محمد سليمان العنقري
وافقَ مجلس الوزراء الموقر، على الترتيبات التنظيمية لتأسيس هيئة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مستقلة مالياً وإدارياً، يرأس مجلس إدارتها وزير التجارة والصناعة، وتهدف لتعزيز دور هذه المنشآت بالاقتصاد المحلي، من خلال رفع إنتاجيته وزيادة الطاقة الاستيعابية، وتوفير فرص العمل.
ومن المعروف، أن هذه المنشآت تمثّل بأغلب الاقتصاديات المتطورة ما يزيد على 85 بالمائة من حجم المنشآت بكافة أحجامها، وتوظف ما لا يقل عن 65% من الأيدي العاملة.. وبالرغم من أن عدد هذه المنشآت كبير بالمملكة، لكنها لا تستوعب أكثر من 35 % من حجم القوى العاملة الوطنية حسب بعض الدراسات، بينما توظف الكثير من الأيدي العاملة الوافدة التي تصل نسبتها الإجمالية بالقطاع الخاص إلى 85 % حالياً.
ويدعم الاعتماد على العمالة الوافدة بهذه المنشآت رخص تكلفتها وضعف المتطلبات التأهيلية لها، بينما تصل نسبة المؤهلين بشهادات مهنية وأكاديمية أكثر من 45 % من الشباب والشابات العاطلين عن العمل.
ويأتي تأسيس الهيئة، بعد سنوات طويلة نسبياً من طرح فكرة إنشائها وأهمية دورها لتنظيم تلك المنشآت التي تُعد ركيزة أساسية للنهوض بالاقتصاد المحلي، ومعالجة ملف البطالة على المدى المتوسط والبعيد، إلا أن ما ينتظر من الهيئة يفوق ما سيصدر عنها من أنظمة وتشريعات مهما كانت متقدمة، لأن التطبيق لها ودور الجهات الأخرى التي لها دور عملي بنجاح تلك المنشآت يبقى المقياس الحقيقي لجودة النتائج وحجمها، فهذه المنشآت ستخدم كافة القطاعات الاقتصادية.
ولذلك، إذا لم تقم كافة الجهات بالقطاعين العام والخاص المعنية بإدارة تلك القطاعات حسب اختصاصها بالمساهمة لإنجاح جهود الهيئة لرفع مستوى أداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة وزيادة عددها، فلن يكون لأي ترتيبات تقوم بها الهيئة نتائج مؤثرة، حتى لو وفرت كل الأنظمة وأدوات الدعم لتلك المنشآت.
فإذا كان التمويل لتلك المنشآت سيتولاه صندوق التنمية الصناعية مباشرة أو بضمان وكذلك بتشجيع إنشاء شركات تمويل خاصة، فإن الخطوة المنتظرة أن يكون للهيئة ذراع تمويلية حكومية مستقلة عن الصندوق الصناعي بقصد التفرغ ومعالجة أي عوائق تمويلية كإنشاء صندوق خاص بها برأسمال محدد ويعتمد أساليب متنوعة بالتمويل، أما الجانب الأهم أن تقوم الهيئة بعقد اتفاقيات بعد انطلاق أعمالها مع كافة الوزارات والجهات الحكومية والشركات الكبرى بالقطاع الخاص والغرف التجارية، لتحديد ما يحتاجه كل قطاع من هذه النوعية من المشاريع وأن يربط عملها وإنتاجها بعقود مع تلك الجهات حتى تساعد على نجاحها ودعمها ورفع جودة منتجاتها وتنافسيتها وتوفير سلع وخدمات لها بدلاً من الاعتماد على الاستيراد.
فيمكن أن تقوم الهيئة مع وزارة الصحة مثلاً بتحديد منتجات تدعم تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة لتوفيرها للوزارة وفق جودة ومعايير تحددها الصحة، وذات الأمر ينطبق على وزارات التعليم أو شركات كسابك والاتصالات والكهرباء تبدأ بمنتجات بسيطة لتنتقل إلى ما هو أكثر نوعية، فمن شأن ذلك أن يسهم بتسريع نجاح هذه المنشآت ويبرز دورها بالاقتصاد، ويفتح آفاقاً كبيرة أمام الشباب لتوظيف إمكانياتهم ومهاراتهم، وفتح آفاق كبيرة أمامهم بدلاً من التفكير بالتوظيف حسب المتاح حالياً.
كما أن ضبط سوق العمل، خصوصاً أن وزارة العمل تتجه لهيكلة الوظائف المتدنية بالاقتصاد سيسهم بتقليل أعمال التستر، أو يلغي التفكير بها بهذه المنشآت التي ستدعم الهيئة تأسيسها أو هيكلة القائم منها بالتنظيم والتشريع، مع أهمية تفعيل المتابعة لنشاطها وتشغيلها ومعرفة ما تواجهه من تحديات، كما أعلن بقرار المجلس حول دور الهيئة، وهنا ستبرز أهمية التدريب والتأهيل لنجاح هذه المنشآت، ومن المهم الاستعانة بالجامعات والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني لرفع مستوى التأهيل للكوادر البشرية.
المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تمتلك عوامل النجاح إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إمكانيات الاقتصاد والفرص فيه، فحجم وارداتنا تجاوز 650 مليار ريال العام الماضي، وينتج اقتصادنا الكثير من المنتجات الخام والوسيطة، إضافة إلى احتياجات خطط التنمية المستقبلية، خصوصاً بعد تأسيس هيئة توليد الوظائف ومعالجة البطالة، فجميع أدوار تلك الجهات الحديثة التأسيس لا بد أن ترتبط ببعضها بتنسيق متكامل مع كافة الجهات الحكومية المعنية والمساندة لتطوير قطاع الأعمال، وتقليص الاعتماد على إيرادات النفط والإنفاق الحكومي الذي ما زال العامل الرئيس بالتأثير على الناتج المحلي الإجمالي.