تشهده المنطقة دليل على ذلك, لافتًا النظر إلى تقديم خطة عمل شاملة للجمعية العامة للأمم المتحدة العام المقبل لمنع التطرف الذي تمارسه الجماعات الإرهابية. وقال: إن مكافحة الإرهاب ينبغي التواصل فيها تمشياً مع القانون الإنساني الدولي وقوانين اللاجئين، مؤكداً أن المجتمع الدولي في وضع سوريا يدفع في اتجاه تسوية سلمية، وهناك شركاء إقليميون وأطراف فاعلة داخل سوريا عليها إيقاف القتال وهذه الخطوة بالاتجاه الصحيح. وأضاف: إن المملكة العربية السعودية وإيران وكثيرًا من الدول الأخرى قد جلسوا على طاولة واحدة وانخرطوا في المحادثات في فيينا، وعلينا أن نعمل بشكل كبير لسد الفجوات، وأن نتوصل إلى عملية سياسية تنهي هذا الكابوس، مشيدًا بجهود تركيا ولبنان والأردن لاستضافتهم اللاجئين السوريين، وكذلك البرازيل وغيرها من دول أمريكا الجنوبية التي قبلت أو تعهدت بأن تمنحهم حق اللجوء.
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة الدول أن تظهر مستوى تضامن متشابها وتتبع نفس الأسلوب، مشيدًا بسمو الشيخ صباح الجابر الصباح أمير دولة الكويت لاستضافته ثلاثة مؤتمرات دولية لدعم اللاجئين في سوريا وكذلك تقديم الدعم للاجئين، مبينًا أن هناك مناشدات لمنح الكثير من السوريين التضامن اللازم، وهناك 75 في المائة فقط من الدعم تم تلقيه حتى تنتهي هذه المعاناة العميقة لشعب سوريا.
وتحدث معاليه عن الوضع الإنساني في اليمن وسقوط الكثير من الضحايا الأبرياء المدنيين، داعياً جميع الأطراف أن يبذلوا كل ما في وسعهم كي يخففوا المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، مشيدًا بجهود المملكة العربية السعودية الإنسانية، حاثًا الجميع على أن يسهموا بسخاء في هذه الجهود. وقال: إن إسماعيل ولد الشيخ أحمد سيعقد مناقشات حول عملية السلام في سويسرا هذا الشهر وكل الأطراف في اليمن قد تعهدت بالحضور، وأن يقدم الجميع الدعم السياسي، مؤكدًا أنه ما من حل عسكري لهذا الصراع، مفيدًا بأن الحل العسكري سيعرض حياة الكثيرين للخطر ويؤثر على المنطقة وعلى أمنها، لافتًا النظر إلى أن الشرق الأوسط قد تعرض لموجة من العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والثقة تأثرت، وأن المستوطنات تتزايد ودخول الجماعات الدينية في هذا الصراع والعنف أمر يدعو للقلق، مشيرًا إلى أنه في زيارته الأخيرة إلى القدس ورام الله وعمّان شجع كل الأطراف على وقف هذه الاستفزازات وأن يكون هناك أفق سياسي يؤدي إلى حل يقوم على دولتين بناءً على قرارات مجلس الأمن وعلى خطة الطريق والمبادرة العربية.
ورحب بان كي مون بالجهود المبذولة في المنطقة لمعالجة الأسباب الجذرية للفقر وغيرها من الآفات لمستقبل أفضل وتقوية التعاون وفق معالجة جماعية من خلال التعاون بين الدول العربية وبين دول أمريكا الجنوبية الذي سيجلب الكثير من الفوائد والمصالح للمنطقتين وخارجهما ومنظومة الأمم المتحدة ومن بينها المفوضيات الإقليمية التي تدعم هذه التحالفات والاتحادات حتى لمستقبل مشرق.
جلسة مغلقة
ثم أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس القمة الرابعة للدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، عن بدء جلسة العمل الأولى المغلقة.
ويرأس وفد المملكة إلى القمة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.
ويضم الوفد كلاً من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير البترول والثروة المعدنية المهندس علي بن إبراهيم النعيمي، ومعالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور عصام بن سعد بن سعيد، ومعالي وزير الخارجية الأستاذ عادل بن أحمد الجبير.
حضر الجلسة الافتتاحية صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، وصاحب السمو الأمير خالد بن فهد بن خالد، وصاحب السمو الأمير عبدالله بن مساعد بن عبدالرحمن، وصاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن عبدالرحمن، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن سعود بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، وصاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالعزيز بن فيصل، وصاحب السمو الأمير سعد بن عبدالله بن تركي، وأصحاب السمو الأمراء، وأصحاب المعالي الوزراء، ورؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدة لدى المملكة، وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.