إبراهيم الطاسان ">
وهي تهدهد على كتفي لأنام قالت جدتي -غفر الله لها ولنا جميعاً ومن سبقنا من أهالينا- أن أسداً، وذئباً، وثعلباً، اتفقوا على رحلة برية لغرض الصيد، ولما استقر بهم المقام تحت شجرة كبيرة، قال الأسد لصاحبيه. سأنام وإذا مد الصيد للمرعى أيقظوني.. نام لأسد، وبعد طلوع شمس ذلك النهار، أقبلت الأرانب والغزلان والحمر الوحشية، فأيقظا الأسد، فلما رفع رأسه لم يشاهد غير الأرانب والغزلان والحمر الوحشية.. سألهما وين الصيد؟.. قالا: هذا هو إمامك، غضب منهما، وقال هذا صيد أبائكما وأجدادكما. ورجع ينام.. وبعد وقت غير قليل أقبلت الإبل فأيقظاه، فنظر فإذا بالإبل أمامه، نهض وقال هذا هو الصيد. خاتل ناقة سمينة وقبض على عنقها فخنقها فماتت. وقام بسحبها حتى وضعها تحت ظل الشجرة، وقال للذئب وللثعلب، هيا اذهبا اصطادا وتعالا نتناول غداءنا. رجع الثعلب بأرنب، ورجع الذئب بغزال، قال الأسد الآن نقسم الصيد بيننا، فاقسم بيننا بحكمتك أيها السبع (يقصد الذئب) فكر الذئب وجد الأرنب الصغيرة اللذيذة، ونظر للناقة المكتنزة بالحم والشحم، فقال الذئب الأرنب فطور لك، والغزال غدا لك، وأنا والثعلب ضئيلا الحجم سنأكل من الناقة وسيبقى منها الكثير يكون عشاءنا جميعاً، رفع الأسد يده، وضربه على الرأس (أعطاه مخمس) فخر السبع صريعاً، التفت إلى الثعلب وقال له اقسم أيها الثعلب المكار قال الثعلب، الأرنب فكوك ريق لسيدي والغزال فطور لسيدي، والناقة عشاء سيدي. رد عليه الأسد ما هذا الجسم (القسمة) المنسمح (السمح) قال الثعلب علمني إياه هذا السبع المنسدح.
هذه القصة (السباحنية) تذكرتها وأنا أتابع ما نقل أثناء إدلاء ابن الشيخ أمام مجلس الأمن، وما بعده من تصريحات صحفية، وتعليقات، ولقاءات، فاستمعت إلى مندوب العربية الحدث في نيويورك، السيد/ طلال الحاج، ينتقد ما سمع من ابن الشيخ أثناء إدلائه باستعمل مفردة حورات حول تطبيق قرار مجلس الأمن 2216 لعام، بينما القرار نفسه نص على أن يرفع الأمين العام خلال عشرة أيام، عن مدى تنفيذ بنوده؟.. وهو ما يعني أن السيد طلال الحاج، قد استنتج منه أن المطلوب تنفيذه وليس الحور حوله وهو استنتاج أراه صحيحاً، وبكل وضوح تجلت مناورة بن الشيخ حين قال: القرار إطار عريض تحت بنوده تفريعات يتم التفاهم حولها مسهبا في الشرح. ولا يخونني الظن، إن قلت أن هذه الرؤية رؤية حوثية، اراد أن يبعدها عن الشك بتناوله مشكلة تعز الإنسانية دون أن يسمي المليشيات أو يصفها، كما لو كان يريد أن يعلق في الاذهان أن عدم وقف إطلاق النار هو السبب فيما آلت إليه تعز، لعلمه أن الشرعية ودول التحالف لن تلدغ من جحر مرتين.
فيما لو طلب وقف إطلاق النار، بقي أن نلتفت لحكاية الأسد ورفاقه. التشاور حول تنفيذ قرار مجلس الأمن لتكون بنوده نافذة بمعانيها على الواقع، يلزم أن لا يسمح للحوثي وعصاباته المليشاوية، بمجرد التفكير أنهم جنوا ثمن سفك دماء الأطفال والنساء والشيوخ والناس الأبرياء، وهدم البية التحتية ومنازل الناس ومؤسسات الدولة بالسماح لهم بالتفاوض حول حجم مشاركتهم في الحياة السياسية من خلال مشاورات أو محادثات تتم في مسقط أو جنيف، بل يجب أن لا تتجاوز المشاورات معهم كيفية ضمان سلامة أفراد أسرهم الذين لم يشتركوا في سفك دماء اليمنيين، وأن من نص عليهم قرارات مجلس الأمن، لا عفو عنهم أو رفع الحجر على أموالهم دون محاكمة، فالدماء التي سفكها الحوثيون وصالح إن لم يخضعوا مرتكبيها للمحاكمات، ستخلق حالة من الثأر الملاحق سنين، قد تدخل اليمن في صراع اجتماعي غير مأمون العواقب.. الحوثيون كسوسة الذرة التي يعرفها أهل اليمن، تبدأ بساق فتنتشر في جميع الحقل فتفسده، وعقابهم أمر مشروع يقول سبحانه وتعالى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ}.. الحوثيون هجروا (دماج) وهدموا وقتلوا ونهبوا، وسرقوا وأخفوا بالاختطاف، ولا مثيل لفعلهم إلا الكيان الصهيوني، والشرعية تمثل الأسد، بالدعم والاعتراف الدولي بها وتملك كل أدوات تنفيذ بنود القرار 2216 إلى جانب ملكيتها بموجب سلطان ولايتها الشرعية حق إقامة العدل بالاقتصاص لدماء، والمال المنهوب، والتخريب المتعمد للعقل بمنهج دراسي مزمع، والاستعانة مع عدم الشرعية بعدوا مبين متربص.. والحوثيون وصالح لئام كالذئب الذى حاول إيهام الأسد أنه يؤثره على نفسه بالأرنب والغزال ليشاركهما الناقة... فالأولى أن يكونوا الثعلب الذي اتعظ بغيره. ومتى ما نفذ فيهم ما يستحقون من عقاب سيتعظ بهم غيرهم من أمثالهم من عملاء ظهران.