محمد السهلي - الرياض:
أكَّد وزير المالية الألماني فولفجانج شيوبله أن التمويل الإسلامي يكتسب أهمية متزايدة في الاقتصاد العالمي ويجب دمجه على نحو أفضل في النظام المالي العالمي.
وقال شيوبله أمام وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بمجموعة العشرين «لدينا جميعًا الآن فهم أفضل لمخاطر ودور التمويل الإسلامي».
وأضاف الوزير الألماني أن البنك الدولي والبنك الإسلامي للتنمية وبلدانا في مقدمتها السعودية وجنوب إفريقيا تبادلت خبرات عملية في التمويل المدعوم بأصول والتمويل الإسلامي على وجه الخصوص على مدى العام المنصرم.
معلوم أن مجموعة العشرين قد أدرجت الصكوك على جدول أعمالها السنوي في خطوة من شأنها أن تشجع على استخدام صكوك المشروعات. ويقول البنك الدولي: إن الدول النامية تنفق نحو تريليون دولار سنويًا على البنية التحتية وثمة حاجة إلى ما بين مليار و1.5 مليار حتى عام 2020 في مجالات مثل مشروعات المياه والطاقة والنقل. ويمكن سد جزء من هذه الاحتياجات من خلال الصكوك التي بدأت تكتسب أهمية خارج أسواقها الرئيسة في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا.
وفي العام الماضي طرحت بريطانيا وهونج كونج إصدارات صكوك للمرة الأولى.
ويمكن حتى استخدام الصكوك لمعالجة القضايا الإنسانية الضخمة التي يعاني منها العالم. حيث تعتزم وكالات دولية جمع مليارات الدولارات لمعالجة أزمة اللاجئين المتفاقمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من خلال إصدار سندات جديدة لمساعدة المشردين ودعم عمليات الإعمار في المنطقة التي تمزقها الحروب.
وأعلنت الأمم المتحدة والبنك الدولي وبنك التنمية الإسلامي هذا الاقتراح بعد اجتماع صناع السياسة العالميين لبحث سبل تخفيف الأزمة الإنسانية والاقتصادية الناجمة عن صراعات في دول من بينها سوريا والعراق واليمن وليبيا.
وقال جيم يونج كيم رئيس البنك الدولي إن أكثر من 15 مليون شخص فروا من ديارهم مما أدى إلى تدفق سيل جارف من اللاجئين إلى دول مثل لبنان والأردن. وستطلب المبادرة ذات المسارين من الدول المانحة توفير ضمانات لسندات لجمع أموال لمشروعات معينة تتراوح من دعم اللاجئين إلى إعادة البناء للسماح للنازحين بالعودة إلى ديارهم. وسيكون بعضها سندات إسلامية أو صكوك مستهدفة المستثمرين في المنطقة.
وبالعودة إلى ألمانيا، قال شيوبله وفقًا لنص كلمته الذي وزعه الوفد الألماني «تزداد أهمية التمويل الإسلامي في الاقتصاد العالمي ولذلك فإن من المهم للمؤسسات المالية الدولية أن تدرس المسائل المرتبطة بكيفية اندماج التمويل الإسلامي في النظام المالي العالمي».
وطبيعة التمويل الإسلامي القائمة على الأصول تجعله مثاليًا من الناحية النظرية لتنفيذ مشروعات للبنية التحتية مثل بناء شبكات الطرق السريعة وتشييد الموانئ وغيرها من المشروعات الكبيرة.
ووفقًا للبنك الآسيوي للتنمية فإن آسيا وحدها ستحتاج إلى ما يقدر بنحو 800 مليار دولار سنويًا على مدار الأعوام العشرة المقبلة لتمويل مشروعات البنية التحتية
ويتمتع عدد من الدول ذات الأغلبية المسلمة بمواقع مهمة على مستوى السياسات الاقتصادية لمجموعة العشرين. وتتولي تركيا رئاسة مجموعة العشرين العام الجاري وتشغل إندونيسيا منصب الرئيس المشارك للجنة العمل الخاصة بالاستثمار والبنية التحتية في المجموعة واختيرت ماليزيا كدولة ضيف لتمثيل مجموعة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
وحثت مجموعة العشرين الجهات التنظيمية على دراسة سبل دمج الصكوك في أطر العمل خاصة بسياساتها النقدية وأن يضم صندوق النقد الدولي الصكوك في دراسته المقبلة للتمويل المرتكز على الأصول.
وقال محمد داماك رئيس التمويل الإسلامي في وكالة التصنيف الائتماني ستاندرد اند بورز «قد يحمل ذلك أنباء طيبة لسوق الصكوك». بالطبع إذا خلص صندوق النقد الدولي إلى أنها أداة ملائمة لتمويل البنية التحتية فقد تجتذب اهتمامًا إضافيًا من مجموعة أكبر من الدول سواء المصدرين التقليديين وغير التقليديين للصكوك».
وفي الغالب كانت السندات التقليدية التي ترتبها وتسوقها البنوك الغربية هي الخيار الأول لصفقات الدين الخاصة بالبنية التحتية. وبصفة عامة فإن القوائم المالية للبنوك الإسلامية أصغر من أن تستوعب إصدارات كبيرة جدًا لآجال طويلة.
وحتى الآن استأثر البنك الإسلامي للتنمية الذي مقره جدة وهو مؤسسة متعددة الجنسيات تمثل 56 دولة مسلمة بنصيب الأسد من صفقات التمويل الإسلامي للبنية التحتية.
غير أن بنوكًا إسلامية من القطاع الخاص تحتفظ بمبالغ أكبر وآخذة في النمو لذا يحاول البنك الإسلامي للتنمية بالتعاون مع مجموعة العشرين استغلال هذه الأموال.
سندات للاجئين وإعادة البناء
وقال حافظ غانم نائب رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وأوروبا أنه سيُطلب من المانحين أيضًا تقديم منح لخفض أسعار الفائدة للدول التي تستضيف الجزء الأكبر من اللاجئين من الأسعار التجارية لمستوى يصل للصفر.
وقال بعد الاجتماع الذي عُقد خلال الاجتماعات السنوية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي إن «الناس يركزون على الوضع في سوريا بسبب ما يحدث في أوروبا ولكن لديكم بشكل فعلي الوضع في اليمن الخطير جدًا أيضا».
وتتوقع الأمم المتحدة وصول مئات الآلاف من المهاجرين إلى أوروبا هذا العام مع فرارهم من الحرب والفقر في أكبر موجة من النازحين منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال غانم إن التعبير عن الدعم جاء من مجموعة السبع ودول أوروبية أخرى للمبادرة التي قد تجمع أموالاً بالمليارات خلال فترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات.
وقال «كل منا لديه مصلحة ذاتية في هذا.
«عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يؤثر على العالم بأسره ليس فقط من خلال النازحين ولكن أيضًا من خلال الإرهاب والتذبذب في أسعار النفط ولذلك فإن المجتمع الدولي كله له مصلحة فعلاً في احتواء هذا وفي مساعدة تلك الدول على استعادة الاستقرار والعودة إلى طريق التنمية والنمو».
وستضع مجموعة عمل اللمسات الأخيرة في تفاصيل عملية جمع الأموال المقترحة بحلول فبراير شباط.