فهد بن أحمد الصالح ">
كثر الحديث ومنذ سنوات عن حال مساجد الطرق ومرفقاتها ولم يجد هذا الموضوع من يتبناه من الوزارات أو تشترك أكثر من وزارة في المسؤولية تجاهه وتجاه المواطنين والزائرين من الدول الصديقة المجاورة في طريقهم للزيارة وأداء مشاعرهم المقدسة وفي نظري وعبر صحيفتنا الرائعة المجتمعية الراقية الجزيرة وصفحتها التي تعكس اهتمام المجتمع وتفاعله مع ما يكتب أو يطرح للنقاش بغرض الوصول إلى رأي يصحح أي قصور في هذا البلد الكريم فإنني اقول بشفافية انه لم يبق كاتب أو صاحب رأي لم يتطرق إلى هذا الموضوع الذي أكسبنا عند الآخرين وعند أنفسنا صورة ليست لنا ولا نستحقها، ولم يبق مسؤول أو ديوان عام أو ندوة أدبية لم تتطرق لهذا الأمر الذي يستغرب الجميع كيف له أن يعجز الوزارات المعنية به ولا تستطيع علاجه طيلة العقود الماضية ومنذ خلقت السيارات وربطت المدن والدول ببعضها، ولم يتخيل أحد أن ريالات الدنيا عند أغلب المستثمرين أهم من حسنات الآخرة التي دفعت بهم إلى الإهمال الذي كسى وجه وطننا الغالي بغير لونه وأصبحنا بين الشعوب المارة من طرقنا إلى المشاعر المقدسة نمثل حالة من التندر المعيب بالمقارنة مع ما تنفقه الدولة وفقها الله من مليارات على مشاريع البنية التحتية لخدمة مواطنيها والمقيمين فيها، بل إن الأمر تجاوز الحد عندما خصص له مجلس الوزراء توجيها خاصا به يضمن علاجه خلال فترة زمنية بقي منها أربعة أشهر دون أن نلمس سوى الوعود والطموحات التي أصبح المواطن على ثقة أن شيئا منها لن يحدث وأن حدث فهو كغيره يبدأ وينتهي حيث بدأ لأنه يفقد المتابعة من تلك الجهات ويفقد إيجابية المواطنة من بعض المواطنين وتحديداً المستثمرين وأصحاب المحطات ولا يتحرك عندهم عظم أجر المعتني بالمسجد وما ينتظره من الثواب العظيم من الله سبحانه وتعالى، وتتكرر المشكلة ويتذمر الجميع ولا أحد من المعنين يعلق الجرس وإن علق الجرس لا يُسمع نداه بل يلقي بالمسؤولية الكاملة عليه لأنه سلط الضوء على الوجه غير المضيء لمملكتنا مثلما حصل سابقاً مع هيئة السياحة والآثار التي أزعجتها المشكلة لأنها تعتبرها أحد عوامل الجذب السياحي والرضا الداخلي للسائح المواطن أو الوافد وإن كانت غير المسؤولة عنها إلا فيما يخص النزل الموجود في بعضها ولكنه هم وطني حرك في حينه سمو رئيسها العام ولفت الانتباه لهذا الوضع وفرحت الجهات المعنية بهذا المخرج ودفعت به على السياحة وأنها المسؤولة عنه ووصلنإلى حد التهرب من الواجب لتلقي به على من يحاول تصحيح النظرة بدافع استكمال مفردات الصناعة السياحية وللأسف بقي الحال كما كان بالرغم من التوجيه السامي الكريم غير أن نظاماً قد أقر للشركات التي ستستثمر في هذا المجال وصدرت التراخيص لخمس منها وسيصرح لخمس أخرى ونحتاج لسنوات كي نرى وجهاً جديداً لمشكلة أزعجت مستخدمي الطرق في أسفارهم.
وفي أكثر من مقال تم التركيز على الدور المرجو من وزارة الشؤون الإسلامية بحكم ارتباطها المباشر بما يخص المساجد خاصة وأن مساجد الطرق لا يتجاوز 3000 مسجد وهي لا تمثل سوى 3% من حجم المساجد التي تشرف عليها الوزارة وعددها 96000 مسجد لا سيما وأن الرخصة النهائية لا تمنح للمستثمر قبل أن يأخذ الموافقة على صحة القبلة لمسجد محطته من فرع الوزارة وكان الأمل منها تقديم دعم مالي ومعنوي وبشري للجنة مساجد الطرق الخيرية التي تقوم على تبرعات المحسنين والمصرح لها من الوزارة لأن وزارة الشؤون الاجتماعية رفضت التصريح لها واعتبارها جمعية خيرية ولا تزال اللجنة تحتاج المزيد من الدعم والمساندة ولا نتوقع إلا الإيجابية بهذا الخصوص طالما أنها رخصت لها فهي مطالبة بدعمها علماً أن الوزارة مقبلة على رفع تصريح اللجنة وتوسيع نطاق أعمال لتصبح مؤسسة وتشرف على مساجد الطرق ومرافقها في أرجاء الوطن وتنتقل من 800 مسجد إلى 3000 مسجد وهذا يؤكد ضرورة الدعم العاجل لها لأن الوزارة طالما أنها رخصت لهذه اللجنة أو المؤسسة فهي مطالبة بدعمها مثلما هو عليه الحال في الجمعيات التي ترخص لها وزارة الشؤون الاجتماعية ولعل الوزارة تتبني بعض من المقترحات المقدمة لها في هذا الأمر لعلاج القصور.
ولأن ما لم يدرك كله لا يترك جله فإن وزارة الشؤون البلدية والقروية وهي بمثابة السلطان على محطات الطرق ومرافقها المختلفة فإن الله ينزع بالسلطان مالا ينزع بالقرآن وتستطيع وزارة البلديات أن تصلح أمر مساجد الطرق بفرض عقوبات تصل إلى حد الإغلاق للمحطة إذا ورد بلاغ من أحد المصلين بسوء الموقع أو نقص الخدمات أو أن النظافة دون المستوى المأمول وتستطيع الوزارة تفعيل الرقم المجاني للشكاوى في البلديات لكي تحكم قبضتها على هذا الحال المؤسف وتصلح أمره خلال شهر واحد، ولكي لا يبدو الأمر صعباً فإن عدد البلديات بمنطقة الرياض 50 بلدية وعدد محطات الوقود 800 أي أن نصيب كل بلدية في المراقبة على تلك المحطات 16 محطة وهو عدد بمقدور الأمانة والبلديات الفرعية أن ينفذونه، وسيحدث تغير مذهل لو طبقت الغرامة وأعلنت لأن المحطات ستعالج هذا الخلل خوفاً من العقاب ورجاء في الأجر الذي لا ينفي أحد فيه رغبتها ولكن الغفلة أحياناً وبعد المكان الذي يتعذر معه إشراف المالك.
ختاماً، المسجد ومرفقاته مهمل والاهتمام به معدوم ولأنه يمثل القيمة الكبرى في محطات الطرق فهو يتعلق بالآخرة وبالوجه المضيء للوطن والمواطن، ولذا لا ينبغي لأحد يستطيع المساهمة في تغيير الصورة أن يحجم عن العطاء والدعم والتبني إن كان من باب الواجب أو من باب الاحتساب والوطنية بما في ذلك المستثمر الذي يعد المقصر الأول، واليوم فإن قدر مساجد الطرق يأتي بين وزارتين في مجلس وزراء واحد وتحت مظلة وطن واحد وكلاهما تهدفان لخدمة وطن و مواطن و زائر فهل نسمع قريباً على توأمة بينهما تصلح حالها ومرفقاتها وتحسن صورة مجتمعنا الإسلامي الذي شرفه الله بوجود المسجد الحرام والمسجد النبوي وأول مسجد في الإسلام ومعها الكعبة المشرفة وهو المكان الذي تهواه الأنفس ولتكون عنايتنا بكل ما يخص بيوت الله في المدن وعلى الطرقات ونظافتها وصيانتها بأفضل ما يمكن وما يقدم مع التنافس في ذلك فلسنا أغنياء عن الأجر من الكريم المنان ولسنا جاحدين لفضل بلدنا حتى نسيء له بهذا الإهمال.