حب لا يعرف المستحيل ">
يمتدح الجراح العالمي «وليام ثورمان ويفر» والده قائلاً: «لقد كان والدي أهم إنسان في حياتي، فلم يبخل علي بأي شيء، ولم يضن علي بأية خبرة رغم بساطته ؛ فلم يكن سوى سائق متواضع ؛ غير أن أسرته كانت شغله الشاغل، حتى جعلني دائم الشعور بالثقة بنفسي، وبأنه لا يوجد ما يحول دون تحقيق أهدافي».
الكلمة السابقة مفعمة بالمشاعر الرقيقة والمعاني السامية ؛ فهي لم تأت من فراغ، بل عن تجارب تركت آثارا إيجابية عميقة داخل نفس «ويفر». لم ينس الجراح العالمي تلك الليلة التي جلس فيها إلى كتبه يحاول حل مسألة مستعصية في مادة الجبر، حينها عرض عليه والده أن يساعده في حلها ؛ ولفرط إحباطه رد عليه بطريقة فظة تخلو تماماً من الكياسة والذوق قائلاً: «أبي، إنك لم تدرس علم الجبر أبداً ! بل لم تكن المادة قد دخلت نظام التعليم في أيامك من الأساس!» ثم خلد إلى النوم وهو يتميز غيظاً. لم تمض ساعات، إلا ووجد أباه يوقظه ويطلب منه برفق الجلوس إلى المكتب. فأثناء نوم الابن، عكف الأب على قراءة كتب الرياضيات والإطلاع على كل كبيرة وصغيرة فيها حتى الساعة الرابعة من فجر اليوم التالي! ومن المدهش حقاً انه استوعب المادة بدرجة أهلته لأن يشرح لابنه نظريات ومسائل الجبر بحرفية ودقة شديدتين، مما جعله يستوعب ما سبق وأن بدا له غامضاً من معادلات ومسائل، بل ويتمكن من إنهاء واجبه المدرسي قبل الذهاب إلى المدرسة.
والآن، وبعد أن صار: ويفر «جراحاً مرموقاً ومعلماً محنكاً وزوجاً وأباً مثالياً، لا زال يعترف بجميل أبيه في كافة المناسبات وجميع المحافل، مردداً: «حتى يومنا هذا، لا أنفك أجتهد لأصبح مثل والدي، أو حتى أتحلى ببعض من صفاته الرائعة. إنني مدين له بنجاحي، وأعترف أنني سأكون أكثر نجاحاً وسعادة إذا أحبني أولادي مثل حبي لوالدي».
نستخلص من القصة السابقة عدة عبر ودروس:
أولاً: ليس من المهم أن يكون أبوك متعلماً حتى يساعدك في الاستذكار ن يكفي وجوده إلى جانبك ليشد من أزرك.
ثانياً: الحب يجعل المستحيل يسيراً؛ فهو ما جعل السائق البسيط ومحدود المعلومات يستوعب مادة الجبر المعقدة.
ثالثاً: اعترف دائماً بجميل والديك، وتأكد أن أحداً لن يهبك حباً غير مشروط سواهما.