تجدد سيناريو «حرب الأسعار» بين شركات التأمين في الربع الرابع لـ(2015) ">
الجزيرة - طلال البطي:
تجدد سيناريو «حرب الأسعار» بين شركات التأمين السعودية لقطاع التأمين الطبي جراء انخفاض حاد في أسعار الوثيقة الفردية فيما يخص منتج الضمان الصحي التعاوني (التأمين الطبي)، ويتمثل ذلك في التراجع الكبير الذي تشهده الأسواق في أسعار وثائق الأفراد (خاصة الفئتين: ج - د). حيث يشهد الربع الرابع من 2015 اشتداد المنافسة بين تلك الشركات للاستحواذ على أكبر شريحة من الوافدين الراغبين في الحصول على أرخص تغطية طبية ممكنة، وتضع الشركات نفسها على المحك لسعي بعض إداراتها لتحقيق الربح المادي الذي فرضته مجالس الإدارة للسنة المالية الحالية، مع إدراكهم التام بأن أية خسائر قد تنجم سيتم تسجيلها في ميزانية السنة المالية التالية.
وتأتي المنافسة الحالية بعد مرور 3 سنوات على اندلاع حرب الأسعار بين شركات تأمين سعودية في التأمين الصحي وتأمين المركبات، التي شهدها السوق في الربع الأخير من 2012م؛ مما نتج عنه حينها وقوع تلك الشركات في خسائر فادحة، أثرت بشدة على ملاءتها المالية، وعلى الفور تدخلت الجهة الرقابية «ساما» بحزم لحماية هذه الصناعة المهمة وإعادة التوازن إلى السوق. وتم وقف تلك المنافسة غير الحميدة عبر ربط الأسعار التي تقدمها شركات التأمين للمستفيدين بمعدل الخسائر التي تتكبدها، أو ما يعرف بالالتزام بأسعار الخبير الاكتواري (خبير الإحصاء التأميني).
وكشفت مصادر لـ «الجزيرة» أن معدل خسائر شركات التأمين لوثيقة الضمان الصحي التعاوني «التأمين الطبي» للأفراد تعد منخفضة في الوقت الراهن، مما أدى إلى قيام الخبير الاكتواري بتقديم أسعار مخفضة لهذا المنتج الحيوي عند مراجعته الدورية للأسعار، الأمر الذي شجع بعض شركات التأمين على الإقدام دون تروٍ على اقتناص الفرصة ومضاعفة مساعيها للوصول إلى أكبر شريحة من المشترين المستهدفين، إلى درجة أن سعر وثيقة التأمين الطبي وصلت في بعض الأحيان إلى ما دون 215 ريالاً.
وأكَّد الخبير التأميني صالح العمير وجود حرب أسعار بين شركات التأمين، مرجحًا الأسباب لضعف الرقابة من قبل «الجهة الرقابية لقطاع التأمين الصحي» لعدم التأكَّد من تفعيل شبكة المستشفيات لدى المستفيد التي قد تقود الشركات إلى الفوضوية وعدم استقرار القطاع، لافتًا إلى أن مثل هذه الممارسات غير المدروسة، وربما تعني جني أرباح مالية على المدى القصير، لكنها على المدى المتوسط والبعيد ستضر بالشركات وصناعة التأمين الطبي بشكل عام، ولن يقتصر ذلك الضرر على الشركات فقط، بل سيتعداها إلى مقدمي الخدمات الصحية (مستشفيات ومختبرات وصيدليات الخ)، علاوة على ما سيحدثه من ضرر لسمعة صناعة التأمين بين الجمهور.
وأشار العمير إلى أن أكثر الشركات ذات العمالة الكبيرة تحولت إلى تأمينات فردية لتفادي شراء الوثيقة الجماعية خوفًا من ارتفاع الأسعار.
ولفت العمير إلى أن حقيقة تأمينات الأفراد فئة (ج، د) تستخدم لغرض تجديد الإقامة ولا يستطيع حاملها الحصول على الخدمة وأصبح هذا النوع من التأمين مربحًا لشركات التأمين وكذلك شركات إعادة التأمين، ولكنه للأسف كان كارثيًا على أخلاقيات سوق التأمين وعلى صحة العامل البسيط وكذلك حرم القطاع الصحي وقطاع التأمين من مداخيل عالية ذات تأثير كبير على الاقتصاد الوطني، مشير إلى أن هذا النوع من التأمين والطريقة التي يدار بها أثر على سمعة السوق السعودي عالميًا وخصوصًا في سوق إعادة التأمين.
من جهته، قال ماجد سرور الرئيس التنفيذي لشركة أمانة، بأن خفض أسعار وثيقة التأمين الطبي الفردية ليس في مصلحة الشركة والقطاع، وهذا يؤدي إلى حرب أسعار بين الشركات وخسائر في النتائج المالية لكل ربع سنة، مشيرًا إلى أن ضرورة إجراء موازنة بين الربح وحجم عملاء التأمين على أن يكون البيع فوق معدل الاكتواري مع أخذ الحيطة أن يكون هناك أرباح مركبة للشركة من خلال البيع الطبي الفردي.
ولفت السرور إلى أن بعض الشركات تعتقد أنها قادرة على إدارة المطالبات بطريقة جيدة حيث إنها تسيطر على المطالبات وبالتالي في مخزونها إنها تعطي أسعارًا أقل من الشركات، وإن التقديرات التي يعتقد البعض أنها طريقة صحيحة والبعض الآخر يرى أنها قد تسبّب خسائر للشركة، مشيرًا إلى أن مؤسسة النقد «ساما» ومجلس الضمان الصحي جهتان رقابيتان تشرفان على جميع أعمال شركات التأمين وتقدم لهما الشركات تقارير دورية.
وأبان أن غرض وثيقة التأمين هو تقديم الخدمة الطبية للمستفيدين وليس فقط تصحيح وضع الإقامة والجوازات، إلا أن بعض الشركات تسعى إلى الربحية والمبالغة في بيع الوثيقة لتقليص الخسائر إن وجدت.
فيما أكَّد المستشار التأميني لؤي عبده أن هناك حرب أسعار معلنة بين شركات التأمين بهدف جمع أكبر قدر من السيولة لتغطية خسائرها الوقتية رغم الضرر الكبير الذي سيطول هذه الشركات في المستقبل القريب، ولا سيما أن أسعار هذه الوثائق لا تغطي تكاليف التعويضات التي ستدفعها الشركات في حال تفعيل وثيقة التأمين والاستفادة منها من قبل العميل. وقال: في حال تزايد تكلفة الرعاية الصحية في السعودية وعدم ثباتها، يتسبّب ذلك في إيقاع الشركات بحرج قد يقودها إلى ارتكاب مخالفات لالتزاماتها المالية تجاه المستفيدين من هذه الوثائق أو أنها ستتكبّد تعويضات كبيرة تعجّل بتآكل رأسمالها.
في حين، أشار عبده إلى أن شركات التأمين تخوض منافسات «غير مدروسة»، ما تسبّب في خسائر أخرى، مشيرًا إلى أن المنافسة مطلوبة بين الشركات لوجود سوق تأمين مفتوح. وعن أداء قطاع التأمين في سوق الأسهم المحلية، أوضح عبده أنه يعد من أنشط القطاعات تداولاً من حيث عدد الأسهم وقيمتها، لافتًا إلى أن المحافظة عليه يعد من أولويات الشركة لا مفر منه لاقتصاد وطني حيوي وقوي. ووفقًا لتقرير سوق الأسهم «تداول» فإن قطاع التأمين يعد الأكثر استحواذا على قيمة التداولات والأسهم المتداولة فيها، كما أن له النصيب الأكبر من نسبة المتعلقين بالأسهم في السوق السعودية، وهو الأمر الذي ينبه إلى أن الجهات المشرعة تسعى إلى تحسين مستويات هذا القطاع، من خلال زيادة حجم المنافسة، إلا أن معظم الشركات كانت تعاني خسائر مالية فادحة، قادت بعضها إلى إيقاف أسهمها عن التداولات.