غادة أحمد الشريف ">
إنَّ حبَّ الوطنِ من الإيمان، تستسيغُه الفطرة البشريَّة السليمَة، إذ يُحتِّم علينا خدمتَه والتفاني في بنائه، ولا يخفى على أحدنا مدى أهميَّة ذلك، فكلُّ الأديان والشرائع، تحثُّ الفرد المواطن الصالح على خدمة وطنه؛ الخدمة اللائقة المتمثّلة بأداء جُلِّ الواجبات، دونما تقاعس أو تقصير، سواءَ كان الفرد صغيراً أم كبيراً؛ ودون النظر إلى جنسه ذكراً كان أم أنثى «فكلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته»، ولئن كانت الانتخابات البلديَّة في أيَّة دولة مظهراً حضارياً؛ يدلُّ على مدى الوعي بالمسؤولية الملقاة على عاتق كل فرد فيها؛ للنهوض بمجتمعها وتأمين حاجاته، فالمرأة التي هي نصفٌ لهذا المجتمع وفرد لا غنى عنه فيه؛ يتوجَّب عليها أنْ تعيَ مسؤوليتَها، فتقومَ بدورها الانتخابيِّ دون تردُّدٍ منها أو خجل، تجاه مجتمعها ووطنها، وجنباً إلى جنب مع الرَّجل، كلَّما دعتْ الحاجة والواجب إلى ذلك، وكما أنَّ لها حقوقاً، فإنَّ عليها واجبات، لا تنحصر في البيت فقط، ولا يتأتَّى القيامُ بها وأداؤها إلَّا من خلال ممارسة حقِّ التَّرشح للانتخابات البلديَّة، التي تعود على الوطن بكلِّ النفع والخير، ولمَّا كان أمرُهم شورى بينهم، فقد كان لِزاماً على المرأة أنْ تفهم أنَّ الانتخاب هو أحدُ مظاهر الشورى، التي حضَّ عليها الإسلام وتجسيدٌ لها، بأرقى الصور وأسمى الأهداف، ألا وهي خدمة الوطن، لأنَّ الانتخاب يُعطي المرأةَ الحريَّة في ترشيح نفسِها، ويمنحُها حقَّ انتخاب الغير، وإنَّ عزوفَ المرأة عن ممارسة حقِّها الانتخابيِّ هذا، هو بمثابة تهاونٍ منها بأداء واجبها الوطنيِّ تجاه بلدها؛ والذي يدلُّ كذلك على انعدام الوعي بالحقوق والواجبات، وقلَّةٍ في الإدراك لديها بأهميَّة دورها وخطورته، في دفع عجلة النُّمو والازدهار.
وأمَّا فتحُ باب التَّرشيح للانتخابات البلديَّة أمام المرأة في مجتمع ما؛ فهو مكرُمَةٌ سخيَّةٌ، تستحقُّ من المرأة المبادرةَ بإيجابيَّة للترشُّح والانتخاب؛ طالما أنَّ الفرصة سنحتْ لها بذلك، لا التعامُلُ بسلبيَّة وتجاهلٍ لقيمة ومكانة الدَّور الانتخابي للمرأة، الأمر الذي يُعتبَرُ تهرُّباً من المسؤوليَّة وعجزاً في القدرات، يستوجِب المحاسبةَ عليه، وهذا ما لا يجبُ على المرأة أنْ تثبتَهُ وتصلَ إليه، بل وأنْ تقبله على نفسِها؛ مكافأة منها لوطنها الغالي! فالإسراع في التَّرشح والانتخاب، إنَّما هو إطاعةٌ لنداء الواجب الوطنيِّ المتأصِّل فينا، وواجب من الوفاء بالعهد، يهزُّنا لتلبية احتياجات مجتمعنا ووطننا، بما يليق بأرضه وسمائه، بادرةٌ حكيمة، إنْ دلَّتْ على شيء، فهي تدلُّ على ارتفاع نسبة الوعي والتحضُّر، لدى أبناء الوطن الواحد؛ وعلى إيمانهم المُطلقِ، بكفاءَة المرأة وقدراتها على التضحيَّة والعطاءِ، بغيَة التقدُّمِ والارتقاء.