موسكو - سعيد طانيوس:
ناقش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع عدد من قادة الدول ، على رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز نتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لموسكو، فور مغادرة الأخير للعاصمة الروسية،فيما اكدّ الكرملين انه لا يعتزم القيام باية عملية برّية على الاراضي السورية ، وأنه سيتخذ موقفا بنّاء خلال اللقاء الرباعي المقرر في فيينا والذي حضره وزير خارجية المملكة،في وقت امر فيه سيّد الكرملين بادخال تعديلات على استراتيجية الأمن القومي الروسي تتماشى مع الدور الذي تضطلع به القوات الروسية في سورية!.
أعلن مجلس الأمن الروسي أن الرئيس بوتين قرر إجراء تعديلات على استراتيجية الأمن القومي للبلاد من أجل ضمان استمرارية سياسة الدولة في هذا المجال. وقال انه من المقرر أن يُقدم المشروع النهائي للاستراتيجية المعدلة للرئيس الروسي بحلول نهاية العام الجاري.وجاء في بيان أصدره المجلس الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول: «اتخذ الرئيس الروسي القرار بإجراء تعديلات على استراتيجية الأمن القومي لضمان استمرارية سياسة الدولة في مجال الأمن القومي، واستمرارية منظومة المصالح القومية والأولويات الاستراتيجية القومية».
وأوضحت الدائرة الصحفية للمجلس أن لجنة التخطيط الاستراتيجي التابعة له عقدت اجتماعا لبحث مشروع الاستراتيجية المعدلة، إذ استبعد المشاركون في الاجتماع، انعزال الدولة عن العالم الخارجي، وأكدوا أن السياسة الخارجية النشطة وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى، وجذب الاستثمارات الأجنبية والتقنيات، يجب أن تأتي إضافة إلى الجهود الذاتية لتحديث الاقتصاد وتعزيز الأمن القومي للاتحاد الروسي.
كما شدد المجتمعون على ضرورة تحقيق الفعالية القصوى لدى استخدام موارد روسيا، بما في ذلك قدراتها الاقتصادية والسياسية والبشرية والثقافية والروحية. وأضاف البيان أن مشروع الاستراتيجية المعدلة ينطلق من وجود ارتباط أصيل بين ضمان الأمن القومي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وكان الرئيس الروسي قد ناقش خلال اتصالات هاتفية منفصلة أجراها مع كل من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس التركي رجب طيب أردوغان اسباب ودوافع ونتائج الزيارة السرية المفاجئة التي قام بها رأس النظام السوري بشّار الاسد الى موسكو ليل الثلاثاء الاربعاء.
وقال دميتري بيسكوف الناطق الصحفي باسم الرئيس الروسي ، تعليقا على المكالمة الهاتفية، إن المحادثات بين بوتين خادم الحرمين الشريفين تناولت التطورات في سوريا، الى جانب بنتائج زيارة الرئيس السوري إلى موسكو.
وقال بيسكوف: «في اتصال هاتفي مع خادم الحرمين الشريفين ملك المملكة العربية السعودية، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، واصل بوتين مناقشة الموضوعات السورية».
وأضاف «لقد أطلع الرئيس الروسي الملك على نتائج زيارة الرئيس السوري بشار الأسد عشية، إلى روسيا».
يذكر أن المملكة تصر على رحيل بشار الأسد عن سدة الحكم بعد تشكيل هيئة حكم انتقالية وفق بيان جنيف، وأكد على هذا المسار وزير الخارجية المملكة، الاستاذ عادل الجبير، في كلمته في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، يوم الاثنين الماضي، في الرياض، قائلا أنه يجب على الرئيس السوري بشار الأسد، «التنحي بعد تشكيل هيئة حكومية انتقالية في سوريا للحفاظ على مؤسسات الدولة»، مضيفا أن «المجتمع الدولي قد يتسامح مع بقاء الأسد حتى تشكيل هيئة الحكم الانتقالي».
وفي وقت سابق تلقى بوتين اتصالا هاتفيا من نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وبحث الزعيمان الأوضاع في سوريا وزيارة الأسد إلى موسكو.وذكر الديوان الرئاسي التركي أن أردوغان أعرب خلال مكالمته الهاتفية مع بوتين عن قلقه من التطورات الأخيرة في سوريا وتحدث عن مخاوفه من احتمال تنامي تدفق اللاجئين من سوريا على خلفية تصاعد العمليات القتالية.
ومن المقرر أن تستضيف فيينا، يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر، محادثات تجمع وزراء خارجية روسيا والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وتركيا لمناقشة الأزمة السورية.وقد أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو ستنطلق من مواقف بناءة خلال اللقاء الروسي الأميركي السعودي التركي حول سوريا الذي سيعقد في فيينا يوم الجمعة.
وقال لافروف الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول على هامش مناقشات منتدى «فالداي» الدولي المنعقد في سوتشي جنوب روسيا: «إن موقفنا بناء دائما، وهو يعتمد على القانون الدولي».
وأعرب وزير الخارجية الروسي يوم الخميس، عن أمله في أن تجري مباحثاته مع نظرائه الأميركي والسعودي والتركي في فيينا حول سوريا بشكل إيجا بي.وقال قبيل توجهه إلى العاصمة النمساوية للمشاركة في لقاء يجمعه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في 23 أكتوبر/تشرين الأول، بمشاركة نظيريهما السعودي والتركي لمناقشة الملف السوري، إن الموقف الروسي يتصف دائما بالروح البناءة إزاء البحث عن إيجاد تسوية سياسية للأزمة السورية.
وكان لافروف قد بحث مع نظيره الأميركي جون كيري عبر الهاتف الأربعاء التطورات في سوريا والتحضيرات للقاء روسي أمريكي سعودي تركي سيعقد في فيينا الجمعة على مستوى وزراء الخارجية.
وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها أن لافروف اقترح خلال المكالمة الهاتفية بمبادرة من الجانب الأميركي، عقد اجتماع لرباعية الشرق الأوسط (روسيا الولايات المتحدة الاتحاد الأوروبي الأمم المتحدة) في فيينا في اليوم نفسه، نظرا للتوتر الشديد في العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية ولا سيما حول الأماكن المقدسة في القدس.
في الاثناء، اكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف ، إن روسيا لا تخطط لخوض عملية عسكرية برية في سوريا. وقال أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفى مرارا عزم موسكو على خوض عملية برية في سوريا، مشيرا إلى أن زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لموسكو لم تغير الموقف الروسي في هذا الشأن.
وأوضح بيسكوف أن التسوية السياسية ستبدأ فور الانتهاء من مرحلة محاربة الإرهاب.
واعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية، بأنه لا مجال للحديث عن تسوية سياسية في سورية في ظروف التهديد الإرهابي وقبل التغلب عليه أولا.وقال بيسكوف، ردا على سؤال، حول ما إذا تمت مناقشة مسألة استقالة الأسد والضمانات السياسية خلال اجتماع بوتين معه: «مثل هذه التفاصيل، طبعا، غير متوفرة. وبطبيعة الحال، الحديث عن تسوية سياسية في ظروف لا يزال فيها التهديد الإرهابي يهيمن على البلاد ويهدد بانهيار الجمهورية العربية السورية وفقدان وحدة الأرض والسيادة، بالتأكيد، لا مجال لذلك. الأولوية الأولى هي مهمة مكافحة المنظمات الإرهابية والمتطرفة، ومن ثم الانتقال إلى مرحلة معينة من التسوية السياسية».
وأفاد المتحدث الصحفي أن الرئيس بوتين تحدث أكثر من مرة حول عدم إمكانية القيام بعملية عسكرية برية روسية في سورية وبعد الحديث مع الأسد، الأمر لم يتغير.
وأضاف بيسكوف، رداً على سؤال فيما إذا كان الحديث بين بوتين والأسد قد تطرق إلى توريد الأسلحة والعملية العسكرية البرية للقوات الروسية في سورية: «حول العملية العسكرية البرية، الرئيس أكثر من مرة عرض وجهة نظره، والآن لا يوجد أي تغيير، ولا أستطيع أن أضيف شيئاً على ما تم قوله».ووفقا لإقواله، فإن الجانبين الروسي والسوري يجمعان على أنه لا بديل عن التسوية السياسية في سورية.
وتابع بيسكوف: «أود أن أشير إلى تشديد بوتين على أنه بطبيعة الحال، في نهاية المطاف، الكلمة الأخيرة في إطار التسوية السياسية ستكون للشعب السوري، ويجب ألا تفرض عليه من الخارج».وأوضح بأن محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره السوري بشار الأسد، استمرت ما يقرب الثلاث ساعات.
وأكد سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي الخميس 22 أكتوبر/تشرين الأول أن المباحثات بين الرئيسين الروسي والسوري في موسكو تندرج في إطار التسوية السياسية للأزمة السورية.
وفي تعليق على ما صرح به إيريك شولتس الناطق الرسمي باسم البيت الابيض بصدد الغاية من وراء زيارة الأسد إلى موسكو قال ريابكوف: «لقد ركزت المباحثات في الكرملين بشكل رئيس، وتحديدا على الجانب السياسي من التسوية في سوريا».
وأضاف: «الحوار الصريح الذي دار بين الرئيس الروسي ورئيس الجمهورية العربية السورية المنتخب بصورة شرعية، يحظى بأهمية رئيسية في إيجاد سبل الحل السياسي. هذا واضح للجميع، ولا يسعنا إلا الأسف حيال الموقف الأميركي المشكك والمنزعج من جهودنا المبذولة على أرفع المستويات بما يخدم حل المشكلة التي نشأت في معظمها نتيجة للسياسة ضعيفة البصيرة، والمغلوطة عموما لواشنطن في الشرق الأوسط».
اما ستيفان دي ميستورا المبعوث الأممي إلى سوريا، وعلى العكس من الناطق باسم البيت الأبيض، فقد عبّر عن ترحيبه باللقاء بين بوتبن والاسد املا ان يخدم التسوية السياسية في سوريا.وقالت جيسي شاين المتحدثة باسم دي ميستورا «الأمم المتحدة كانت على الدوام تؤيد التسوية السياسية في سوريا، والمبعوث الأممي يرحب بأي جهود تصب في هذا الاتجاه. دي ميستورا على يقين مطلق بأنه تم في موسكو بحث هذه المسألة».
وانتقد البيت الأبيض بشدة استقبال الرئيس السوري بحفاوة في روسيا، متهما موسكو بتقويض التقدم باتجاه انتقال سياسي عبر دعمه. وقال مساعد الناطق باسم البيت الأبيض ايريك شولتز إن الولايات المتحدة ترى أن «الاستقبال الحافل للأسد الذي استخدم أسلحة كيميائية ضد شعبه يتناقض مع الهدف الذي أعلنه الروس من أجل انتقال سياسي في سوريا».
وأضاف أن تحركات موسكو في الشرق الأوسط الذي يشهد حروبا «تأتي بنتائج عكسية».
وهذه الزيارة الأولى من نوعها للأسد منذ اندلاع الأزمة السورية أواسط مارس/آذار 2011، ولم يعلن عنها الكرملين إلا بعد عودته إلى دمشق. وتكتسب الزيارة أهمية كبرى إذ أنها تأتي على وقع العملية الجوية الروسية في سوريا التي أطلقتها موسكو في 30 سبتمبر/أيلول الماضي .
وبررالصحفي والناشط الإعلامي الفرنسي تيري ميسان، الخميس،إحاطة زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لموسكو بالسرية، بأن ذلك يعود لعدة أسباب أمنية، فسفره يتطلب المرور جواً ضمن مناطق يسيطر عليها الإرهابيون ومناطق سيطرة حلف «الناتو» و»التي من الممكن أن تقصد اغتياله».
وقال ميسان «جميعنا يعلم بأن الأسد لم يخرج من سوريا منذ عام 2011، وذلك بسبب تهديد الناتو له. إضافة لذلك، فإنه خلال السنوات الماضية، دخلت أعداد كبيرة من الإرهابيين المرتزقة من كافة أنحاء العالم إلى سوريا، ورغم ذلك بقي الرئيس الأسد القائد العام للجيش العربي السوري، لذلك لا يستطيع مغادرة ساحة الحرب».
وأضاف ميسان»لكن منذ حوالي شهر، ومع بدء العمليات العسكرية الروسية، والنجاحات التي حققتها بمساندة الجيش العربي السوري براً، أصبح سفره أسهل بكثير».
الى ذلك ، من المتوقع ان يطلق الرئيس الروسي مواقف هامة على هامش مشتركته في مناقشات نادي «فالداي» الدولي الذي تستضيفه روسيا سنويا بحضور نخبة من الخبراء الدوليين والسياسيين المخضرمين.وقال الناطق باسم الرئيس الروسي إن بوتين سيقدم خلال مشاركته في آخر جلسة عامة للنادي هذا العام، موقفه حول التطورات الآنية على الساحة الدولية.
وأعاد بيسكوف إلى الأذهان أن موضوع مناقشات هذا العام هو «الحرب والسلام»، وهو يشمل حزمة من أهم القضايا العالمية الأكثر إلحاحا في مجالات الشؤون العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
وأظهر استطلاع أجري يومي 17 و18 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وشارك فيه 1600 شخص من سكان روسيا، أن نسبة التأييد للرئيس بوتين ارتفعت من 89.1 في المائة في يونيو/حزيران 2015، إلى 89.9 في المائة حاليا.
وأرجع المشرفون على الاستطلاع أهم أسباب ارتفاع شعبية بوتين إلى قراره إرسال طائرات تابعة لسلاح الجو الروسي إلى سوريا.