يوسف بن محمد العتيق
في كتابه ذكريات العهود الثلاثة (ص 187)، قال الأديب الكبير محمد حسين زيدان عن الحرمين الشريفين وحكّامها عبر عقود بل قرون: وتداول أقيال وعواهل وأمراء وباشوات وسلاطين فإذا كلهم يرفعون رؤوسهم بلقب «حامي الحرمين»، بعضهم لا ننكر عليهم الحماية، وبعضهم لم يتمكن من حماية الحرمين حتى من سلوكهم، وحين تمّت الوحدة لهذا الكيان المملكة العربية السعودية،كان معنى الخدمة للحرمين الشريفين الحماية لهما والحماية بهما.
هذا الكلام قاله زيدان - رحمه الله - في كتابه «ذكريات العهود الثلاثة»، وهو توثيق لمراحل عاشها في ثلاثة عهود حكمت الحرمين الشريفين، وهي العهد العثماني، وعهد الأشراف ثم عهد الدولة السعودية الثالثة، فهو لا ينطلق من كتابة تاريخية فحسب، بل هو شاهد عيان.
لذا لا نستغرب أن نجد حكام هذه البلاد ابتعدوا عن ألقاب الفخامة والتعظيم مثل حامي الحرمين، إلى ألقاب التواضع وهي خادم الحرمين الشريفين، ويكون هذا اللقب الرسمي لرأس السلطة في هذه البلاد.
والمتأمِّل في تاريخ هذه البلاد منذ أن دخل المؤسِّس مكة المكرمة محرماً ملبياً وحتى يومنا هذا، وارتباط هذه الدولة قيادة وشعباً بأقدس البقاع ارتباطاً وثيقاً، مشهد صغير في المشهد الكبير كاملاً، وهو حجم تفاعل أبناء هذه البلاد وخدمتهم للحجاج بشكل تطوعي خارج الإطار الرسمي، مشهد يستحق التوثيق والتسجيل، وهو ما يؤكد أنّ هذا البلد وفّقه الله لأعظم تشريف وتكليف يكون لبلد في هذه الدنيا.