القاهرة - سجى عارف:
شاركت دارة الملك عبدالعزيز في احتفالية «يوم الوثيقة العربية» التي نظمتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في مقرها بالقاهرة أمس، بالتنسيق مع الفرع الإقليمي للمجلس الدولي للأرشيف «عربيكا»، بمناسبة مرور سبعين عاماً على تأسيسها، بحضور معالي المستشار بالديوان الملكي والمشرف العام على المركز الوطني للوثائق والمحفوظات والأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز المكلف الدكتور فهد بن عبدالله السماري.
ودعا معاليه في كلمته خلال الاحتفالية إلى استغلال مناسبة الاحتفاء بيوم الوثيقة العربية واستثمارها في وضع برنامج عمل فاعل ومؤثر يؤدي إلى هذا المنال، والعمل المطلوب للرقي بالأرشيفات والوثائق العربية وإبرازها، والتعاون بشكل مفتوح مع بعضنا البعض، ليس على مستوى تبادل الوثائق فحسب، بل أيضاً الرفع من مستوى العاملين والأنظمة والوسائل والإتاحة للباحثين بشكل واسع ومن خلال وسائل التقنية الحديثة، وأبرز الدكتور السماري ما تقوم به المملكة العربية السعودية من عمل منظم ومبرمج بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- للارتقاء بمستوى العمل الوثائقي والإفادة من التطورات الحديثة وزيادة على ذلك تمكين الإبداع الأرشيفي السعودي والعربي من حيازة مواقع الريادة عالميا -بإذن الله تعالى-.
وأوضح معاليه أن دارة الملك عبدالعزيز بادرت منذ عامين ووضعت اللبنات الأولى لتفعيل الفرع العربي الإقليمي للمجلس الدولي للأرشيف، بحضور جامعة الدول العربية، وتم إقرار النظام الأساسي الجديد للفرع الذي يكفل له مزيدا من الحركة والتفاعل.
وأشاد معالي الدكتور السماري باهتمام الجامعة العربية بالشراكة مع الفرع العربي الإقليمي للمجلس الدولي للأرشيف، واحتضانها مناسبة يوم الوثيقة العربية وإعطائه إطاراً تنظيمياً كان مفتقداً في الماضي، مؤكداً أن هذا ليس بغريب على الجامعة العربية التي تعيش مرحلة مهمة من الفعالية في شتى المجالات.
وقال معاليه «إن التاريخ لا يدون إلا بالوثاق التي هي كل ما تركه الإنسان من أفكار وأعمال ومواقف وعلوم وإبداع، سواء كانت مكتوبة أو محسوسة أو مرئية أو إلكترونية، والوثائق الجمعية في الأرشيفات، ودور الوثائق هي ذاكرة الشعوب أفراداً أو جماعات أو دول».
ووصف معالي الدكتور السماري «الذاكرة الجمعية» بالإرث والسلاح للدفاع وللاستنباط والارتباط وتعزيز وحدة المجتمع والدولة والوفاء لأولئك الذين أبدعوا وعملوا، والإفادة من تلك الأخطاء التي حدثت والتجارب التي تمت ليتم تجاوزها مستقبلاً وقال «بما أننا اليوم نحن العرب على مفترق طرق مهم وبمناسبة تجديد ثوب الجامعة العربية في عامها السبعين لتواكب المستجدات، فإننا نحن المعنيين بالأرشيفات العربية علينا مسؤولية كبيرة تجاه هذا الأمر للنهوض بمؤسساتنا وحفظ تراثنا الوثائقي والإفادة منه في تعزيز التعاون العربي البيني، وتأصيل العلاقات المشتركة، ودعم أسس العمل المشترك مجتمعا ودولا».
وأعرب الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز، عن تقديره وشكره للجامعة العربية على تواصلهم واهتمامهم وحسن تنظيمهم غير المستغرب، وكذلك للبلد المضيف «مصر» التي احتضنت هذا اللقاء، وتواصل مسيرتها الداعمة للعمل العربي المشترك المتأصل في تاريخها وثقافتها الراسخة في أعماق التاريخ.
بدوره دعا الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي في كلمته إلى تضافر الجهود العربية المشتركة من أجل توثيق وحماية الذاكرة التاريخية للأمة واستعادة الأرشيفات المنهوبة من الدول الاستعمارية، خاصة في ظل التحديات الجسيمة التي تواجهها الأمة واستمرار الانتهاكات الصهيونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة والأزمات في سوريا والعراق وليبيا وغيرها من دول المنطقة.
وقال العربي: «إنه إيمانا من جامعة الدول العربية بأهمية التوثيق والوثيقة، أطلق العام الماضي مشروع: التوثيق المرقمن لذاكرة جامعة الدول العربية 2020 Digital Documentation، بهدف الحفاظ على ذاكرة جامعة الدول العربية التي هي أحد أهم عناصر الهوية القومية العربية، وتتضمن المرحلة الراهنة للمشروع عملية الرصد لمحتوى الذاكرة، وتأسيس المعمل الرقمي بالأمانة لجامعة الدول العربية؛ تمهيداً لإطلاق منصة إلكترونية لحقبة تأسيس جامعة الدول العربية، وحيا الأمين العام في كلمته كل الوثائقيين العرب ومؤسسات ودور الوثائق العربية.
واستعرض العربي نشأة الجامعة في شهر مارس من عام 1945 لتصبح أول منظمة عربية جامعة تُنشأ في تاريخ العرب الحديث والمعاصر، وأول إطار مؤسسي يجسد حلم الوحدة العربية، وأول منظمة دولية تنشأ بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، التي كان تأسيسها تجاوباً مع نداءات وتطلعات الشعوب العربية ووعياً منها بأهمية الوحدة في سبيل تحقيق استقلال الدول العربية والحفاظ على الهوية العربية المشتركة.
وأعرب العربي عن الشكر لمعالي المستشار بالديوان الملكي المشرف العام على المركز الوطني للوثاق والمحفوظات والأمين العام المكلف لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري على الكتاب الوثائقي الذي أصدرته الدارة بعنوان «المملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية مواقف ووثائق» لهذه المناسبة بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية الذي استطاع أن يجمع في طياته العديد من الوثائق الرسمية والصور الفوتوغرافية التي تبرز علاقة المملكة العربية السعودية بجامعة الدول العربية بوصفها ضمن الدول السبع التي أسست جامعة الدول العربية.
عقب ذلك تسلم معالي المستشار بالديوان الملكي والمشرف العام على المركز الوطني للوثائق والمحفوظات والأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز المكلف الدكتور فهد بن عبدالله السماري، درعا تذكارية من معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي؛ تكريما للدارة على دورها الفاعل في مجال الحفاظ على الأرشيفات الوثائقية العربية، كما كرّمت الجامعة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم إمارة الشارقة لدوره الفاعل في مجال الحفاظ على الأرشيفات الوثائقية العربية، وتضمنت مشاركة دارة الملك عبدالعزيز في الاحتفالية إصدار كتاب «المملكة العربية السعودية وجامعة الدول العربية.. مواقف ووثائق»، إسهاماً منها في توثيق العلاقة التاريخية بين المملكة والجامعة العربية منذ أن كانت فكرة ثم ميثاقاً ثم واقعاً، ودور المملكة في نشأة الجامعة العربية وتعزيز مكانتها في الأحداث العربية والإقليمية والدولية، وتفعيل قراراتها، ودعم مسيرتها لتحقيق أهدافها في توحيد الصف العربي، ويضم الإصدار تقديماً يستكشف العلاقة بين المملكة والجامعة العربية، التي بدأت في عهد الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، ويوثق لها، وإسهامات أبنائه من بعده في إنشاء الجامعة العربية، ودعم ومساندة مسيرتها لتقوم بالمهام الموكلة لها، وصولاً إلى دعم واهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وضم الكتاب صوراً لملوك المملكة في اجتماعات الجامعة العربية المختلفة، تجسد دورهم في تعزيز الحضور العربي والدولي للجامعة العربية، وتفعيلاً لهدفها السامي في التنسيق وتوحيد الرأي تجاه القضايا العربية العالقة كما يضم الكتاب الإصدارات المبكرة للملك عبدالعزيز -رحمه الله- بشأن مراحل فكرة تأسيس جامعة عربية، بالإضافة إلى وثائق صحفية من صحف سعودية وعربية تاريخية تحتوي على تصريحات للملوك، كما ترصد الدور السعودي في دعم الجامعة العربية وتأكيد استمراريتها في الوحدة العربية ومسيرة العمل المشترك.