تفاعلاً مع ما كتبه أحد الإخوة لعزيزتي الجزيرة بتاريخ 15 ذي القعدة 1436 مثنياً على كتاب - أعلام الرس - وعلى جهود مؤلفه الأستاذ والباحث عبد الله بن صالح العقيل، هذه الجهود التي أثمرت كل هذا الكم المعلوماتي الوفير عن تراجم 109 من العلماء والقضاة وأئمة المساجد والمطوعين وكتّاب الوثائق ومعلمي الكتاتيب ورجال الحسبة ممن عاشوا في الفترة من عام 1070 إلى عام 1400هـ.
وقد قدم لهذا الكتاب المكون من جزءين الأستاذ المشارك بجامعة القصيم د.إبراهيم بن عبد الله الدويش الذي أثنى هو الآخر على جهد المؤلف، وأبدى بعض الملاحظات الوجيهة، وأخص بالذكر قوله: إن هذا الكتاب على طريقة المؤرخين في الجمع والسرد لأخبار المتقدمين دون عزو أو تحليل أو تثبت أو دليل على صحة المواقف والأحداث سوى نقلها عن رواتها من الأحفاد أو المهتمين بهذا الشكل من أشكال المعرفة، بخلاف ما اعتاد عليه المحدثون في كتب التراجم من ذكر الأسانيد والحكم بصحة أو ضعف المنقولات... إلخ.
ولعل الدكتور إبراهيم، وهو أكاديمي وأديب وداعية معروف وعضو احتماعي فاعل من خلال عضويته في لجنة الأهالي، ومن كونه صاحب مركز رؤية للدراسات والبحوث الاجتماعية، وصاحب إثنينية الدويش.. أقول: لعله أراد من التطرق لهذه الملاحظة تنبيه القارئ إلى إمكانية الاستئناس بقراءة هذا الكتاب والإلمام بما تضمنه من معلومات قيمة عن هؤلاء الأعلام دون الاعتماد عليه في رد ما يخالفه في كتب المحدثين الذين يعتمدون طريقة الإسناد المسلسل والتثبت من صحة أو ضعف ما ينقلونه من أخبار المترجم لهم.
ومن ملاحظاتي الخاصة التي توصلت إليها من خلال قراءتي السريعة لهذا المؤلّف المتميز بالوفاء لهؤلاء الأعلام من الآباء والأجداد.. أذكر:
1 - تكرر في هذا الكتاب قول الأخ المؤلف إن أسرة الغفيلي جاءهم هذا اللقب من جدهم سالم بن علي بن سليمان بن شارخ الذي تولى رجال من نسله إمارة الرس قبل العساف.
وهذا يُوهم القارئ أن هؤلاء الرجال الذين تولوا إمارة الرس هم من نسل سالم، والصحيح أنهم من نسل شارخ كما ورد في كتاب شعراء من الرس لمؤلفه الأستاذ فهد الرشيد، وأبرزهم علي بن براهم بن سليمان بن شارخ الذي تولى إمارة الرس أثناء حملة إبراهيم باشا سنة 1232هـ، وبقي في الإمارة قرابة 30 سنة، وبعد وفاته تولى الإمارة ابنه محمد المذكور في حوادث عام 1269، ثم تولى الإمارة أخوه حزاب العلي.
2 - في ترجمته لأحد أفراد أسرة الغفيلي، وتحديداً في صفحه 74 من الجزء الثاني، ذكر أن أسرة الغفيلي جاءهم هذا اللقب من جدهم سالم بن سليمان... إلخ، وفي ترجمته لآخر من أفراد هذه الأسرة، وتحديداً في صفحة 115 من الجزء ذاته، ذكر أن أسرة الغفيلي جاءهم هذا اللقب من جدهم سالم بن علي بن سليمان... إلخ، والقول الأخير مخالف للقول الأول، ومخالف لما ورد في شجرة أسرة الغفيلي المتوافقة مع القول الأول في أن والد سالم هو سليمان بن شارخ وليس علي بن سليمان بن شارخ، وهذه الشجرة موثقة ومحفوظة لدى مكتبة الملك فهد الوطنية برقم 2836/17 وتاريخ 15/10/1417 هـ.
3 - أسرة الغفيلي تشمل أبناء سالم وتشمل أبناء أخيه إبراهيم وهم - آل علي - باعتبار أن لقب الغفيلي جاء إلى سالم من والده سليمان، وفقاً للرواية المتداولة التي تقول إن سالم ذكر لوالده أن رجلاً تسلق النخلة ليأكل من التمر فنهره والده، وقال اغفل يا الغفيلي و (ال) التعريف تدل على أن سالم غفيلي بالوراثة، وبالتالي يكون - آل علي - بني أخ للغفالي من ذرية سالم حسب النسب وحسب الوثائق التاريخية القديمة التي تدل على ذلك، وأقربها الوثيقة المدونة في الجزء الثاني من هذا الكتاب، وتحديداً في الصفحة 199 والتي تنص على أن آل علي وبني أخيهم الغفالي اقتسموا فيما بينهم مسيل بطن الوادي.. إلخ، والوثيقة بخط الشيخ صالح بن قرناس سنة 1297 أي قبل 140سنة.
4 - حرص المؤلف - وفقه الله - على توثيق أصول وانتماءات بعض الأسر إلى بعض القبائل العربية المعروفة، وهو جهد يندرج ضمن جهود أصحاب الشأن لتصحيح التقسيمات الاجتماعية التي ليس لها أساس معروف، وإلا فالجميع أسر عربية عريقة موصول كل منها بإحدى القبائل العربية المشهورة، لكن الشيء الذي أحسب أن الكثير من القراء يتحفظون عليه هو إلحاق أصل إحدى الأسر بأهل بيت النبوة، ولعل سبب هذا التحفظ هو أن المؤلف لم يذكر من الدليل ما يكفي لتصديق هذا التأصيل، إضافة إلى كونه يخالف التأصيل المألوف الذي يكون في العادة موصولاً بإحدى القبائل العربية المعروفة قديماً والتي لا تزال معروفة في وقتنا الحاضر.
5 - أخيراً فقد أثنى المؤلف - وفقه الله - على وجيه الرس المعروف الشيخ حمد بن منصور المالك - رحمه الله - في معرض ترجمته لابنه الشيخ منصور - حفظه الله -، وكان بودي لو يتوسع المؤلف في الطبعة اللاحقة في ذكر شيء من السيرة الذاتية الحميدة والمواقف الاجتماعية المشرفة لهذا الوجيه الذي ما جاد العصر الحديث على الرس بوجيه مثله والذي ما زلنا نتحسر على فقده حتى الآن، وكأنه بالنسبة لنا المعني بقول عبدة بن الطبيب:
فما كان قيس هلكه هلك واحد
ولكنه بنيان قوم تهدما
وعزاؤنا في أبنائه وأحفاده الذين يتواصلون مع الرس ويشرفونها في كل المناسبات، على سبيل الوفاء لبلدتهم والبر بوالدهم الذي أفنى عمره في خدمتها وخدمة من يحتاجون إلى مساعدته من أبنائها بحكم ما له من المكانة والتقدير لدى الأمراء وكبار المسئولين - رحمه الله رحمة واسعة -.. وأدام علينا ما ننعم به في هذه البلاد المباركة من أمن عميم وعيش كريم تحت مظلة دولتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
محمد الحزاب الغفيلي - الرس