(مواقف وأشهاد) يستعرض مسيرة 41 عاماً أفناها معالي الدكتور أسامة شبكشي في خدمة الوطن ">
قراءة وتحقيق - عبدالله بن فهد أباالجيش:
صدر عن معالي الأستاذ الدكتور أسامة بن عبد المجيد شبكشي رجل الدولة والسياسة والقلم ،كتاب وثّق فيه سيرته الشخصية التي امتدت لعقود طويلة من العمل أفناها في خدمة دينه وملوكه ووطنه، حيث عنون معاليه كتابه بـ (مواقف وأشهاد)، والكتاب مقسم إلى ثلاثة أجزاء رئيسية تفرعت تحتها ثمانية عشر فصلاً بمجموع ستمائة صفحة ثرية بدروس في الإدارة والتعليم والصحة والدبلوماسية، وبمواقف تمثلت فيها العزيمة والحزم والشدة تارة والعطف والرحمة والإنسانية تارة أخرى، إذ خصص المؤلف الجزء الأول لنشأته وتعليمه والثاني حول تجربته في وزارة الصحة كوزير لها والثالث لفترة تمديده وزيراً، ويبتدئ معالي الدكتور شبكشي كتابه والذي ابتدأ بمقدمته في الحديث عن الأسباب التي دفعته لتأليفه، فيذكر أنه بعد ما قطع به قطار العمر ثلاثة أرباع الطريق، وأصبح في خريف العمر ووهن العظم منه، وغطى الشيب هامته، وصار يقبِّله زملاؤه على جبهته، اقترح عليه ثلة من الإخوة والأصدقاء والزملاء أن يدوّن ذكرياته عن تجارب عمره الشخصية وأحداث المراحل الزمنية المختلفة التي عاصرها.
وقد كان هذا أحد الباعثين له على تدوينها. ونشرها على صفحات كتابه مواقف وأشهاد، الذي وضعه بين يدي القارئ،كما أوعز معاليه أن هناك سبباً آخر دعاه لتأليف هذا الكتاب وهو قناعته بأن يكسب شخصاً آخر خبرة واسعة وتجربة غنية في الحياة، ويؤكد هذه القناعة بقوله في كتابه (إنّ في الحديث عن النفس مشقة بالغة؛ فهو في نهاية المطاف يعكس ما يراه الشخص من نفسه - بعينيه فحسب، ولا يصحبه إدراك لدوافع الآخرين، وانطباعاتهم، ومواقفهم، غاياتهم، فضلاً عما يعتري المرء حال الكتابة عن سيرته الشخصية , وهو مما ينبغي وقوعه - من شعور بضرورة التنويه بأشخاص آخرين، أو هيئات، أو أفكار، كانت متفاعلة معه، سواء سلباً أو إيجاباً، وأرى أن ما أحاول إيراده بين دفتي هذا الكتاب حصيلة تجربة ثرية، أغنت صاحبها في كل الأحوال:
لقد جربت هذا الدهر حتى **** أفادتني التجارب والعناء، لقد تدرّجت في عدد من الوظائف والمناصب الحكومية، متنقلاً عبر هذه التجربة بين عدة محطات: فمن جامعة الملك عبد العزيز بجدة، إلى وزارة الصحة بالرياض، ومنها إلى الديوان الملكي، لأعود وأشد الرحال مرة أخرى، ملبياً نداء الواجب، ومنتقلاَ إلى سفارة خادم الحرمين الشريفين في ألمانيا، حيث أمضيت طرفاً من شبابي. وإذ إنّ العمر بيد الله سبحانه وتعالى، ولا أدري متى سأنتقل إلى دار الحق؛ فسأبدأ بعون من الله تعالى في تدوين مذكراتي، وبخاصة تلك التي تخص حياتي الوظيفية، معززة بالصور، وشهادات الآخرين، والمقابلات الصحفية، على مراحل؛ حسب محطات تحمل أعباء المسؤولية التي مررت بها، مع سوق المجريات، والمواقف المختلفة وفقاً لترتيبها الزمني. مما يعني أحياناً الجنوح إلى الاستطراد للحديث عن بعض الحوادث والمجريات، التي لا صلة لها بالمهام الوظيفية، وذلك مراعاة للتسلسل الزمني).
النشأة والتعليم
الطفولة والنشأة: الكي..، وما أدراك ما الكي
في هذا الفصل يتحدث المؤلف عن طفولته ونشأته حيث أبصر النور يوم الجمعة في العشرين من ذي الحجة لعام ألف وثلاثمائة وثلاث وستين من الهجرة النبوية، في منزل جده لأبيه بحارة المظلوم بمدينة جدة، ويشير المؤلف إلى أن والده تمنى أن يرزق بطفلة، وفي اليوم السابع بعد ولادته قام والده معالي الشيخ عبد المجيد شبكشي - رحمه الله - بتسميته (أسامة)، ثم ينتقل المؤلف إلى مشواره الدراسي والذي ابتدأه في مدرسة الفلاح لمن هو دون سن السابعة في أحد الأيام وبهذه المرحلة رأى طفلاً في سنه، يخرج من دورة المياه متألماً، فأخذ يقرأ في أسباب تألمه، متسائلاً إن كان مصرانه أي القولون هو السبب... وكانت هذه المرة الأولى التي يفكر فيها بالأمراض، وطرق تشخيص الحالة المرضية.
وحين بلغ السادسة انتقل للدراسة في السودان مع ابن عمه هشام صالح شبكشي, ومنها إلى لبنان عام 1953م إذ يقول الكاتب: (وخلال ذلك العام (1953م) توفي الملك المؤسِّس عبد العزيز آل سعود - رحمه الله -؛ فحزنت جداً لوفاته). وبعد ذلك تطرّق شبكشي إلى انتقاله للأسكندرية وتحديداً إلى فيكتوريا كوليدج بعدما ما يزيد على عام في دراسته فيها عاد إلى أرض الوطن وقد بلغ الخامسة عشر ربيعاً، متذكراً أن الملك سعود - رحمه الله - زار مدرسته والتي كانت تسمى آنذاك بالقصور السبعة هي ومجموعة من المدارس، ويكمل المؤلف سرد سيرته والتي أعادته لمصر مرة أخرى مع نهاية الفترة الإعدادية، عائداً للمملكة مرة أخرى بالصف الثاني الثانوي وعقد العزم للحصول على بعثة دراسية لإكمال دراسته الجامعية، حيث التحق بمدارس الثغر النموذجية، التي انتقلت من الطائف لجدة وكان يعاني من صعوبة الحياة، وشظف العيش في سن لم تتجاوز السادسة عشرة. ويذكر الدكتور شبكشي انه لم يحصل على النسبة المئوية التي تؤهله للتخرج من الثانوية للابتعاث، مشيراً إلى الصعوبات التي واجهته في طريق تحقيق حلمه، إذ يستذكر تلك الصعاب قائلاً: ( على ضوء تلك النتيجة غير المتوقعة والمؤلمة، كان لديّ أحد الخيارين التاليين: وأعاني ما عانيت منه خلال عام كامل وهو ما يعني خطوة إلى الخلف، وعودة عقارب الساعة إلى الوراء، أو أن أسعى للابتعاث عن طريق الدولة، أو على حساب والدي، لاسيما أن الجامعات السعودية آنذاك لم تكن قد فتحت أبوابها للأسف الشديد. فما كان من والدي - رحمه الله - إلا أكرمني بحضوره إلى مدينة جدة، ظاناً أن أصدقاءه ومعارفه لن يخذلوه، في زمن عز فيه المعين وقلّ المساعد ثم من مرة كانت الأبواب توصد فيها أمامنا، دون السماح لنا بالدخول؛.وكم كنت أتأثر، وأنا أرى الأسى بادياً على محيا والدي - رحمه الله -، عندما كان يذهب لمن يحسبه صديقاً، فإذا بالصديق يتحاشى رؤيته، أو يتجاهل معرفته أصلاً، أو يطلب من السكرتير، أن يعتذر للوالد بانشغاله في اجتماع ما!. حتى إنني أذكر أننا اضطررنا إلى السفر بسيارة (لوري) خاص بالبريد من جدة إلى الرياض، وذهبت مع والدي إلى وزير، كانت تربطه من قبل بوالدي صداقة قديمة. وكان والدي يظن أن بإمكانه الاعتماد على تلك الصداقة، لتمرير طلبه بابتعاثي على نفقة الدولة. وكم كان الألم يعتصرني، حينما وقفنا على باب الوزارة لأكثر من الساعة والنصف، وإذا بالسكرتير يخبرنا، بأنمن كان والدي يحسبه صديقاً في اجتماع، ولن يتمكن من مقابلتنا. فسأله الوالد إن كان بإمكانه أن يقابله ظهراً، أو عصراً، أو في اليوم التالي؛ فاحتد السكرتير وأجابه زاجراً، بأن ذلك الوزير الصديق في اجتماعات دائمة).
طلب العلم مغرباً
في هذا الفصل يتحدث المؤلف عن فترة دراسته الطب البشري بألمانيا إذ يشير لتلك الحقبة بقوله: ( وعند سفري منحني الوالد - رحمه الله - إحدى بذله من الصوف، وكانت كبيرة على جسدي؛ لكن ما كان لي خيار غير قبولها. وأهداني كذلك معطفاً دافئاً كان يملكه من أيام العسكرية. وكان المعطف طويلاً، يكاد يلامس الأرض. ثم اكتشفت عند وصولي إلى مطار فرانكفورت، أنّ المعطف لا يقي من برد شتاء ألمانيا القارس إطلاقاً)، حيث وصل الكاتب إلى ألمانيا وهو لا يملك من المال للعيش والتعلُّم الا ما يغطي الثلاثة أشهر مما ألجأه للعمل في العديد من المهن كبائع للآيس كريم في أطراف مدينة تريير ومزارع في أحد الحقول لمدة اثنتي عشرة ساعة يومياً، لدرجة أنه كان ينام أحياناً منحنياً من شدة الألم، كما عمل في مصنع للبسكويت كذلك، حتى أنه في إحدى المرات عمل في مصنع للغواصات وكان ضجيج المكائن عالياً والصوت القوي يمزق أذنيه حتى أصابه بالصمم، منتقلاً بعد ذلك لمدينة كيل لدراسة المرحلة الجامعية ومن بين أربعة آلاف متقدم لم يقبل سوى مائة وثمانين طالباً كان المؤلف منهم، واستمر يعمل ليلاً ويدرس نهاراً، واستمر به الحال على هذا المنوال حتى تحصّل على درجة البكالوريوس حائزاً على الترتيب الأول على ولاية بافاريا، عاد بعدها إلى المملكة متوجهاً لوالده الذي صادف أن كان يتواجد عنده حينها الملحق الثقافي الألماني بالمملكة، وناول المؤلف والده وثيقة تخرجه المكتوبة بالألمانية فأعطاها لذلك الملحق الألماني والذي يتحدث العربية بطلاقة، فأخبره أن ابنه تخرج وبامتياز، فعلت ملامح السرور والغبطة على والده ونظر إليه قائلاً (بيضت وجهي الله يبيض وجهك)، حيث عاد الكاتب بعد ذلك إلى أرض الوطن ليحصل على وظيفة مناسبة إلا أن معالي الشيخ حسن آل الشيخ وزير التعليم العالي آنذاك، أكد على ضرورة عودته إلى ألمانيا ليكمل الدراسة العليا في مجال الأمراض الباطنية، وأثناء تلك الفترة اقترن بشريكة حياته ... يكمل المؤلف سرد مسيرة حياته في الحديث عن فترة تعيينه وعمله بجامعة الملك عبد العزيز بحدة، حيث ذهب في منتصف في شهر رمضان المبارك لعام ألف وثلاثمائة وستة وتسعين من الهجرة لجامعة الملك عبد العزيز بجدة بمعيّة والده، حيث قابلهم معالي الأستاذ الدكتور محمد عمر الزبير مدير الجامعة آنذاك والذي أحالهم بدوره إلى كلية الطب، وكان مكتب عميد الكلية بنفس المبنى، وتفاجأ المؤلف بالدكتور عبد اللهالسلامة، يخبره أن شهادته الألمانية غير معروفة لديهم، وأن عليه الذهاب إلى بريطانيا ليدرس في أحد المجالات الطبية، فقام المؤلف بمخاطبة الملحق الثقافي السعودي الأستاذ عبد الله بوقس وكذلك ذهب إلى المستشار الثقافي في السفارة الألمانية وشرح لهم كامل الموضوع فوعدوه أن يرفعوا الأمر إلى الجهات المختصة في ألمانيا، وأخيراً تم الاعتراف في مساواة درجة الزمالة الألمانية بالبريطانية، كما كلّف المؤلف بالإشراف على المستشفى الجامعي عام 1398 من الهجرة، حيث كان المستشفى يدار من قِبل الشركة الأمريكية هاسين وكان يدير المشروع المدير الإداري أمريكي الجنسية، ومعه خمسة موظفين أمريكيين لإدارة الأقسام التالية: الصيانة والمستودعات والمالية والتمريض، وحاول المؤلف الاستفادة من خبرة المدير الإداري للمشروع، حيث ساهم المؤلف في تطوير الكفاءات والتدريب وكذلك استقطاب أمهر الممرضين والكفاءة الطبية، مشيراً إلى أهم المعضلات التي واجهت تلك الفترة والتي كان أبرزها شح الميزانية، كما كلف بوكالة الكلية لشؤون المستشفيات. وفي عام 1404هـ تم ترشيح المؤلف عميداً لكلية الطب والعلوم الطبية، وتلك كانت الفترة الأولى من عام 1404هـ وحتى 1407هـ، ومن ثم تم ترشيحه مرة أخرى لفترة ثانية من عام 1407هـ وحتى 1410هـ، وفي عام 1411هـ صدر أمر سامٍ بتعيين المؤلف وكيلاً لجامعة الملك عبد العزيز للدراسات العليا والبحث العلمي.
في حضرة المقام السامي:
وفي يوم اثنين كنت مدعوّاً للغداء في منزل صاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبد العزيز - يرحمه الله - يوم كان أميراً لمنطقة مكة المكرمة، وكانت الدعوة على شرف معالي وزير الداخلية التونسي. كان كلٌ من صاحب السمو الملكي الأمير ماجد والضيف يتصدران مائدة. الغداء، في حين أنني كنت أجلس بجوار معالي الدكتور رضا بن محمد سعيد عبيد. وبينما الكل منشغل بتناول الطعام، فإذا برنين الهاتف يمزّق صمت المكان، فالتقط الأمير ماجد سماعة الهاتف، وتحدث ثواني معدودة مع الطرف الطالب، ليفاجئني بأنّ عليّ أن أستقبل الخط من مكتب سموه، لأجد معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن النويصر على الطرف الآخر، والذي أخبرني بأنّ طويل العمر طلب حضوري إلى القصر، لمقابلتي قبل جلسة مجلس الوزراء. استأذنت سمو الأمير ماجد - رحمه الله -، وذهبت إلى قصر السلام، حيث وجدت الشيخ محمد النويصر في انتظاري، طالباً مني أن أترجّل بسرعة؛ إذ إن خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز - رحمه الله -، في طريقه إلى مجلس الوزراء فإذا بالملك المفدى يخرج من الصعد، فتشرفت بالسلام على مقامه الكريم، وأخذ صور تذكارية معه بناءً على أمره، وقد داعبني - رحمه الله - بحضور الأخ الصدوق الدكتور خالد بن محمد العنقري وزير التعليم العالي قائلاً: (انت قليل وطلب من المصور أن يحسن صنعه، إذ إنني مزيون))!. ثم أخبرني بأنه سيصدر هذا المساء أمراً سامياً بتعييني مديراً لجامعة الملك عبد العزيز في جدة، وقد حصل ذلك بالأمر الملكي رقم أ /107 في 1414/9/22، فشكرت مقامه السامي.
في رحاب الصحة
في هذا الجزء من الكتاب يروي الدكتور أسامة شبكشي تجربته كوزير للصحة بدءاً منذ تعيينه وحتى انتهاء الفترة الأولى، أي من عام 1416هـ وحتى 1420هـ، ففي يوم الاثنين 4 /3 /1416 اتصل بالمؤلف هاتفياً معالي الشيخ إبراهيم العنقري المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد طالباً منه الحضور إلى مكتب معاليه بقصر السلام بجدة، قبل اجتماع مجلس الوزراء ليخبره عن اختيار الملك له لتولي حقيبة وزارة الصحة، طالباً منه أن يكتم الأمر، إلى حين إذاعته رسمياً، وعن هذه الفترة يصف المؤلف حاله بقوله: ( بعد أدائي القسم ؛ وعودتي إلى المنزل اتصلت بمعالي الشيخ فيصل الحجيلان، لأنسق مع معاليه موعداً لحفل تكريمه، والوقوف على النقاط والأمور التي لابد لي من معرفتها، والتركيز عليها في عملي الجديد بوزارة الصحة ... بيْد أن معاليه أخبرني أنه سيغادر مساء اليوم ذاته، وأن بإمكاني معرفة الأمور كلها، من الزملاء العاملين بالوزارة؟
الوزير الوحيد
لم يكن المؤلف على علم بطبيعة عمل أي شخص في الوزارة، فنصحوه أن يستفيد من مدير المكتب أ. عبد الرحمن العبد الكريم. بيْد أن الرجل أخبره أنه سيغادر موقعه بعد أسبوع من تسلمه مهامه الجديدة!.
لم تكن هنالك سيارة خاصة بالوزير، فأحضروا له على عجل سيارة، كان يستخدمها نائب وزير المالية. كما لم يخصص له منزل يقيم فيه، ولم يكن معه أحد من أهله، أو أقربائه، أو أصدقائه، بل كان وحيداً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من قسوة.
مديونية الوزارة
في هذا الفصل يستعرض المؤلف المشاكل التي سببتها المديونية الكبيرة على كاهل الوزارة، والتي قيدتها سنينا من التطور فيستطرد الوزير الطبيب قائلاً: ( طلبت من الدكتور عثمان الربيعة (وهو يُعد مرجعاً في وزارة الصحة)، أن يعدّ لي دراسة بعد مسح شامل، لمعرفة المبالغ المطلوبة، والمستحقات للشركات والأفراد ... فأخبرني بعد عدة أسابيع أن المبلغ المطلوب في حدود (1.8) إلى بليوني ريال. غير أنني أردت التيقن من المبلغ المطلوب قبل الرفع عن ذلك إلى المقام السامي، وكنت قد استقطبت خلال تلك الفترة الأستاذ عبد الله المطيري، والأستاذ فايح البقمي للإدارة المالية، والأستاذ محمد السبيعي لإدارة المشتريات؛ فأخبرني الأستاذ عبد الله المطيري بعد ثمانية أسابيع أنه قد تم حصر (95) ألف معاملة، متوقف صرفها لعدم وجود اعتمادات مالية، وأنّ المتأخرات على بند الأدوية بلغ (3.055.940.845.000) ريال، لـ211 شركة ومؤسسة، بالإضافة إلى مستحقات الخطوط السعودية وتبرئة لذمّتي أمام الله تعالى، ثم أمام ولاة الأمر، بعثت بمذكرات توضيحية لولاة الأمر، ولقد أيد ولاة الأمر مشكورين ضرورة دعم المرافق الصحية مالياً وبشرياً بشكل عاجل، وبعيد عن الروتين العقيم.
التمديد 1420-1424هـ
في هذا الفصل ينهي المؤلف سرد تجربته برحاب وزارة الصحة بعد ثمانية أعوام أفناها في النهوض بهذا الكيان الخدمي الكبير والمهم، محققاً منظومة من الإنجازات غير المسبوقة التي على رأسها تسديد الديون البليونية للوزارة بمدة لم تتجاوز الأربع سنوات، وهو رقم مذهل نسبياً مقارنة بحجم الديون التي أغرقت الصحة لعقود، وقد شارفت الفترة الأولى لعمل المؤلف بوزارة الصحة على الانتهاء، وحينها أبلغ سمو ولي العهد آنذاك الأمير عبد الله بن عبد العزيز المؤلف أنّ الملك فهد أمر بتمديد فترته مرة أخرى، وقد كان توجه المؤلف مع زملائه بوزارة الصحة، هو تبني استراتيجية علمية للارتقاء بالخدمات الصحية، أساسها الأسلوب العلمي المبني على التخطيط المدروس? وفي سبيل تحسين المستوى الصحي للسكان، تم تنفيذ العديد من برامج الصحة الوقائية، وتطوير الرعاية العلاجية، ورفع كفاءة الأداء، وتحسين النوعية للخدمات الصحية، وتنمية وتطوير القوى البشرية السعودية العاملة في المجال الصحي، والترشيد في الإنفاق، والاستغلال الأمثل للموارد، والتحويل التدريجي للتشغيل الذاتي للخدمات الصحية، وإعداد خارطة صحية للمملكة لتحديد مواقع مرافق الوزارة بدقة، وعدد تلك المواقع، وحجم خدماتها -، والمناطق التي تغطيها، واستكمال وتشغيل وإنشاء المرافق الصحية وفقاً لتلك الخارطة الصحية بغرض الاستفادة من موارد الوزارة بالصورة المثلى، ودعم التنظيم الإداري وتطوير نظم المعلومات بالوزارة والمناطق، وربطها بشبكة معلومات وزارة الصحة.
ووضع الترتيبات اللازمة للضمان الصحي التعاوني الإلزامي للوافدين. وقد تم اختيار المملكة من قِبل منظمة الصحة العالمية كأفضل دولة على مستوى العالم العربي في خدماتها الصحية. وكذلك احتلت المملكة الموقع السادس والعشرين بعد ألمانيا من بين مئة وإحدى وتسعين دولة على مستوى العالم، من حيث كفاءة الأداء في ظل الموارد المتاحة، والذي يجسِّد ما بلغته المملكة من تطور صحي كمِّي ونوعي.