الأمير تركي بن سعود: توجيهات خادم الحرمين الشريفين بتوقيع اتفاقيات تعاون بحثية لمكافحة الأمراض المعدية في المملكة ">
الجزيرة - عوض مانع القحطاني / تصوير - مترك الدوسري:
أعلنت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارتا الصحة والزراعة، عن توقيع مذكرة تفاهم للتعاون المشترك لدعم إجراء البحوث المتعلقة بفيروس (كورونا) المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، وذلك من منطلق تنسيق الجهود الوطنية وتبادل الخبرات والاستفادة من إمكانات وقدرات الجهات المشاركة.
وأوضح سمو الأمير الدكتور تركي بن سعود بن محمد رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، أن المدينة اتفقت مع وزارتي الصحة والزراعة على إطار عمل مشترك تقوم فيه بدعم جهود الوزارتين في إجراء البحوث ونقل التقنية للمساعدة في السيطرة على تفشي الإصابة بالفيروس المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في المملكة العربية السعودية، وأضاف سموه أن المدينة ستساهم من خلال هذا الاتفاق في توفير الدعم الفني والمال اللازم لإجراء البحوث، إضافة إلى تسخير بنيتها التحتية من مختبرات متخصصة وبنية رقمية عالية التطور لإنشاء قاعدة بيانات وطنية لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية وتوسيعها فيما بعد لتشمل الأمراض المعدية المنتشرة في المملكة كافة.
وبدوره أكد معالي وزير الصحة المهندس خالد الفالح أهمية الدور الذي يلعبه البحث العلمي في بناء القدرات الوطنية وتمكينها من مواجهة الأمراض الوبائية، وهو ما يدعو إلى ضرورة أن تكون الوزارة منفتحة على كل الباحثين والمراكز البحثية لتتكامل الجهود في المحاربة والسيطرة على الأمراض الوبائية، ومنها كورونا، على أسس علمية وتقنية لما يحقق صحة ورفاهية المواطنين والمقيمين.
من جهته، بيّن معالي وزير الزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي أن الوزارة ترحب بكل تعاون علمي يهدف إلى تطوير قدرات منسوبيها لمواجهة التحديات التي تواجه المجتمع، من خلال الأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان التقليدية والمستجدة، وذلك وفق إستراتيجية الصحة الواحدة، التي من آخرها متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا)، والتعاون في ذلك مع الجهات العلمية البحثية المتعلقة بالثروة الحيوانية وتقديم الدعم اللازم لتلك الجهات بما يخدم المواطنين والمقيمين في هذا البلد المبارك، وكذلك الحفاظ على الثروة الحيوانية المحلية، وهو يأتي استكمالاً للدور الذي بذلته وزارة الزراعة في الفترة السابقة للتصدي لمرض كورونا.
ويأتي هذا التعاون في إطار الدور والمهام التي تقوم بها المدينة بدعم وتشجيع البحث العلمي للأغراض التطبيقية، وتنسيق نشاطات مؤسسات ومراكز البحوث العلمية في هذا المجال بما يتناسب مع متطلبات التنمية في المملكة.
وتسعى وزارة الصحة ضمن مهامها التي تقوم بتوفير الرعاية الصحية بجميع مستوياتها، إلى تعزيز الصحة العامة، والوقاية من الأمراض، ووضع القوانين واللوائح المنظمة للقطاع الصحي العام والخاص، ومراقبة أدائه، مع الاهتمام بالجانب البحثي والتدريب الأكاديمي ومجالات الاستثمار الصحي.
كما أن من مهام وزارة الزراعة تنمية الثروة الحيوانية بالمملكة، ومنع انتقال الأمراض المشتركة بين الحيوان والإنسان التي تصيب الإنسان من خلال التعامل المباشر مع تلك الحيوانات، وكذلك ضمان سلامة المنتجات المحلية ذات الأصل الحيواني للاستهلاك الآدمي ومطابقتها للمواصفات القياسية السعودية، وإصدار التشريعات المنظمة لذلك، ومراقبة تطبيقها، ودعم الأبحاث العلمية المتعلقة، وتعزيز القدرات الفنية والإدارية لتحقيق ذلك.
المؤتمر الصحفي
وقد أجاب كل من سمو رئيس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية الأمير تركي بن سعود ومعالي وزير الصحة دكتور خالد الفالح، ومعالي وزير الزراعة المهندس عبدالرحمن الفضلي عن أسئلة الصحفيين، فقد قال سمو الأمير تركي بن سعود إن هذه الاتفاقية تأتي بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين لعمل هذه الاتفاقية المهمة لمكافحة هذا الفيروس واحتواء هذا المرض، حيث إن هناك جهودا ضخمة تبذل بين المدينة ووزارة الصحة والزراعة، وهناك تقدم كبير في مجال التوسع في مثل هذه الأبحاث ومن خلال دعم من وزارة المالية، مشيراً سموه إلى أن هناك ميزانية مخصصة لهذا المشروع برئاسة وزارة الصحة لطرح المشروعات البحثية من خلال عمل دؤوب.
وعلق وزير الصحة وقال إن المملكة العربية السعودية انتقلت من دولة نامية إلى دولة متقدمة ومتطورة وذات دخل أعلى، وأن هذه المسيرة تأتي بشكل مدروس، وأن هذه المرحلة تتطلب أسلوبا جديدا في العمل والعلاج لأن هناك أنماطا جديدة من الأمراض العصرية التي أصبحت تصيب المجتمع السعودي مثل السمنة والسكري وأمراض القلب وأمراض معدية مثل هذه الفيروسات التي أصبحت عندنا، وقال وزير الصحة إن مسؤولياتنا كبيرة للوقاية من هذه الأمراض من خلال البحوث والدراسات، وأن المملكة سوف تكون سباقة في مجال البحث العلمي من خلال تضافر الجهود بين القطاعات المختلفة، موضحاً معاليه أن هناك جهودا تبذل مع وزارة الشؤون البلدية، من خلال لجان مشتركة للحفاظ على صحة المواطن.
من جانبه، قال معالي وزير الزراعة عبدالرحمن الفضلي إن العمل الانفرادي انتهى من غير رجعة.. نحن نعمل كفريق واحد مشترك عملاً موحداً من خلال البحث والدراسة.
وأضاف سمو الأمير تركي أنه ليس هناك ميزانية معينة لهذا المشروع بين هذه الجهات، الميزانية مفتوحة لهذا العمل الوطني الجماعي، وميزانية المدينة في خدمة هذا البحث حتى نعرف النتائج، موضحاً سموه أنه سيكون هناك تعاون مشترك مع العديد من الجهات التي تعنى بالبحوث العلمية، سواء داخل المملكة أو خارجها، ومع خبراء عالميين في أمراض الفيروسات في مجال الأبحاث التي فيها فائدة.
وأضاف وزير الصحة دكتور الفالح أن هناك خبراء لديهم استعداد للمشاركة والتعاون في تمويل بعض البحوث والدراسات، مشيراً معاليه إلى أن هناك ندوة ستقام خلال الأسبوع المقبل في الرياض، وسوف يشارك فيها ما يقارب 70 خبيراً عالمياً، وعلى مستوى عال في مجال أبحاث الأمراض والأمصال..
وفي سؤال لـ(الجزيرة) عن علاقة الإبل في المملكة بهذا المرض؟ وهل ثبت بالفعل وجود علاقة؟.. علق وكيل وزارة الزراعة للثروة الحيوانية حمد البطشان قائلاً: هناك تعاون بيننا وبين الجامعات السعودية في هذا المجال، وتم توثيق بعض الأبحاث حول هذه العلاقة.
وقال البطشان: نعم هناك علاقة أكيدة وقوية حيث وجدنا أن 80 في المائة من الإبل أظهرت وجود أجسام مناعية لهذا النوع من الإبل، بمعنى أن هذا المرض قد مر عليها طوال حياتها، أثبتنا أن 3 في المائة من الإبل مفرزة للفيروس، موضحاً أن الفيروس موجود في الإبل؛ حيث إن بحوث وزارة الزراعة أو البحوث العالمية أو بحوث الجامعات السعودية، وفي دول مجلس التعاون أثبتت ذلك.
وعلق وزير الصحة على ذلك قائلاً: عندما فحصنا وأخذنا عينات عشوائية من المواطنين والمقيمين في المملكة وجدنا أن مخالطي الإبل الذين يوجد فيهم نسبة الفيروس 15 ضعف العدد الموجود عند المواطنين بشكل عام، بينما من يعملون في المسالخ ويحتكون بالإبل عن قرب، نسبتهم أكثر من المخالطين بشكل عام.. ونحن لا نتحدث عن وجود الفيروس في الإبل، بل ثبت أن من يخالطون الإبل أو من يعملون معها أو من يعملون في مسالخ وذبح الإبل، نسبة وجود الفيروس عندهم واردة، وقد لا تكون عليهم أعراض، ولكن الفيروس ينمو عند الإنسان بشكل كبير.
وقال الأمير تركي بن سعود إنه فيما يخص الجانب البحثي بين المدينة والجامعات السعودية فإن هذه البحوث سوف تلقي الضوء على هذه الجوانب المهمة، وسوف تعطي تفاصيل أكثر وسوف تطرح هذه البحوث عن المجتمع وستدعم من قِبل الجامعات السعودية.
وحول سؤال لوزير الصحة عن علاقة هذه الاتفاقيات ومركز البحوث والتحكم بالوزارة، قال معاليه: هناك نية لإنشاء مركز للتحكم بالأمراض مشابه لما هو موجود في العالم، للتحكم بالأمراض والأوبئة، وسيكون المركز مستقلاً عن وزارة الصحة، وتقديم الخدمات الصحية لمرافق الدولة، ونأمل أن يتم تأسيسه وتفعيله خلال العام المقبل، ووزارة الصحة تعمل على إنشاء وحدة داخل الوزارة للعمل على البحث العلمي لمواجهة التحديات الصحية التي تواجه الوطن.
وحول سؤال عن عدد الحالات التي مازالت تعالج من مرض كورونا، قال وزير الصحة: هناك خمس حالات فقط.. وخلال الأيام الماضية لم يصب أحد، والأرقام في تنازل من العدد الكبير الذي واجهناه بعد رمضان.
وحول سؤال لوزير الزراعة.. ما صحة إعدامات بعض الإبل؟ وهل هناك تعويضات لأصحابها؟
نفى وزير الزراعة مثل هذه الشائعات، وقال: لا صحة لها.. ولم يصدر أي حديث عن هذا الموضوع، ووزارة الزراعة تعمل على حماية الثروة الحيوانية.
وعلق وزير الصحة قائلاً: نشاط تربية الإبل هو نشاط اقتصادي في المملكة، هي جزء أساسي من تراث المملكة، وكل سعودي يحس بالقرب من الإبل، وهذه فطرة تعوّد عليها هذا الشعب.. وهناك من أسرتي من يملكون الإبل، وأنا أشرب حليب الإبل -سابقاً- وآكل لحمها ومازلت.. ونحن قطاع صحي.. لم نذكر أن هناك أي نية للتخلص من الإبل أو إعدامها بسبب حملها للفيروس.. الكورونا عندما يصيب الإنسان نسبة الوفيات عالية جداً، مشيراً معاليه إلى أن الإبل عندما تصاب بهذا المرض عندها قدرة عالية على التخلص منه.. لم نعلم حالات نفوق كبيرة للإبل، نحن نحذر من مخالطة الإبل في الوقت الحاضر حتى نجد وسيلة رادعة لهذا المرض من خلال هذه الأبحاث لتطعيم الإبل أو تطعيم الملاك.. وفي الفترة هذه يجب تطوير الدراسات ووزارة الصحة لم تتوقف عن هذا الأمر.. ومنع التجمعات العشوائية للإبل وقربها من المناطق السكنية منع العدوى في المسالخ، وحلب النياق وبيعها على الطرق، وهذه تؤدي إلى تقليص الأمراض عند الناس.
وكيل وزارة الصحة.. للصحة العامة
وقد ألقى دكتور عبدالعزيز بن عبدالله السعيد وكيل وزارة الصحة للصحة العامة رئيس مركز القيادة والتحكم بوزارة الصحة ورئيس لجنة البحث العلمي بلجنته المشتركة لمرض كورونا بين هذه الجهات كلمة قال فيها: إن هذا المشروع هو فاتحة خير لرفع مستوى الخدمات العلاجية للمواطن، والتصدي للأمراض المعدية، ومواجهة مثل هذه الفيروسات، ومن خلال بنية قوية في مجال الأبحاث والدراسات وفتح مجالات أمام الباحثين لإجراء بحوثهم، مشيراً إلى أن وجود المدينة في هذا الخط هو خطوة جيدة لوجود التقنية، ولما لهذه المدينة من خبرات في مجال الأبحاث، ونحن اليوم نشهد شراكة وطنية وإستراتيجية مهمة بين هذه الجهات وسيكون تحدياً مهماً. وأكد أن عدد الأبحاث التي أجريت على مرض (السارس) الذي يشابه مرض كورونا، أجريت عليه أبحاث تقارب 4 آلاف بحث خلال عام، فيما لم تتجاوز البحوث العلمية التي أجريت على مرض كورونا 400 بحث.. وهذا يتطلب الوصول من خلال هذا التعاون إلى أبحاث ذات قيمة علمية جيدة.