«هيئة توليد الوظائف» ستحدث تحولاً كبيراً في خارطة سوق العمل ">
الجزيرة - عبير الزهراني:
أكد مختصون لـ(الجزيرة) بأن موافقة المقام السامي بإنشاء هيئة لتوليد الوظائف ومكافحة البطالة ستحدث تحولاً كبيراً في خارطة سوق العمل وخطوة كبيرة جداً في مجال الإصلاح الإداري والبحث بفعالية عن معوقات توظيف الشباب والشابات بالقطعين الحكومي والخاص.
وقال المستشار في الموارد البشرية خالد محمد الشنيبر: القرار سيكون له تأثير كبير على خارطة الاقتصاد المحلي خصوصاً في معالجة معضلة عانى منها لسنوات عديدة وهي مشكلة البطالة، وستساهم الهيئة في معالجة أوضاع سوق العمل والذي يمر بمرحلة انتقالية كبيرة خلال السنوات الأربع الماضية، ويعتبر إقرارها في هذا الوقت توجه مبارك من حكومتنا الرشيدة.. وأضاف: الدور الرئيسي للهيئة سينصب في توليد الوظائف ومكافحة البطالة من خلال التنسيق بين جميع الجهات الحكومية والخاصة ذات العلاقة بسوق العمل وتعزيز المشاركة بينها والعمل على تنمية القطاعات المولدة للوظائف واستثمار الميزة التنافسية في مناطق المملكة لهذا الغرض، ووفقاً للمتغيرات الاقتصادية والسياسية التي تشهدها المنطقة وخصوصاً بعد هبوط أسعار النفط، سيكون هناك تحديات كبيرة ستؤدي إلى انخفاض فرص العمل خلال السنوات الثلاث القادمة، وسيوافق ذلك ازدياد أعداد الباحثين عن العمل خصوصاً بعد توجه أغلب منشآت القطاع الخاص للبدء في برامج لتخفيض التكاليف لمواكبة المتغيرات الاقتصادية الحالية، وسيكون هناك ضعف في استحداث فرص عمل بناءً على الوضع الراهن في القطاعين الحكومي والخاص، وبناءً على ذلك ستكون الحاجة أكبر لوجود إستراتيجية واضحة ومرنة من خلال الهيئة.
وتابع: الإستراتيجية ينبغي أن تتركز على محوران أساسيان الأول ينصب في توسيع فرص العمل من خلال دعم وتطوير المنشآت الحالية وتسهيل دخول وتأسيس منشآت حديثة للسوق، والمحور الثاني وضع آلية لزيادة التراكم المعرفي في سوق العمل من خلال تطوير كفاءات ومهارات الباحثين عن العمل ليتم إحلال جزء منهم تدريجياً والجزء الآخر يتم تهيئتهم ليكونوا أصحاب عمل بدلاً من موظفين.
أما بالنسبة للحلول التي من المهم العمل عليها لنجاح تركيز الهيئة على تلك المحاور فهي عديدة، فعلى سبيل المثال لنجاح المحور الأول سنجد أنه من المهم دعم القطاع الخاص وخصوصاً المنشآت الحالية بالسوق، ومثال بسيط على ذلك هو التوجه الفعلي لربط المساعدات التي تقدمها المملكة لبعض الدول بشراء منتجات صناعية سعودية كنوع من الدعم مما يزيد من قوة تواجد تلك المنشآت في السوق وينتج عن ذلك توليد فرص عمل أكبر، وإضافة لذلك الاهتمام الأكبر بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة عبر ضوابط أكثر مرونة، وأيضاً إعادة النظر في أنظمة الاستثمار الأجنبي لتشجيع دخول استثمارات أجنبية مجدية تفتح فرص عمل مناسبة، وأخيراً تشجيع الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص وذلك بتخصيص جزء من المشتريات الحكومية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة مما يزيد من قوة تواجدها.
أما بالنسبة للمحور الثاني سنجد أنه من المهم عدم الاعتماد فقط على عمليات التوظيف الروتينية، فهناك طرق للتوظيف عديدة منها الجزئي والعمل عن بعد والذي لها تأثير كبير في حل مشكلة البطالة النسائية خصوصاً في التوسع الجغرافي الكبير للمملكة، وإضافة لذلك عدم الاعتماد فقط على عملية نقل الباحثين عن عمل من دوامة البطالة إلى التوظيف، ولكن بالتركيز على تأهيل كوادر ليتحولوا إلى أصحاب عمل.
من المهم لنجاح إستراتيجية الهيئة الوليدة الإسراع في عملية الخصخصة، وإعادة النظر في خفض سن التقاعد، وأيضاً استحداث وظيفة مختصة بالابتكار في كل جهة حكومية مما ينعكس على توسيع التفكير خارج الصندوق وإيجاد الحلول السريعة والمجدية.
من جانبه ثمن رئيس اللجنة الوطنية لشباب الأعمال علي العثيم القرار لما له من أبعاد اقتصادية واجتماعية وأمنية، وأشاد بارتباط الهيئة تنظيمياً برئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية كون النمو الاقتصادي وقوة ومتانة البنية الاقتصادية للدولة يرتبط وثيقاً بقدرة اقتصادها على إنتاج المزيد من فرص العمل، كما أشاد العثيم باعتماد تمثيل القطاع الخاص بمجلس إدارة الهيئة نظراً لكونه المنتج الرئيسي للوظائف بسوق العمل، كما يمكن أن يساهم في رسم خريطة احتياجات سوق العمل من الوظائف ذات الاستدامة والتي يمكنها تحقيق الرضا الوظيفي للكوادر الوطنية المؤهلة ومن ثم سد الفجوة بين ما هو متاح من وظائف وماهو ملائم لها على المدى القريب والمتوسط.
ونوه العثيم بضرورة الاهتمام بريادة الأعمال كمحور إستراتيجي هام في عملية توليد الوظائف وذلك من خلال اعتماد مسار دعم وتمكين المشروعات الناشئة التي تمثل توظيفاً ذاتياً قادراً على استيعاب الكوادر الوطنية كما ستصبح المنتج الرئيسي للمزيد من فرص العمل، وأعرب العثيم عن أمله في أن يساهم إنشاء الهيئة ليس فقط في توطين الوظائف والحد من البطالة وإنما أيضاً في الحد من التسرب الوظيفي من خلال اعتماد عدد من البرامج التي تهدف إلى غرس ثقافة حب العمل وأخلاقياته في نفوس أبنائنا من الشباب.
وقال المستشار الاقتصادي أحمد الشهري: يعتبر معدل البطالة من المؤشرات التي تدل على صحة الاقتصاد حيث بلغت نسبة العاطلين عن العمل 11.8 % من إجمالي القوى العاملة السعودية ولذلك مهمة التوظيف تعتبر صعبة لمجتمع 60 % تقل أعمارهم عن 30 سنة. وأضاف: قرار تأسيس الهيئة يعد بمثابة مسرع اقتصادي والقرار من التدابير الهامة في مكافحة البطالة المزمنة التي تتولد من النمو السكاني ومن عدم كفاية التنمية الاقتصادية وضعف مخرجات التعليم وعدم كفاية التخطيط الوظيفي في الجهات الحكومية وشبه الحكومية والقطاعات الاقتصادية المختلفة وبشكل خاص عندما يكون معدل الخريجين السنوي تقريباً مائة ألف خريج سنوياً.
وأشار إلى أن القرار سيسهم في معالجة بطالة المتعلمين أو بطالة نقص المهارات والتأهيل لدى المتعلمين من خريجي المعاهد والجامعات الوطنية والأجنبية وأيضاً سيقلص من التشوهات الحاصلة في سوق العمل بزيادة توطين الوظائف ودمج المرأة في القوى العاملة بما يتوافق مع الشرع ولاسيما أن ثلث السكان من العاملين الأجانب.. ولهذا فإن مشاركة ممثلين من القطاع الخاص والقطاعات ذات العلاقة في الهيئة سيجعل القرارات تشاركية في توليد وظائف ذات جودة وإستدامة للمواطنين والحد من عمليات التوظيف الوهمي أو السعودة الوهمية ولهذا يعتبر القرار من التدابير الضرورية للتصدي للبطالة التي تزيد يوماً بعد يوم.