ها هي عدن وبعد معاناة وألم وحزن دام قرابة العام، تستعيد أنفاسها وتعود إليها البسمة من جديد .. عدن التي احتلتها الميليشيات الانقلابية وعاثت فيها كل أشكال العبث والتدمير والفساد تعود إليها اليوم الروح فتدب فيها الحياة من جديد .. عدن التي أنهكتها الحرب الظالمة وتمزقت أوصالها وشوهت ملامح جسدها العصابات الحوثية العفاشية تستعيد عافيتها وتتربع من جديد على عرش مجدها .. عدن اليوم بعد أن حررتها المقاومة الشعبية المسنودة بقوى التحالف العربي من بطش الانقلابيين تحتضن ابنائها مجدداً فتمنحهم دفئ حبها وحنانها .. عدن اليوم تنتصر وتقف مجددا على أقدامها وتضرب أبلغ معاني الصمود والتضحية .. عدن ثغر اليمن الباسم تشمر من جديد عن ساعد الجد والاجتهاد لترمم ما أصابها من جروح وأوجاع وتأخذ بيد أبنائها ليعيدوا بناء وتعمير ما خلفته الحرب .. فكم هو مفرح أن نسمع عن مبادرات شبابية ونشاهد نشاطا غير مسبوق لأبناء عدن وقد شمروا عن سواعد الجد ليعيدوا لمدينتهم رونقها المسلوب، فكم من مبادرات أطلقت وكم من جهود مشتركة بين السلطة المحلية والمجتمع المدني نلمسها في الميدان، وجلها تصب في اتجاه إعادة الأعمار وتطبيع الأوضاع في هذه المدينة الساحرة.
لقد نجحت قوات التحالف منذ دخولها مدينة عدن لمناصرة الشرعية في تثبيت دعائم الأمن والاستقرار، وأن تعيد لأبنائها روح التفاؤل والأمل بغد مشرق ومزدهر في ظل دولة مدنية حديثة تسودها العدالة والحرية والمساواة، ونجحت هذه القوات إلى حد كبير في تأمين عدن من شرور أطماع المعتدين وساهمت في إعادة الحياة الطبيعية فيها، مساندة جهود السلطة المحلية في توفير متطلبات الحياة، وتأمين الخدمات الأساسية للمواطنين.
كم أثلج صدري، ما سمعناه مؤخرا، عن صدور قرار حظر حمل السلاح في عدن وتطبيقه على أرض الواقع على الجميع دون تمييز بمن فيهم أفراد المقاومة الشعبية الذين حملوا أرواحهم على أكفهم وهم يدافعون عن مدينتهم بكل شجاعة وابتسال حتى تحقق لهم النصر والتحرير، إن صدور مثل هذا القرار في هذا التوقيت وفي هذه الظروف له دلالات عميقة ورسائل قوية لكل العابثين بأن عدن لم ولن تكون إلا مدينة مدنية يعم فيها السلام والوئام، وهو أيضاً تأكيد صادقاً عن العزم والحزم في إعادة الأمل إلى عدن واليمن ليسود فيها النظام والقانون على الجميع دون استثناء، إنه قرار شجاع يؤسس لغد مشرق تحافظ فيه عدن على ابتسامتها المعهودة، وهو خطوة في الاتجاه الصحيح لتمكين السلطات الشرعية من ممارسة صلاحياتها والقيام بمسئولياتها وواجباتها تجاه المواطنين، وهي في الأخير رسالة شكر لكل من ضحى وبذل في سبيل تحرير عدن ممن حملوا السلاح من المقاومة الشعبية والمدنيين تقول لهم «كفيتم ووفيتم» آن الأوان لتسلموا السلاح وتفسحوا المجال للسلطات الرسمية لتقوم بواجباتها المطلوبة.
اليوم عدن تقدم أيضا أنموذجا فريدا في تحمل الجميع للمسئولية وتحقيق مبدأ الشراكة الفعلية في إدارة شئون المحافظة من خلال قرار المحافظ بتشكيل مجلس حكما للمحافظة من الشخصيات الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والشباب والمرأة، فتحية لمحافظ عدن، ونشد على أيادي الجميع للعمل بروح الفريق الواحد من أجل عدن، ومن أجل مستقبل اليمن.
بشير عبدالله - مدينة عدن - كريتر
yaljazeera@gmail.com