عبد العزيز صالح الصالح ">
قال الله تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أمنوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أصحاب الْقُبُورِ} (13) سورة الممتحنة.
- وعن ابي هريرة - رضي الله عنه - أن رجلاً قال للنبي - صلى الله عليه وسلَّم - : أوصني قال: (لا تغضب) فردد مراراً، قال (لا تغضب) رواه البخاري.
- وعنه قال: إن نبي الأمة محمد - صلوات الله وسلامه عليه - قال: (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) متفق عليه.
فالغضب عبارة عن إحساس تصاحبه تغيرات فسيولوجية وبيولوجية تتأثر معه عدة أمور تتمثل في:
- ارتفاع ضغط الدم وتأثر عضلة القلب وإفرازات في هرمونات الطاقة.
فعندما يخوض المرء تجربة الغضب فإنَّ عضلات الجسم تتوتر إلى جانب تزايد في ضربات القلب، وكذلك تزايد في سرعة التنفس إلى جانب تزايد هرمونات الأدرينالين التي تطيل من مدة بقاء المرء في حالة توتر مستمر.
وفي بعض الأحيان تتوقف شدة الغضب هذه عند حد معين قبل أن تخرج عن نطاق السيطرة والتحكم - حيث إن قشرة المخ الخارجية تقع في مقدمة الجبهة التي تجعل العواطف في حالة تناسب - لأنّها بعيدة كل البعد عن العواطف التي تحافظ على كافة الأفعال في حالة الاتزان وعند هدوء عاصفة الغضب يستعيد جسم المرء الاسترخاء الطبيعي - فهناك أمور تساعد على الاسترخاء مثل:
- التنفس العميق الذي يقلل من حدة الغضب.
- التنفس بعمق من خلال الحجاب الحاجز.
- التحدث مع النفس ببعض الكلمات التي تجعل التنفس في حالة هدوء مستمر.
- تجسيد عملية الاسترخاء من خلال استرجاع المرء.
- تمارين الاسترخاء تساعد على امتصاص الغضب.
فعندما يكون المرء غاضباً دائماً يكون التفكير عنده مبالغاً فيه إلى حد كبير، فالبناء الادراكي - هو قيام بتغيير فكره تحت تأثير الغضب الذي يصل إلى القذف والشتم بطريقة ملتوية تعكس مشاعره الداخلية.
فيجب على كل منا ان يذكر نفسه بأن الغضب لن يصلح شيئاً (ما) ولن يزيده إحساسا بالراحة ولكن العكس.
فدائماً ما يلجأ المرء الغاضب إلى طريق العدل والتقدير حتى تسير كافة أموره على ما يرام.
فالإِنسان دائماً يحتاج إلى هذه الأمور وهذه المقومات، فإذا لم يحصل عليها ينتابه نوع من الإحباط والشعور بالإيذاء.. لكن المرء الذي في حالة غضب طبيعي يتحول لديه شعور الإحباط إلى غضب شديد.
من حلول مشكلة الغضب - أن الغضب والإحباط معاً قد يكونان سبباً وراء إصابة المرء بهما مشكلة حقيقية لا يمكن الفرار منها - كما ان الغضب في اغلب الأوقات وفي كافة الأحوال شيء طبيعي وصحي لمواجهة مثل هذه الصعوبات وهناك اعتقاد متعارف عليه بأن لكل مشكلة حلا، لكن بادراك الواقع الذي لا يتفق مع صحة هذه المقولة يزيد النفس البشرية الإحباط أكثر وأكثر... فالأفضل البحث عن الحل والتركيز عليه ان وجد.
وفي حالة عدم توفره على السطح بالشكل المطلوب يكتفى بمواجهة المشكلة التي تعطي المرء صلابة وقوة لمواجهة تلك الأزمات الطارئة ومن مهارات الاتصال والتواصل - فالواجب على المرء في حالة النقاش الحاد - التفكير جيداً قبل إصدار ردود الأفعال بشيء من القوة والحدة، وعدم التفوه بأي أمر يأتي على طرف لسانه لا بد من التمهل والتأني فيما يقوله وما يصدره، وفي نفس الوقت لا بد من الإنصات الجيد لما يقوله المرء الاخر والتفكير في أقواله جيداً قبل التعقيب، ومن الأمور الطبيعية ان يتخذ المرء موقفاً دفاعياً عندما يتعرض الانتقاد.. لكن لا يصل الأمر إلى حد الهجوم القاسي أو الحرب عليه - فالواجب على المرء ان يقوم بدراسة شاملة لكافة المعاني الخفية التي تحملها الكلمات، لأنه إذا لم يقم بدراسة الموضوع فمن المحتمل ان يتولد لديه شعور الإهمال وعدم الحب عند الطرف الآخر، فالصبر هو أساس استمرار العلاقات وعدم فشلها.
فروح الدعابة - عند المرء تلطف حدة الغضب لأنّها تساعد على مزيد من الاتزان والروية حتى تكون لديه حصانه تمنعه من الغضب وتخفف حدة الغضب بداخله، ومع استخدام روح الدعابة الساخرة عليه ان يبتعد عن عنصرين - العنصر الأول - إلا تكون يدافع السخرية والاستهزاء بالآخرين.
العنصر الثاني - ان تكون من أجل مواجهة المشكلة وحلها بطريقة إيجابية وليس لمجرد الضحك.
وهذه الأسس سالفة الذكر ما هي إلا وسيلة لرفض الغضب بشكله الجاد، فالبيئة المحيطة بالمرء ربما تكون عاملاً من العوامل التي تثير الغضب في النفس البشرية، ربما تكون المشاكل والمسؤوليات أعباء تثقل من كاهل الأفراد وبصورة حادة تجعلهم يشعرون بالغضب، فالمرء الذي يشعر بالغضب بشكل مستمر ودائم لا بد من استشارة الطبيب النفسي حتى يرشده إلى المشورة الطبية التي تجعله يغير من طريقة تفكيره وسلوكه بقدر الأفكار.
والله الموفق والمعين