الجزيرة - علي القحطاني وناصر البراك:
أظهرت بيانات المؤشرات العقارية لوزارة العدل، أن قيمة التداولات العقارية في المملكة بلغت 367 مليار ريال خلال العام المنصرم 1436 هـ توزعت على 288 ألف صفقة عقارية، واستحوذ القطاع السكني على نحو 66 بالمائة من السيولة العقارية وبمبلغ قدره 243.5 مليار ريال، فيما بلغ نصيب القطاع التجاري 123.5 مليار ريال أي 34 بالمائة من إجمالي قيمة التداولات. وبالمقارنة في العام الماضي، فقد تراجعت قيمة التداولات 16 بالمائة أي بنحو 71 مليار ريال، حيث كانت قيمة التداولات في عام 1435 هـ نحو 437 مليار ريال، ومن الملاحظ أن هذه هي المرة الأولى التي تتراجع فيها قيمة التداولات العقارية منذ عام 1430 هـ (منذ سبع سنوات) حيث كانت السيولة تسجل نموًا سنويًا.
ووفقًا لبيانات المؤشرات العقارية، توزعت خسارة سيولة السوق العقارية خلال العام الماضي حسب القطاعين السكني والتجاري، بنسبة 16 في المائة للقطاع السكني، وللقطاع التجاري بنسبة أكبر وصلت إلى 16.5 في المائة. وبالنظر إلى قيمة التداولات العقارية من حيث نوع العقارات المباعة، فقد استحوذ قطاع الأراضي على النصيب الأكبر وبما نسبته 86 بالمائة منها أي 317 مليار ريال، فيما جاء قطاع الأراضي الزراعية في المرتبة الثانية مستحوذًا على 4 بالمائة من قيمة التداولات (14 مليار ريال)، وجاء قيمة التداولات للشقق بالمرتبة الثالثة مستحوذة على 3.1 بالمائة.
أما بالنظر إلى التغير السنوي للسيولة حسب نوع العقار، فقد تراجعت قيمة الأراضي المباعة بنسبة 19 بالمائة، وكذلك تراجعت مبيعات الأراضي الزراعية بنسبة 32 بالمائة، وانخفضت قيمة الفلل المباعة بنسبة 28 بالمائة، فيما سجلت بعض القطاعات نموًا حيث ارتفعت قيمة البيوت المباعة وكذلك المعارض والمحلات بنسبة كبيرة جدًا بلغت 391 بالمائة و369 بالمائة على التوالي، وارتفعت أيضًا قيمة التداولات لشقق بنسبة 20 بالمائة، والمرافق والاستراحات بنسبة 45 بالمائة و30 بالمائة على التوالي.
وبحسب بيانات توزيع السيولة العقارية بحسب مناطق المملكة، فقد استحوذت منطقة مكة المكرمة على 35 بالمائة من السيولة حيث جاءت بالمرتبة الأولى وبما قيمته 129 مليار ريال حيث حافظت على مركزها للعام الثاني على التوالي، وجاءت منطقة الرياض بالمرتبة الثانية مستحوذة على 34 بالمائة من إجمالي السيولة العقارية وبما قيمته 124 مليار ريال، وجاءت المنطقة الشرقية بالمرتبة الثالثة وبما قيمته 55 مليار ريال ونصيبها 15 بالمائة من إجمالي السيولة، وسجلت السيولة العقارية في جميع مناطق المملكة تداولات تفوق المليار ريال باستثناء منطقة الباحة التي بلغت قيمة تداولاتها العقارية 73 مليون ريال فقط.
أمام ذلك، قال المهندس محمد الخليل نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية بمجلس الغرف السعودية: إن ركود السوق العقاري في الوقت الراهن واضح وملموس، مبينًا أن العرض والطلب هو سيد الموقف، ولكن لم نشعر بأن هناك انخفاض في الأسعار بشكل مؤثر، لأنه لا يوجد شيء يدل على ذلك الانخفاض. وذكر أن ما زاد من الركود الحاصل هو ترقب المواطنين لنتائج وزارة الإسكان التي ستعطي الضوء الأخضر للمشروعات القادمة، ولكن الأسعار ستبدأ بالانخفاض بشكل تدريجي في المناطق التي ستشهد إقامة مشروعات سكنية كبيرة.
وبين الخليل، أن هناك العديد من العوامل التي أثرت على انخفاض الصفقات خلال العام الماضي لعل أبرزها هو أسعار النفط التي فقد من متوسط سعره لعام 2015 حتى الآن أكثر من 45 في المائة مقارنة بمتوسط 2014، ولا شك أن استمرار انخفاض أسعار النفط يؤثر على النشاط العقاري، والعامل الأخرى استمرار مؤسسة النقد العربي السعودي في التطبيق 30 في المائة لحماية القطاع التمويلي من التورط في الفوضى التي قد تحصل في السوق، والعامل الثالث هو الترقب الراهن لإقرار آليات الرسوم على الأراضي البيضاء داخل المدن والمحافظات، الذي يعد في الوقت الراهن أهم العوامل وأثقلها وزنًا وتأثيرًا عند التطبيق، الذي سيسهم بخطى أسرع في تصحيح العقار.
وأكَّد الخليل على أهمية احترام جميع الوثائق التي تصدر من الدولة خاصة الصكوك، ومعاقبة من تسبب في هذا الخلل، لما لذلك من تأثير مباشر على القطاع العقاري بشكل عام، داعيًا إلى الإسراع في حل مثل هذه القضايا؛ «لأنها إذا لم تحل الآن ستمتلئ المحاكم بالقضايا، مما يتطلب زيادة عدد القضاة، وأن ميزانية الدولة ستتأثر بذلك».
بدوره، قال عبدالله الأحمري رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات في غرفة جدة أن من أهم الأسباب التي أدت إلى انخفاض الصفقات خلال العام الماضي هو ترقب المستثمرين مشروع فرض الرسوم على الأراضي البيضاء وهو ما تحقق بصدور قرار مجلس الوزراء بالموافقة على توصية مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية قبل شهور قليلة، وأن الرسوم قادمة، حيث أدى ذلك إلى تراجع حجم الصفقات الذي بدأ يزداد مع قرب صدور القرار وتطبيقه فعليا، إِذ ينتظر السوق اللائحة التنظيمية والتنفيذية لنظام رسوم الأراضي حتى يستطيع التجار تقدير آثارها والتعامل مع المرحلة القادمة بمعطياتها الجديدة.
وبين الأحمري، أن تصريحات وزارة الإسكان والصندوق العقاري حول الإسراع في حل أزمة الإسكان، أثر بارز دعم تطوير مخططات المنح بإيصال الخدمات بميزانيات خصصت لهذا الغرض منها 20 مليار ريال لخدمات الكهرباء والمياه سيرفع من معروض الأراضي مستقبلاً التي تقدر أراضي المنح في الرياض بنحو 300 ألف أرض ما بين جنوبها وشرقها وغربها وشمالها، كما أن تنوع منتجات الصندوق العقاري التي أقرت مؤخرًا أدت لتراجع الطلب على التمويل العقاري من الجهات التمويلية خصوصًا أن لائحة التمويل حددت حجمه بما لا يزيد عن 70 في المائة من قيمة العقار وفقًا لحسابات المخاطر بالدرجة الأولى من قبل الجهة المنظمة مؤسسة النقد.
من جهة أخرى، بدأ عدد كبير من المسوقين في المكاتب العقارية بإغلاق مكاتبهم بشكل مؤقت بعد تدني النشاط نتيجة للركود الذي يشهده السوق العقاري في المملكة. وقالوا: إن كثيرًا من العاملين بدأ في تلبية طلبات الباحثين عن السكن عن طريق الجوال بسبب ضعف الإقبال خلال الفترة الماضية انتظارًا لتوجهات وزارة الإسكان والصندوق العقاري.