السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أشير إلى ما نُشر في جريدة الجزيرة في اليوم التاسع عشر من شهر ذي الحجة لهذا العام (1436هـ) في الصفحة الأخيرة بقلم الزميل الأستاذ (سعد الدوسري) بعنوان: (عذاب مراكز التأهيل) والذي أوضح فيه ما يعانيه بعض نزلاء مراكز التأهيل المهني بالمملكة (من ذوي الاحتياجات الخاصة)، حيث ضرب مثلاً بشاب تعرض لعنف جسدي على يد اثنين من العمالة (الآسيوية) في مركز التأهيل الشامل في جدة، أُصيب خلاله بعنف جسدي على بعض أجزاء من جسمه منها (كدمات في الوجه وجروح متعمقة في جسمه وتجمعات دموية في ظهره)، وقد أثبت التقرير الطبي ذلك عن طريق الشرطة، وقال الكاتب إن التحقيقات لن تجدي ولا العقوبات وإن الحل الوحيد هو قيادات جديدة.. إلخ.
أقول تعليقاً على هذا.. أولاً: أشكر الزميل على طرح هذه القضية.. ثانياً: هذه ليست المرة الأولى أو الثانية أو الثالثة وأكثر تحصل هذه المواقف من الاعتداء على هذه الفئة الغالية علينا جميعاً، لأنهم أبناؤنا قبل كل شيء، وأنهم أفراد من أفراد المجتمع يجب أن يحظوا بالرعاية والاهتمام ليس عطفاً عليهم، بل واجب أوجبته الدولة دون منّة أو أذى، فلماذا نستضعفهم ونحطهم ونجعلهم في موقف المستضعف والضعيف.. الدولة - أعزها الله - تصرف المليارات كل عام من ضمن ميزانية وزارة الشئون الاجتماعية لرعاية هؤلاء المعاقين، سواء بالإعانات السنوية التي قد تصل إلى عشرين ألف ريال سنوياً للفرد المعاق، أو بالرعاية داخل مراكز التأهيل من أجل تأهيلهم كل حسب إعاقته، أو رعايتهم رعاية كاملة على مدى اليوم الكامل من إعاشة يومية وكساء ورعاية طبية، إضافة إلى المستلزمات الطبية والعلاج الطبيعي، وكما قلت هذا الموقف الذي حصل لهذا الشاب في مركز جدة وتعرضه للعنف، سبق وأن حصل في وادي الدواسر جنوب مملكتنا الحبيبة، وفي الرياض العاصمة، وكذلك في إحدى مدن جنوب المملكة وغيرها، إلى درجة أنه تم ربط أحد المعاقين بحديد سلم الدرج، وهذا كله ناتج عن تقصير القائمين والعاملين في هذه المراكز على مختلف المستويات الوظيفية (من مدير المركز ومن أخصائيين نفسيين واجتماعيين ومراقبين... إلخ)، لأنه لو كان هناك مراقبة ومتابعة ميدانية على مدار الساعة لم يحصل هذا الموقف وغيره من المواقف السابقة والمشابهة، إضافة إلى أنه أيضاً قد يكون هناك تقصير من الإدارة المركزية في ديوان وكالة الشئون الاجتماعية من الإدارة العامة المعنية بالإشراف على هذه المراكز، لأنها قد تركز على الجانب الإداري والتنظيري، ولا تعطي المتابعة الميدانية الاهتمام الأكبر، وأنا هنا أكتب من واقع ميداني وخبرة امتدت لأكثر من ثلاثين سنة في التعامل مع الأنفس البشرية التي تحتاج إلى خدمة على مدار الساعة في أكثر من مؤسسة ودار اجتماعية، لذا فإنني أعتبر المتابعة الميدانية مع هذه الفئات هي روح العامل، وهي التي تسيّر وتسهّل العمل بنسبة 90%.
أما بقية العمل، فهي أعمال مكتبية مساعدة ومساندة للرعاية الميدانية حتى تجد هذه الفئات من معاقين وذوي احتياجات خاصة وأيتام ومسنين وأحداث معرضين للانحراف ومنحرفين، حقها من الرعاية والاهتمام، أما التغني بالمشروعات والمباني والخدمات الفندقية، فهي عامل ثانوي صحيح هي مطلوبة، لكن لا تطغى على لب العمل حتى يجد كل صاحب حق حقه من الرعاية والاهتمام دون منة أو أذى، ثم لماذا لا تدرب وتفهم هذه العمالة - رجالاً ونساء - بطبيعة عملهم في بلدانهم قبل استحضارهم لهذه المراكز عن كيفية التعامل مع هذه الفئة من حيث حملهم وإركابهم واستحمامهم وطريقة أكلهم ونومهم واستيقاظهم... إلخ.
والله من وراء القصد.
- مندل عبد الله القباع