سليمان بن داود الفايز ">
في حياة الشعوب وعلى مر العصور والأزمان وفي تاريخ ومسيرة البشرية رجال أفذاذ استطاعوا أن يصنعوا المجد لشعوبهم هؤلاء هم عباقر التاريخ حفروا أسماءهم بمداد من ذهب، فأصبحت أعمالهم خالدة، وذكراهم باقية، تتجدد تجدد الأحداث في مسيرة الحياة وتبقى ذكراهم شموعاً مضيئة وهامات مرتفعة محفورة في الذاكرة.
وفي مطلع القرن الهجري الماضي وقبل مائة عام ونيف وبالتحديد عام 1319هـ أراد الله سبحانه وتعالى بهذه الامة خيراً بعدما عانته من خلاف وتخلف لقرون عديدة حتى أصبحت تترقب من يجمع شتاتها ويوحد كلمتها ويصقل طاقتها الكامنة، فقيض لها هذا البطل، والإمام الملهم، عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود-طيب الله ثراه-فجمعها على الأخوة والمودة والمساواة تحت مظلة العدل والمحبة والأمان.
وهذا المجد الذي نعيشه في اليوم الخامس والثمانين ماهو إلا ثمرة من ثمار كفاح أولئك الأبطال الذين حبروا التاريخ بدمائهم، واستبسالهم حتى حققوا معجزة الإنجاز والنقلة الكبيرة على جميع الاصعدة، وكلما تكرر هذا اليوم تكررت معه إنجازاتهم وظهرت في الأفق تطلعاتهم، واستقام المسار نحو غاياتهم على النحو الذي يجعل الخلف يترسم خطى السلف، متنقلا بين المحطات، ومستدلا بالمنارات على الطريق المرسوم في الاتجاه المعلوم.
ومما يضفي على الاحتفاء بهذه المناسبة قيمة ويزيده شرفاً أنه يلهب حماس الأمة نحو الوطنية ويجدد لديها روحالوكنية بالشكل الذي يفسح المجال أمامها لاستعراض إنجازاتها وصيانة مكتسباتها، وتحديد مستواها بالنسبة للأمم الأخرى، من واقع مايتوافر لها من عوامل القوة المعنوية والمادية والأمة إذا هي حافظت على دينها وتخلقت بمكارم الأخلاق وسرت فيها روح الوطنية وعلت همتها، وبعدت غايتها لا تنقرض ولا تزول ، مهما عاكستها الظروف وواجهتها المخاطر.
والاحتفاء باليوم الوطني دعوة سامية تحمل بين طياتها رسائل الآباء والأجداد إلى الأبناء والاحفاد، لتذكير الأجيال اللاحقة بما سطرته الأجيال السابقة من بطولات وما قدمته من تضحيات، حيث إن هذا اليوم ما هو إلا معلم على طريق الأمة الطويل، يخلد مرحلة عظيمة من مراحل عمرها.
إنها ذكرى خالدة لمسيرة المجد والبناء..ذلك هو اليوم الوطني الذي يجسد حس الأنتماء لهذا الوطن وتاريخه وقيادته، كيف لا ونحن نعيش في حقبة زاهرة وطفرة اقتصادية، ومنجزات عظيمة، ومشروعات إنمائية متعددة، خلال مسيرة ناجحة قادها المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز كان من نتاجها تأسيس هذا الكيان العظيم الذي رعاه من بعده أبناؤه البررة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي عهده حفظهم الله.
والواقع أن المواطن الذي يعرف معنى الوطنية وقيمة المواطنة، ويدرك المغزى والهدف من الاحتفاء باليوم الوطني، عليه أن يراجع حساباته في هذه الذكرى المجيدة فيما قدم لوطنه، ومدى مناسبة العطاء المبذول منه للعطاء الذي قدمه له الوطن، فعلى ضوء مراجعته لنفسه وتقويم واقعه يكون المواطن قد وظف احتفاله بهذا اليوم بما يخدم غايات هذا اليوم، لينطلق إلى ما فيه إصلاح حال المجتمع وتحقيق آمال الوطن.
وإن الناظر المنصف في هذا العهد الزاهر يرى قيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز-رعاه الله- لهذا الوطن والأمة بفكر سياسي ومفاهيم إسلامية ووفاء بعهده لخدمة الدين والمواطنين عندما قال حفظه الله(أسأل الله أن يوفقني لخدمة شعبنا العزيز وتحقيق آماله، وأن يحفظ لبلادنا وأمتنا الأمن والاستقرار، وأن يحميها من كل سوء ومكروه).
لقد بدأ حكمه بالتمسك بالثوابت الإسلامية فحقق الله له مطالبه، واطلع على صدق نيته وحبه لشعبه، فبادله الشعب حباً بحب، فعاش الوطن أوج ازدهاره.
نسأل الله ان يوفق ولاة أمرنا، وأن يحفظ لنا ديننا، وعلماءنا، وأن يحفظ شبابنا، وأمننا. إنه جواد كريم.
- مدير المعهد العلمي في الزلفي