إبراهيم الطاسان ">
كنت أتابع بيانات ممثلي الدول في الدورة السبعين للجمعية العمومية للأمم المتحدة. وممن حرصتٌ على مشاهدة وسماع بياناتهم الرئيس الإيراني، الذي افتتح كلمته بغيض من فيض من الغل والسقوط والحقد والكراهية والمرارة، التي جففت حلقه، حينما افتتح بيانه زاعماً تمثيله لأمة عظيمة تبكي على من أصيب منهم في الحج، محيلاً بالمسؤولية على السلطات السعوديةّ!.. ولأنه يعلم أنه يكذب ثم يكذب، جف فمه، وبقدر ما أتاحت لي الكمرة الناقلة فقد عددت له عداً ثلاثين لعقة، يلعق كالثور بلسانه شفته. ولم يخجل لا من نفسه، ولا من تاريخ أمته الفارسية، وهو يعرف ويتذكر أن جل مصائب الأمة العربية، والأمة الإسلامية التي ادعى تمثيلها في موقفه على منصة الأمم المتحدة كانت من تدابير أمته الفارسية في تاريخها القديم والحديث.
وإن كان الرئيس الإيراني نفسه لا يعي، فالتاريخ واعٍ متذكر دائماً ولا ينسى، وإن كنت لست مخلصاً لقراءة التاريخ ولا من المتخصصين به، إلا أنني قادر على تذكير الرئيس الإيراني، أن فساد الأخلاق وسوء الطبع والخداع والكذب سجية ماضيهم البعيد وحاضرهم المعاش. فالقرامطة وهي حركة دينية عرفت بفساد العقيدة وتشويه السمعة، يجمع المؤرخون على تأثر تلك الطائفة القرمطية بالأفكار المجوسية، وقد نقل عن من لاي شك بعلمه فى تخصصه الدكتور عبدالله العسكر: أن آثاراً مجوسية ومزدكية وثنوية فضلاً عن تعاليم فلسفية كانت هي السند الأيدبولوجي لدعوى القرامطة، والإمام أبو حامد الغزالي يعتقد أن أفكار القرامطة هي تطوير للعقائد الفارسية القديمة، فهي خليط من المجوسية والإلحادية والزرادشتيه، إلى أن يقول: وقد اتسمت بالحيلة والمكر والخداع، ولا شك أن دعوة تنسل من عقيدة متسمة بالمكر والخداع والحيلة، لا تخدم غاية غير غاية أصولها ومرجعياتها.
والتاريخ شاهد أن العالم الإسلامي لم يشهد انحطاطاً أخلاقياً وانحرافاً سلوكياً مثل انحطاط أخلاق وانحراف وسلوك طائفة القرامطة.. ولم تكن عقائد وأخلاق القرامطة وسلوكهم إلا فيض من فيوض سوء عقائد وأخلاق المجوسية التي سطر التاريخ لنا جزءاً يسيراً من نماذج غدر وخيانة معتقديها من الفرس ومن نهج نهجهم، فالقرامطة منهجاً هم سلالة فارسية مجوسية، والقرامطة هم من سرق الحجر الأسود، وهل من جريمة أكبر؟.. ومن القديم المروي تاريخياً استطاب الفرس للكذب والتظليل وتزييف الحقيقة أسوة بحلفائهم اليهود. ففي أواخر العهد البابلي أيام (نبوخذنصر) دخل كورش الفارسي غازياً مدينة بابل وقتل (نبونيد) الملك ابن نبوخذنصر بالتواطؤ مع يهود السبي في بابل، بعد أن مهد كورش لحملته بحملة من الدعاية البذيئة المخادعة، فقد أمر كهنة الإله البابلي (مردوك) بأن يصرحوا بأن الإله مردوك قد اختار قورش لفتح مدينة مردوك (بابل) بدون معركة. وبهذه الخدعة استمال كهنة اليهود، وهم ضمنوا ولاء رعاياهم بما لديهم من أوامر إلهية يوحى بها إليهم. فالخداع والكذب باسم الدين.. ليس وليد قيام الكيان الصهيوني أو الثورة الخمينة، بل هو قرين الملتين الفارسية واليهودية. وترجح بعض المصادر أسباب ولاء اليهود لكورش الأخميني ووصفه بأنه نبي مرسل بسبب انقاذه دهاقنتهم من الأسر البابلي، مع علمهم أنه فاسد الأخلاق بقتل زوج خالته وتزوج بها لكي يصبح وريثاً للعرش. وأما التاريخ الحديث الذي يعيه الرئيس الإيراني ويتذكره جيداً، ولا يستطيع أن ينكره وإن كان من طبعهم التنكر والنكران أنه في حج عام 1407هـ. كان ينام سعيداً قرير العين، لأن ما تدعيه ملته من براءة من اليهود والنصارى في البيت الحرام، وتوفي على أثرها أكثر من أربعمائة شخص، وإصابة أكثر من ستمائة وخمسين شخصاً. وفعل واعتراف إذنابهم بالتبعية المبللة بالخزى والعار بجريمتهم في المعصم بحج 1409هـ. وربما وأن الرئيس الإيراني بكى خلف الكمرة على منصة الأمم المتحدة، واستبكى أعوانهم من شياطين الإنس على ضحايا يوم العاشر من ذي الحجة 1436هـ أمام العالم ولكنه ربما أنه نام ليلة العاشر من شهر ذي الحجة 1436هـ سعيداً بعيدين عيد الأضحي وعيد التضحية بمئات من المسلمين بلباس إحرامهم. وربما تفاجأ الباكي المستبكي نتائج التحقيقات.. فإشارات وقوع إيران في وحل خطيئة التدافع جلية يدركها العقل السوي بمسارعة الإعلام الإيراني دون سواه بنقل الشمتة وقت الحوقلة، والدعاء للمصابين بالشفاء وللأموات بقبولهم شهداء، شمتوا وتأكدت شماتتهم رسمياً عبر منبر الأمم المتحدة بلسان رئيس دولة الفرس الصفوية.. وكأن الحدث نتيجة قصور، شهد العالم الإسلامي كله بعدمه.