عبد الله بن حمد الحقيل ">
يستقبل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها العام الهجري الجديد، لقد كانت الهجرة من مكة إلى المدينة نقلة من عالم الشرك والظلام إلى نور الحق والتوحيد ونقطة تحول في التاريخ الإسلامي حيث كانت حافلة بالدروس والأحداث والعبر، حيث أمر الله رسوله أن يهاجر إلى المدينة المنورة مأزر الإيمان وعند مشارفها كان الأنصار في استقبال رسول الهدى وموكب الخير والإيمان فاحتفت طيبة بمقدمه وخرجت لاستقباله تغمرها الفرحة والغبطة والابتهاج وتبوأت المدينة مكانة سامقة في القلوب وأصبح الفخر لها والمجد حيث صارت مشرق النور ومهبط الوحي ومجمع الفضائل.
فالهجرة نقلة من عالم الكفر والشرك والظلام إلى نور الحق والتوحيد والإيمان ومع الهجرة التاريخية المباركة جعل الله كلمة الذين كفروا السفلى. وكلمة الله هي العليا.
فكانت الهجرة تحولاً تاريخياً عظيماً في حياة الإنسانية، وعلامة مشرقة وانداح الضياء والنور في بقاع الأرض وهاجاً، والتقى المهاجرون والأنصار في أعظم اتحاد ايثار وإخاء ومحبة ووئام وواجهوا القوى المناوئة للإسلام من المشركين والمنافقين واليهود بكل صبر وثقة وجهاد وصدق، فأكرمهم الله بالنصر في مواقع كثيرة. فالهجرة نقطة تحول في التاريخ الإسلامي وضعت أسس الدولة الإسلامية، وفتحت باباً أمام انتشار القوة الإسلامية وانتصاراتها العظيمة حيث أصبح المسلمون أمة قوية عزيزة مرموقة الجانب.
إن للمناسبات الكريمة والأحداث العظيمة آثاراً بعيدة المدى في حياة الناس وإن الهجرة حافلة بالأحداث والدروس والعبر فقد احتضنت المدينة دعوة الحق وسطرت صفحات المجد والعزة والشموخ والخلود وورثت مملكة كسرى وإمبراطورية قيصر وأعز الله الإسلام، وأذل الكفر وانتشر الإسلام وانتصر المسلمون على الشرك والكفر والوثبة وامتد الإسلام في أرجاء المعمورة، وشارك المسلمون في بناء صرح الحضارة الإنسانية وجمل المشاعل وإضاءة السبل وبيان معالم الحق والهدى.
وصفوة القول: إن الهجرة تاريخ عظيم تجسد معاني كثيرة ودروساً عدة وعبراً وعظات ينبغي استيعابها وأن نعي حقيقتها وأهدافها وآثارها وما تتضمنه من مواقف ومشاهد جديرة بأن نتعظ بها ونتعلم منها ونستلهم منها الدروس النافعة والقدوة المثلى، وغير ذلك من المعاني السامية المضيئة نسأل الله أن يحقق الآمال ويهيىء لنا من أمرنا رشدا.
ونسأل الله أن يديم على وطننا الأمن والاستقرار والخير والازدهار.
- عضو جمعية التاريخ والآثار بجامعات دول مجلس التعاون