عبدالله بن منيف الحبيل ">
أثبتت الأحداث الأليمة التي هزت الشارع السعودي التي قام بها بعض المغرر بهم من جرائم بشعة في قتل أفراد لأسر هم ينتمون لها.. في أن من يتردد عن الإبلاغ في من يشتبه بانتمائه أو انحيازه للفكر المتطرف سواء أكان أحد أفراد الأسرة.. أومن المجتمع.. فقد يكون هو الضحية القادمة لأن الآخر يقيناً وبناء على الأحداث لن يتوانى عن قتله متى ما تم تكليفه وتسنت له الفرصة في تحقيق ذلك..
هذه هي ديدونة الإرهاب الداعشي فهي تتمحور حول فصل العقل عن الواقع.. فالمتتبع للأحداث الإرهابية التي وقعت يجد أنها تعتمد على عدم ترك حيز لمساحة من التفكير قد يستدرك من خلالها الضحية الموقوع به في شرك التطرف من معرفة الصواب من الخطأ.. وذلك من خلال سرعة المهام وإيهامه بسمو السرية والهدف وزجه في عملية انتحارية حتى لا يفيق من غفوته فيخسر التنظيم بذلك يداً داخلية كان يمتلكها.. والحقيقة الأخرى الغائبة على الضحايا الذين تم استدراجهم لفخ الإرهاب هو أن العمل الانتحاري والمقنع من التنظيم بضمان دخول الجنة هو باختصار الطريق السهل الذي يتخلص به التنظيم من المنتسبين له حتى لا يكون لديهم سبيل للنجاة ومن ثم احتمالية وقوعهم في أيدي الأمن وما قد يتسرب حينها من معلومات عن الشبكة والأذرع اللوجستية التي يخشى التنظيم من كشفها.!!.. وبالتالي تعريض استمرارية وجوده للخطر..!
لقد لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً كبيراً في إزكاء التطرف عبر إيجاد بيئة مناسبة للتنظيمات الإرهابية لتنشط فيها، ومن الأماكن الخصبة لتواجد تلك التنظيمات هي ما يعرف بالهاشتاقات وخصوصاً النشطة منها والحديثة الظهور في حينها وخصوصاً تلك المتعلقة بالأندية الرياضية الكبيرة لأنها من الأمكنة الخصبة لاصطياد فرائسها من صغار السن الذين لا توجد لديهم خطوط دفاعية من خلال خلفية معرفية تميز الخطأ لديهم من الصواب.. ويبدأ التنظيم حينها ببث سمومه في أولى خطواته للإيقاع بفريسته وذلك بفصله عن المجتمع ولأن رابط تماسك الفرد بالمجتمع هو الدين.. فإنه يبتدئ بتشويه صورة العلماء وفقهاء الأمة حتى يصل لتكفيرهم عبر قناعة يغرسها في عقل الضحية، ومن هذه الخطوة يبدأ الفصل الفعلي للفرد عن المجتمع وأخذ الولاء من الضحية ومن ثم زجه في مهمة انتحارية..
فعلينا أن نعي أننا لسنا مجتمعا ملائكيا وأن الاختلاف والتباين وارد.. وأنه متى ما أردنا معالجة حالة ما.. فإنه يجب علينا أولاً الاعتراف بها.. ومن ثم مواجهتها وتحليلها وإيجاد الحلول الفعلية والواقعية لها.. وسرعة تنفيذها، وبناء على معطيات الواقع فإن معظم ضحايا الخلايا النائمة تبدأ أعمارهم من سن 16 إلى 21 سنة وإذا ما أخذنا متوسط هذه الأعمار فإننا نجدها تكون ما بين المرحلة الثانوية ومرحلة ما بعد الثانوية مباشرة، وهذا يعني أنها مرحلة تمثل المجال الخصب الذي ينشط فيه التنظيم لاصطياد ضحاياه.. لذا فإن تحصين النشء في أواخر المرحلة الابتدائية بطريقة شرعية خفيفة وشيقة تعتمد على التدرج النفسي عبر جرعات ممنهجة تراعي المرحلة التعليمية وتتدرج لتعالج أماكن الخلل التي قد يتسلل الخوارج من خلالها لبث سمومهم في عقول بريئة لم يتم تحصينها من قبل لضمان أمن الأجيال القادمة فإن الضرورة تفرض إيجاد مقررات للأمن الفكري ذات أسلوب غير تقليدي وصولاً للمرحلة الثانوية كاملة وهو واجب ديني ووطني.
فكثيرون هم الذين لا يسعدهم أن تكون المملكة العربية السعودية في هذا النقطة المرموقة عالمياً والمكانة الرائعة في هذا التاريخ الحديث..