د. يوسف خالد جنينة
تتعامى الحكومة الإيرانية عن جرائرها وجرائر نظيراتها السابقات المنطقة وجميع منغصاتها التي تدخل إيران طرفاً فيها، إن لم تكن هي طرفها الرئيس وصانعتها، وتتهم المملكة العربية السعودية بالتقصير في الحفاظ على أرواح الحجيج، بل وتتجاسر وتطلب إشرافاً دولياً على الحج. لا تكف هذه الدولة أبداً عن الاصطياد في الماء العكر، هذا إذا لم تكن هي من عكر الماء أصلاً، والشواهد على هذا في المنطقة أكثر من أن تحصى، لكن أن تتجرأ إيران وتفتري الكذب على المملكة العربية السعودية في وقت يعلم فيه القاصي والداني وكل من أكرمه الله بزيارة الحرمين قدر ما يحظى به ضيوف الرحمن من حفاوة وكرم وخدمة وقدر ما يحظى به الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة من رعاية وعناية، فهذا فاق جميع تجاوزات هذه الدولة التي أصبحت ورماً سرطانياً مستفحلاً في المنطقة يستهلك مقدرتها ويهدد استقرار مجتمعاتها.
إننا لن ننسى جميعاً محاولات الحكومات الإيرانية المتعاقبة وملالي إيران محاولات تسييس شعيرة الحج على مدار عقود ماضية، شهدت كثيراً من التجاوزات التي طالما وقفت لها المملكة العربية السعودية بالمرصاد، فوقفت جميع أشكال التظاهر التي حاول الحجيج الإيرانيون إثارتها في هذه الفريضة التي من شرطها السكينة والائتلاف وعدم الجدل، لكن دولة الملالي تأبى إلا أن تنتهك كل شيء، حتى الشعائر التي لا توقرها إيران، وذلك لأن الدين بالنسبة إليهم لم يكن أبداً هدفاً، بقدر ما كان عباءة يرتدونها لأبناء الطائفة الشيعية المغرر بهم حتى تضمن إيران ولاءهم لها بوصفها مركز المذهب الشيعي حول العالم، ثم يكون من السهل بعد ذلك تحويلهم إلى ألغام وقنابل موقوتة تنفجر في وجه أوطانها، تماماً كما نشاهد اليوم من قلاقل يحدثها هؤلاء في الخليج العربي وفي اليمن التي تشهد معركة فاصلة ضد هذا الوجود الإيراني السرطاني الذي آن وقت اجتثاثه من المنطقة، ووقف هذه الدولة عند حدودها.
إننا إذ نندد بهذا المسلك العدائي الخبيث من قبل الحكومة الإيرانية ضد المملكة العربية السعودية، نتضامن في القوت نفسه مع القيادة السعودية ونؤازرها في مواجهة هذه الهجمة المغرضة التي لا تسعى إيران من ورائها إلى البحث عن حق ضائع كما تدعي، بل تسعى إلى إضاعة حق ثابت للمملكة في أن تكون موضع شكر وعرفان جميع مسلمي العالم لما تحظى به مقدساتهم فيها من رعاية وما ينعمون به فيها من أمن وأمان، رغم هذا الحادث العارض الذي من الوارد حدوثه في ظل إدارة هذه الحشود الضخمة في مساحات جغرافية محدودة جدا، فلله الحمد على قضائه وقدره، ونسأله سبحانه وتعالى أن يغفر لحجاج بيته الحرام ضحايا هذه الكارثة وأن يسكنهم فسيح جناته.