فوزي صادق ">
في إحدى القنوات العربية أيام طفولتي سأل الفيلسوف مصطفى محمود رحمه الله المشاهدين عن نيوتن باللهجة المصرية: التفاحة هي اللي شغلت مخ نيوتن ولا كان هو شغال من أصلو؟ يعني نظرية خبط الرأس مشان يفكر صحيحة! وهل كان مخ نيوتن يحتاج عشرين سنة يفكر بعد وجع التفاحة؟ طيب باقي الناس حتفكر لو سقط عليها تفاح أو إيه؟ وياليت عمو نيوتن قال لنا لون التفاحة حمرا أو صفرا، وعلى فكرة فيه ناس ما يفكروش حتى لو سقط على روسهم بطيخ العالم كلو.
اليوم أنا في رشد من عقلي وفي بحبوحة من تدبير شؤوني، هنا أجد نفسي حائراً كوني من سكان الأرض، ألم يكن نيوتن إنسان مثلنا يأكل الطعام ويتنفس الهواء؟ هل كان من سكان المريخ؟ فهو ليس بنبي!! المؤرخون قالوا إنه ظل يفكر منذ سقوط التفاحة وحتى آخر لحظة في حياته، وعلى ذكر التفكير إليكم بعض أفكاره، فقد ذكر في أحدى مقالاته: كيف لهذا الكون الكبير والمليء بالكواكب أن يدار بثالوث مقـدس، فلا بد للكون من خالق يديره. وقال لمن سأله كيف أصبحت إسحاق نيوتن، فأجابه: لا أعرف كيف أبدو في أعين العالم، ولكن بالنسبة لنفسي فإني أبدو فقط مثل طفل يلعب على شاطئ البحر مسليًا نفسه من حين لآخر بالبحث عن حصاة أنعم أو صدفة أجمل من المعتاد بينما أنظر أمامي فأجد أن محيط الحقيقة العظيم لم يكتشف حتى الآن.
بعد موت نيوتن أمرت إدارة المدارس الملكية البريطانية باقتلاع شجرة نيوتن وغرسها بحديقة كلية كامبريدج، إذ فكر المدير أن الشجرة ستحث الطلبة على المذاكرة بتذكيرهم بزميلهم وبابن جلدتهم، أو لعل تفاحة ستسقط منها على رأس أحد الطلبة فتلد نيوتن جديد.. وتوارثت إدارة المدرسة زرع جيل بعد آخر من تلك الشجرة حتى يومنا هذا، وقد ذكر نيوتن في مخطوط كتبه عام 1704 أن العالم لن ينتهي قبل عام 2060 وقال: إن ما ذكرته ليس الهدف منه تأكيد الموعد الذي سوف ينتهي فيه العالم ولكن لأوقف التخمين المتهور للرجال الخياليين الذين دائمًا ما يتوقعون موعد نهاية العالم وبقيامي بذلك أتمكن من التشكيك في النبؤات المقدسة حيث تخفق في الغالب توقعاتهم.
وللمعلومية، وقبل أن أشرع في كتابة هذا المقال، وضعت تفاحة حمراء أمامي كي أستلهم منها الفكرة وأعيش معها جو نيوتن ولو باليسير، وبعد انتهائي أكلتها كجائزة.