بندر عبد الله السنيدي ">
كما هو الحال بالنسبة لي لوحة المحل لجذب المشتري اخترت العنوان لمقالي هذه المرة بعنوان القاتل الصامت أو الوباء الصامت، الهدف منه لفت انتباه أكبر قدر ممكن من القراء. نعم إنه القاتل الصامت كما يحلو لمن عايشه تسميته. انه فيروس الكبد (سي) لأن ذلك المرض كان يعطي مهلة لمن تغلغل في داخله عشر سنوات فقط. نعم عشر سنوات بقدرة الله - عز وجل - يقضي هذا الفيروس على المريض. وهنا تكمن سبب تسميته القاتل الصامت.
الإحصاءات تشير إلى ان هنالك ما يقارب مئتي مليون مصاب بفيروس الكبد (سي) حول العالم. في العالم العربي وحده سبعة عشر مليون مصاب. يتصدر الدول العربية مصر بما عدده عشرة ملايين مصاب.
أما في المملكة العربية السعودية فهنالك ألفان وخمسمائة مصاب سنوي. رقم مخيف ولا شك يحتاج وقفة تأمل وبذل جهود حثيثة لمحاربة هذا القاتل الصامت. كان فيروس الكبد (سي) حتى عام 2013 فعلاً ينطبق عليه لقب القاتل الصامت حتى وصلنا إلى عام 2013 عندما أعلنت هيئة الدواء والغذاء علاجاً يسمى (الإنترفيورون كورس)، عبارة عن حقن وحبوب علاجية. وقد تم تطبيقه على مجموعة من المرضى منهم مرضى في المملكة العربية السعودية. تلك المشاركة في تجربة العلاج قام به مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض.
يقول أحد المشاركين في تجربة العلاج: أصبت بالمرض وتم اكتشافه عند التحليل للزواج، وبعد التحري تبيّن أن العدوى انتقلت من خلال أدوات عملية جراحية لم تعقم بشكل جيد، وشفيت منه لأن الإصابة حديثة وتوفر العلاج ولله الحمد خلال آخر عامين.
بينما أخرى تحكي قصة والدتها التي توفيت - رحمها الله - بسبب ذلك المرض قبل عدة أيَّام فتقول: احتاجت والدتي عند ولادتها إلى نقل دم في العام 1408 ونُقل لها الدم وعاشت حياتها بشكل طبيعي، إلى ان تم اكتشاف المرض عام 1432.
دخلت تلك الأسرة بعد اكتشاف المرض في دوامة بين المستشفيات والتحاليل ومن عرض الجمل التي تلقتها تلك المريضة نقلاً عن أحد أفرادها من دكتور مختص قوله (الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها)، يعني ذلك الدكتور ان الفيروس كان نائما وأيقظه شيء غير نظيف انتقل خلاله ذلك المرض.
وقد اتفق الكثير على ان سبب انتقال ذلك الفيروس هو الأدوات غير المعقمة أو غير نظيفة أو نقل دم ملوث وشرب مياه ملوثة.
لك ان تتخيل عزيزي القارئ انه عند الإصابة بهذا المرض حمانا الله وإياكم منه وعند مراجعة المستشفيات أول سؤال يوجه للمريض هو: عدت مؤخراً من مصر؟. وكأن المرض لا ينتقل للشخص إلا في مصر كونه أكثر نسبة إصابة في الدول العربية.
النقطة الأهم وهي ان أغلب المستشفيات عند وصول المريض إليهم يعملوا له تحليل وظائف الكبد فقط. إلا أنه من المفترض تحليل شامل لكل أنواع الفيروسات. ويخصص لكل مصاب بفيروس مهما كان نوعه أدوات خاصة فيه. تقول أخرى عانت من نفس المرض عندما نقل (بضم النون) لها الفيروس عبر أدوات غير معقمة، وقد شفيت منه - ولله الحمد - بسبب العلاج أصبح المستشفى كابوسا يؤرق حياتي. حتى عند ولادتي أثرت على نفسيتي كثيراً وعشت في قلق لا يمكن وصفه. كل ذلك بسبب تجربتي السابقة مع فيروس الكبد (سي). عوضاً عن كون المستشفى مكان ارتياح واطمئنان للمريض أصبح الموضوع العكس للأسف مع تلك المريضة.
المسؤولية الكبرى من وجهة نظري تقع على عاتق الطبيب. يمكن ذلك من خلال توعية المريض بإبعاد أدواته الشخصية عمن هم حوله وعدم الأكل في نفس الأواني الخاصة به والابتعاد عن شرب المياه الملوثة. والإحاطة بان فيروس الكبد عدة أنواع منها ما ينتقل عن طريق الدم ومنها ما ينتقل عبر الأدوات الملوثة بالفيروس كذلك الدم الملوث. على الرغم من اكتشاف علاج لهذا المرض الخطير إلا أنه وحسب إفادة إحدى مرضى فيروس الكبد (سي) إلا أنه وحسب كلام أحد المرضى لا يحس بالنار إلا رجل واطيها كما في المثل النجدي المشهور. لك ان تتخيل والكلام لاحد مصابي المرض ويأخذ ذلك العلاج. ما يسببه ذلك المرض من أعراض اكتئاب وقلق نفسي. هل يا ترى وزارة الصحة والمعنيون بالأمر يهتمون بتوعية أكثر عن ذلك المرض وتكثيف الجهود ضد القاتل الصامت. هل سيكون هنالك حملات تحذير بعدم استخدام الأدوات غير المعقمة وغير النظيفة لإنقاذ أفراد المجتمع من خطر يهدد حياتنا وهو ما يرجوه الجميع.
في الأخير لا يسعني في هذا المقام إلا أن أدعو لكل من أصيب بها المرض بالشفاء العاجل وان يقينا وإياكم شره اللهم آمين.
- الكلية التقنية بالرياض