د. علي بن محمد الحماد ">
الرياض اسم على مسماه، ولفظ يطابق معناه، الرياض هي عاصمتنا، والعاصمة تعقد فيها معاصم الأمور ومعاقد الحكم.. (سقى الله أرضاً لوظفرت بتربها .. كحلت به من شدة الشوق أجفاني)..
وكلما أحدقت بنا الحروب وأطلت علينا الفتن كلما تشبثنا بحب عاصمتنا، وصارت ملء السمع والبصر.. {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ....}، قال العلماء وصف الله حب الأوطان وشدة تعلق النفوس بها بأن الإخراج منها عنوة مساو للقتل وإراقة الدماء.. ولقد عانا المواطنون فيها وراغموا مراغماً كثيراً، من فوضى مرورية خلاقة، تبعث على الأسى، من (قطع الإشارات، والتهورات، وتجاوز السرعة، وعكس السير، وغيرها من المخالفات المرورية التي نسطلي ونكتوي بنارها على نواصي الطرقات، ليلاً ونهاراً، سراً وجهاراً..
من أين ابتدئ الحكاية كلها.. قصص تثير مكامن الأشجان.. حيث تبذل حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- جهوداً مضنية، ومشاريع جبارة للرقي في بلادنا إلى مصاف الدول المتقدمة، وتسن التشريعات، وتنظم القوانين، وتدفع الميزانيات الضخمة التي لو وزعت على قارة كاملة لوسعتها، ولكن المجتمع في الرياض يتململ ويتذمر من ما يرى من فوضى مؤسفة، وما كان ذلك ليكون لولا غفلة رجال المرور، أو غطيطهم في سبات عميق.. فخذ من المخالفات التي لها أول وليس لها آخر من قطع الإشارات، وتجاوز السرعة، والتهورات الجنونية، والسير على أكتاف الطريق، ولك أن تنظر الفوضى على يمين ويسار الطرق الدائرية الرئيسية في الرياض، وبالذات عندما ذهاب الموظفين لأعمالهم، فصار الذي (يحترم نفسه ويسير بانتظام يضام!! أما صاحب الفوضوية فيحظى بالأولوية!!!) وذلك إن هؤلاء قليلو الأدب يتجاوزون السيارات عن طريق الجوانب الترابية (الغبارية)... فيبقى الذي يحترم نفسه ويسير بانتظام يمسح الأتربة والغبار عن وجهة !! أما قليل الأدب فيصل بأسرع وقت دون عنا الزحام، وهذا مع الأسف يحصل في جميع مداخل الرياض.. وعلاجه لا يحتاج إلا إلى عشر صبات خرسانية وعشرة جنود مخلصين.. وهذا أبسط تحليل لمخالف واحد فقط... وقد كتبنا للمسؤولين وكتبنا في وسائل الإعلام، ولكن لا حياة لمن تنادي.. بل وقف المرور حائراً مكتوف الأيدي أمام هذا العبث المرور المخجل، وهذا يحصل جهارًا نهارًا والمواطنون يقلبون كفيهم لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا.. ولا شك أن هذا مما يوغر صدور المجتمع على الدولة التي لم تأل جهداً في رأب هذا الصدع والجرح النازف الذي يثعب دماً، فإلى الله المشتكى.. فإلى متى نكابد هذه المآسي يا إدارة المرور؟.. ألم يأن لكم أن تراجعوا أنظمتكم؟ وتعيدوا النظر في إجراءاتكم، وتستيقظوا من رقدتكم، وتفيقوا من سباتكم؟.
أسأل الله ان يوفقكم لاجتثاث آفة الإرهاب المروري الذي أقض مضاجع المواطنين ونغص عليهم جيئهم وذهابهم، حتى صار الرجل في تحد مع أعصابه كيف يضبطها ويلجمها مع ما يلاقيه وما يعانيه من هؤلاء الشباب المتهور.. والسلام عليكم.
- رياض الخبراء