إبراهيم الطاسان ">
ذهبت أوربا وأمريكا بعيداً بانتحال قيم إنسانية سامية ليست منها ولا فيها، فمنذ الحرب الصليبية وهزيمة جيش بيت المقدس في معركة حطين تحت راية صلاح الدين الأيوبي المسلم الذي لقن الصليبيين درسا في كيفية احترام القيم الإنسانية، ذلك الدرس الذي قالت: مؤلفة كتاب الحملات الصليبية -كارل هيلنبراند - وهي بروفيسورة في التاريخ الإسلامي في جامعة إدنبرة شغلت منصب نائبة رئيس الجمعية البريطانية لدراسات الشرق الأوسط، معاصرة للواقع، ولم تستق معلوماتها عن لغة واحدة فهي تجيد إلى جانب لغتها ألأم كإنجليزية عدد من اللغات منها العربية والفارسية والتركية والفرنسية واللاتينية والألمانية. «لا يزال يتردد صدى أخلاق الحرب لدى صلاح الدين حتى في عصرنا الحالي، يعتقد البعض أن تأثيره على المفاهيم الدولية لقوانين الحرب كاتفاقية جنيف، قوانين لم تؤثر فيها المسيحية فقط، بل أثر فيها صلاح الدين عن طريق الإسلام» والصحيح أثرت فيها قيم الإسلام عن طريق صلاح الدين. وأرى أن قيم المسيحية إن كانت التي ينادي بها الغرب اليوم، وهي: العدل، والمساواة، والحرية، والحقوق. هي القيم المسيحية فهي قيم مرزوءة بعدم فهم معانيها، حيث لم تنعكس معاني القيم الغربية كما نادوا بها، ويدعون إليها على تصرفاتهم ومواقفهم، فالعدل غير متحقق بينهم وبين الآخرين من غير جنسهم داخليا «في بلدانهم» ولا خارجيا في مواقفهم من قضايا الآخرين، فداخليا نجد العنصرية ظاهرة جلية فى أكثر من موقف. ومقارنة بسيطة بين الأحكام القضائية المعلنة التي تصدر بحق المواطن الغربي، والأحكام القضائية المعلنة بحق غير الغربي المرتكب لنفس المخالفة فى نفس الظروف والأحوال. وخارجيا. فرز المسلمين من المسيحيين في الداخل الأوربي متمثلا بموقف المجر من السوريين الهاربين من جحيم بشار الجحش، ما هو إلا نموذج صارخ للعنصرية، ودعم فصل تيمور المسيحية عن إندونيسيا المسلمة، وجنوب السودان المسيحي عن السودان العربي إلا نموذج صارخ للعنصرية، وحيث إن العدل هو الأساسي الذي تستند عليه بقية القيم، فالواقع يشي بحقيقة انعدام العدل في أوربا وأمريكا خليقة لا تخلقا، فما هم فيه تطور وليس تحضر، تطور اقتصادي، وصناعي ومعرفي غزوا فيه الفضاء وغاصوا أعماق الأرض، فمرده للعلم والمهارة المهنية، وليس للحضارة، فالحضارة الحقيقية هي مجموعة القيم الإنسانية التي ترتقي بالإنسان إلى مراتب الفضيلة بالصدق والوفاء والعدل وإنصاف كلذي حق. فإذا أمطنا اللثام عن مواقف الدول الأوربية وأمريكا، من قضية فلسطين. نجد أن الموقف أقل ما يمكن أن توصف به أنها مواقف مخزيه، فعندما يقف المجند الصهيوني مدجج بسلاحه يحرس مجنزرة تهدم بيت والد وأجدد صبي لم يتجاوز عمره خمس عشرة سنة، فيحمل بيده حجرا بحجم بيضة يرمى به نحو المجند وقد لا يصيبه، نجد الناطقين باسم وزارات الخارجية الأوربية والأمريكية، والناطقين باسم الرئاسات، والقنوات التلفزيونية والصحافة والراديو يصفوا فعل الصبي بالعمل الإرهابي، وحينما يقف المجند الصهيوني المدجج بالسلاح وكأنه هو الذي هدم منزله وهو الذى شرد أهله وهو الذي صودر وطنه وهو الذي حوصر ومنع عنه الغذاء والماء والدواء، ولا حول ولا قوة له إلا رصاص يكهل كاهله، ودبابات ومدرعات حوله، وطائرات مدخرة فوقه. ويقتل الصبي بالرصاص الحي، يقف نفس الناطقين ليصفوا فعل المجند بحق الدفاع عن النفس. هذه نماذج القيم التي أراد ولا زال الغرب تصديرها لنا. قيم انتحل ألفاظها ولكنه ضيع معانيها.. فهل نضيع قيمنا التي تخلق بها صلاح الدين؟