الخيل عنهن ماني عازي
صم الرمك هن حبايبنا
داجن بنا الخبت وحجازي
(بالحقو) بانت مضاربنا
بهذه الأبيات الحماسية، يفتخر ويفاخر البطل الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود ـ رحمه الله ـ بملحمة التوحيد، تغنى بهذه الأبيات على أنغام صليل السيوف وحمحمة الخيول في معارك طويلة قادها مؤسس هذا الكيان العظيم الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود ـ طيب الله ثراه ـ لتوحيد البلاد تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله).
وكان المغفور له بإذن الله الأمير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي آل سعود من أهم رموز هذه المعارك الخالدة في التاريخ الحديث، حيث كان ساعد الملك عبد العزيز الأيمن، حيث نذر نفسه أكثر من أربعين سنة مؤمناً بالهدف الأسمى لتلك المعارك وهو توحيد البلاد وبناء دولة حديثه يسودها الأمن بعيداً عن الفرقة والشتات؛ وبعد أن وضعت الحروب أوزارها، وأعلن عن توحيد المملكة العربية السعودية، وساد الأمان كل رقعة من هذه البلاد المباركة.
وتولى رحمه الله إمارة القصيم، ثم ضمت حائل إلى إمارته التي امتدت إلى حدود المدينة المنورة غرباً والجوف والقريات وتبوك والعلا وحفرالباطن شمالاً، ثم عينه الملك عبد العزيز، حاكماً لمنطقة عسير وقضى على فتنة الأدارسة، ثم عاد إلى مقر إمارته في حائل، ومكث فيها يواصل خدمة هذا الكيان العظيم حتى اضطره المرض إلى الترجل عن الإمارة بعد سنوات حافلة بالعطاء والكفاح من أجل كلمة التوحيد، وترك سموه رحمه الله تاريخاً ناصعاً تصفق سطوره إعجاباً بعضها لبعض.
وتكتمل مسيرة البناء والتشييد في بلادنا، ومنطقة الحدود الشمالية هي جزء من هذا الكيان الشامخ حيث تولى إمارتها الابن الأكبر للفقيد الراحل وهو صاحب السمو الأمير عبدالله بن عبد العزيز بن مساعد آل سعود ـ رحمه الله ـ في العام 1376هـ ، بعد أن تولى إمارة القصيم في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله في العام 1366هـ ، حيث بدأت المنطقة تخبر عن نفسها عبر مشاريع الخير والعطاء، وبدأت محافظات وقرى المنطقة تسابق الزمن في رحلة حضارة وبناء قلما يشهد التاريخ الحديث مثلها في زمن يعد قياسيا في عمر الشعوب، وتحولت تلك الصحاري الجرداء وبيوت الشعر إلى واحات خضراء ومنازل من الطين ثم من الاسمنت المسلح، وعم التعليم والصحة والأمن كافة مرافق الحياة طوال سنوات إمارته يرحمه الله للمنطقة ، حتى جاء قضاء الله جل في علاه ووافته المنية في يوم السبت 17 رمضان 1436هـ بعد عمر مديد قضاه في خدمة هذه المنطقة وأهلها حتى ارتبطت بسموه الكريم يرحمه الله وارتبط بها، وأصبح والداً لكبير أهالي المنطقة قبل صغيرهم ـ رحمك الله أيها الأمير الشهم ، رحمك الله، وقد شهدت لك المشاريع الخيرية والتنموية شهادة حق، وشهد لك أبناء المنطقة بالخير والإخلاص لدينه ثم مليكه ووطنه.
وتكتمل المسيرة وتمضي سنة الله في الحياة، فيصدر قرار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بتعيين نجله صاحب السمو الأمير الدكتور مشعل بن عبدالله بن عبد العزيز بن مساعد أمير لمنطقة الحدود الشمالية خلفاً لوالده، وهو خير خلف لخير سلف إن شاء الله، لما لمسه الجميع من هذه الأسرة المباركة الطيبة من صدق في العمل ومن تميز في الإمارة ومن مساهمة فعالة في رحلة تشييد وبناء هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية.
وقد تولى سموه الكريم إمارة منطقة الحدود الشمالية في 26/9/1436هـ، ليكمل المسيرة في هذه الظروف المتغيرة من هذا الزمن المتطور، وسموه الكريم أهل لذلك حيث عمل وتدرج في مناصب ومواقع أكسبته خبرات متنوعة حيث عمل مستشاراً لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز رحمه الله، ولصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز رحمه الله، ثم للملك سلمان (حينما كان وزيراً للدفاع، وبعد توليه مقاليد الحكم (يحفظه الله ) ـ وسموه الكريم من رجالات الدولة الأفذاذ والمؤهلين بأعلى الشهادات من أعرق الجامعات الغربية، حيث يجمع بين العلم والخبرة.
نسأل الله له العون والسداد، وسموه ليس بحاجة أن نذّكره بعظم الأمانة والمسؤولية، ولكنه بحاجة لدعواتنا الصادقة له بالتوفيق، وبحاجة إلى المناصحة الصادقة في الدين، مع حرصنا على أداء واجباتنا لوطننا ومقدراتنا، و أن يحمي كل منا الثغرة التي أوكلها الله إليه في عمله وفي حياته، وقوفاً مخلصاً مع وطننا ضد ما يحاك له من أعدائه.
وفي هذه الأيام تحتفل محافظة رفحاء (ثاني أكبر محافظة في المنطقة) بزيارة سموه الكريم، وترتدي المحافظة ثوباً قشيباً، وتتزين لفارسها وتكتسي بخجل العذارى، وتطرق على استحياء تريد أن تتجمل وهي تقابل رجلاً فتح له التاريخ أبوابه ، وتقابل تاريخا على صورة رجل ، فماذا عساها أن تقول إلا أن تردد :» نورت رفحاء».
والأهالي تغمرهم الفرحة حباً وافتخاراً بهذا الزائر الكبير، وكلهم أمل ورجاء أن تحقق هذه الز يارة أهدافها، ويأملون أن يلتفت سموه الكريم إلى كثير من احتياجات المحافظة هذه العروس التي يحاول العطار إصلاح ما يمكن إصلاحه في بعض مرافقها، فالمحافظة بحاجة ماسة إلى إدارة تعليم مستقلة لكثرة تعداد قراها ومدارسها وطلابها، وهي بحاجة لقسم لإصدار الجواز السعودي ومركز للتأهيل الشامل، حيث يوجد 1000 معاق ومعاقة يقطعون 600كم ذهاباً وعودة إلى عرعر، وبعضهم لا يستطيع السفر، فمن لهم بعد الله إلا سموكم الكريم ؟
والمطالبات والاحتياجات كثيرة، وربما لا يتسع المجال لحصرها ولكنها حتما وضعت على طاولة سموكم الكريم وهو أهل لها.
ونحن سكان وأهالي المحافظة نستحق نظرة حانية من لدن سموه الكريم، لتكتمل المسيرة انطلاقاً من قناعتنا الراسخة بأن صاحب السمو الأمير الدكتور مشعل بن عبدالله بن مساعد آل سعود، لهو خير خلف لخير سلف.
منيف بن خضير الضوي - مدير قسم الشؤون التعليمية في مكتب التعليم برفحاء