د. منصور بن عبدالعزيز الدعجاني ">
نعيش هذه الأيام «عاصفة الحزم» في أجواء من حولنا تعج بالمشكلات السياسية والاقتصادية والحروب. وبلا شك فإن كل قطاع من قطاعات هذا الوطن يلعب دوراً أساسياً في هذا المجال. فالجهات العسكرية والأمنية مثلاً تقوم بدور كبير في تطهير اليمن من الميليشات التي سيطرت على مقدرات هذا البلد الشقيق. كما أن الجهات السياسية تقوم بعمل جبار في دعم هذه العمليات في كافة المنابر الدولية. والسؤال الذي يطرح نفسه, أين جامعاتنا السعودية من هذا كله؟ وما هو الدور الذي من الممكن أن تلعبه في هذا المجال؟
من المعلوم أن الجامعات ومعاهد البحث تعتبر رافداً إستراتيجياً للوطن تسهم في التقدم العلمي والتقني وتقدِّم الدراسات والبحوث في كافة المجالات. وأبرز أدوار الجامعات ومعاهد البحوث يكمن في تطوير وتطويع التقنيات الحديثة بما يُمكِّن من بدء صناعات متقدّمة في المجالات المطلوبة والحيوية. بلا شك, فإن قوة الأمم تُقاس بمدى اكتفائها الذاتي في المجالات الحيوية والإستراتيجية. ولذلك فإن دول مثل إيران وإسرائيل دائماً ما تطلّ علينا بصناعات محلية تعدها قوة إستراتيجية وتستعرض بها أمام العالم. وذكّرني ذلك بكلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأخيرة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما قال: «المعرفة الإسرائيلية في كل العالم في حواسيبكم وهواتفكم وعندما تستخدمون الأقمار الصناعية.» واضح للعيان أن هذه الدول تعوّل كثيراً على التقدم العلمي والتقني والذي ينعكس على القوة السياسية والعسكرية وبالتالي يكون ورقة رابحة في أي عمل سياسي أو عسكري. كما أن العالم يحترم الدول المتقدّمة علمياً وتقنياً والمكتفية ذاتياً والمتميزة في صناعات تقنية معينة.
ولا شك أن مؤسساتنا العلمية والبحثية في المملكة تبذل الجهود في تطوير ونقل التقنية. ولكن المشاهد أن هذه الجهود أقل من المأمولة كمّاً وكيفاً وأثراً في الظروف التي نعيشها في هذه الفترة الزمنية. يجب أن تُضاف محاور جديدة لهذه المؤسسات تسهم إسهاماً مباشراً في تطوير التقنيات التي تحتاجها المملكة في حربها ضد الإرهاب والجماعات المتطرفة. كما يجب أن تتكاتف كل الجهات المعنية وتتضافر الجهود بين هذه الجهات لخلق اكتفاء ذاتي في هذا المجال. يجب أن يكون تركيز أساتذتنا وعلمائنا وباحثينا على تنفيذ مشروعات بحثية تطبيقية تنتهي بمنتجات سعودية ترفع الرأس أمام العالم أجمع. وعلى سبيل المثال لا الحصر ما يتعلّق بتقنيات الحرب الإلكترونية والاتصالات والتشفير والرادار والأسلحة والعربات الآلية والطيارات بدون طيار والإعلام الجديد. إن على أعضاء هيئة التدريس والباحثين أن يأخذوا بزمام المبادرة كلٌّ في مجال تخصصه والعمل الجاد والدؤوب للوصول لهذه الغاية، لتحقيق قيمة مضافة ومكاسب حقيقية تفيد المملكة في هذه المرحلة الحساسة.