أنس بن عبد الله المزروع ">
العنف الذي تقوم به الفصائل الإرهابية لا دين له، بل هو جزء من سلوك الإنسان الحيواني، والتاريخ الإنساني الدموي بحروبه العالمية المتنوعة عبر التاريخ، خير شاهد، فقد إستخدم الإنسان المذاهب والأديان لتبرير الفساد وسفك الدماء، ولانزال نذكر لقاء ممثّلي الديانات والثقافات الكبرى في العالم في طشقند في العام 1999م ، حيث أشار يوسف زيدان في كتابه «أصول العنف الديني»- إلى أن اللقاء دعا إلى الفصل بين جوهر الدين، وظواهر العنف باسم الدين، وتأكيد التسامح والأبعاد الإنسانية في كل دين.
ولقد بيّن القرآن الكريم أن القتل والعنف من تطويع النفس لا الدين في وصفه لمقتل ابن آدم الأول {فطوعت له نفسه قتل أخي فقتله}.
فقد قام عالم النفس فيليب زيمباردو بدراسة عام 1971م في كاليفورنيا تُشتهر باسم «تجربة ستانفورد» لمدة أسبوعين على 24 شخصا من أصل 75 متقدم مقابل مبلغ مالي، تم انتخابهم من حيث الاستقرار النفسي والصحة البدنية، قسموا إلى قسمين بشكل عشواء سجانين وسجناء، إلا أن التجربة توقفت بعد ستة أيام فقط، إذ تحول السجن بشكل تدريجي إلى عنف وطغيان، ففرضوا العري على السجناء، وصار الدخول إلى الحمام امتيازاً يحرم منه السجين، حيث أُجبر بعض السجناء على تنظيف المراحيض بأيديهم المجردة، وجعلوا الحرمان من الطعام والحبس الانفرادي من العقاب، هذا غير الإذلال والتحرش الجنسي من قبل السجانين، مما سبب اضطرابات نفسية للمساجين، هذا مع أن التجربة كانت مراقبة من الشرطة وبالكاميرات التي ربما منعت أموراً أكبر!
فهذه التجربة أتُثبت أن الإنسان العادي من غير انتماء لأديان قد يتحول بطبيعته إلى مجرم قاتل إذا ملك سلطة ولو صغيرة على الآخرين، وكلما زادت سلطته كلما كان أكثر استبدادا ووحشية، ولولا المبادئ الأخلاقية التي تُشرعها الأديان، والقوانين التي تفرضها الأنظمة، لما قامت للإنسان حضارة، ولكُنّا نعيش في مكان أشد إجراما من الغابة.
وقد كانت الملائكة أعرف منّا بأنفسنا حينما سألوا الله متعجبين {أتجعلوا فيها مَن يُفسد فيها ويَسفك الدماء}!