محمد بن رميزان الفوزان ">
مقولة دائماً نسمعها وتتكرر من الناس في هذا الزمن «راحوا الطيبين»، وحين سمعها نربطها بالأجيال الماضية من ناحية بساطة الحياة وسلامة القلوب ونقائها وطيبة وحُسن المعشر، وسماحة الخاطر والتسامح والعفو والصُلح والكرم، ودائماً نتغنى بحياتهم ونتمنى تلك الحياة التي عاشها أجدادُنا رحمة الله عليهم، ولكن والحقيقة لو قالوا لك ارجع للوراء قليلاً وللحياة الماضية لرفضت ذلك، لأنك تعلم أنّ حياتهم الحقيقية ليست كما هي الآن، فهم عاشوا حياة قاسية من جميع الجوانب وواجهوا المتاعب والصعوبات للحصول على أهم مقومات الحياة، وأما من ناحية سلامة القلوب وصفائها والتسامح كما يقال «جيل الطيبين» فهذا موجود في الماضي والحاضر، ففي الجيل الماضي موجودة الطيبة والتسامح والعفو والصلح والترابط والكرم كما هي موجودة الآن، وموجود الحقد والحسد والمشاكل كما هو موجود أيضاً الآن، أهم ما في الأمر أنك تحتفظ وتهتم وتستفيد بماضي أجدادك من ناحية أصالة التراث القديم من جميع الجوانب، فلم يذهب الطيبون بل هاهم موجودون وبكثرة ولله الحمد، وليس التطور والتقدم مرتبطاً بذهاب أشخاص وعودة أشخاص، فصفاء القلوب وسماحة الخاطر وطيب المعشر والكرم هي مبادئ وقيم في البشر لا ترتبط بمكان ولا زمان، رحم الله أجدادنا وأسكنهم فسيح جناته، فاشكروا الله على نعمه التي لا تحصى، فلا زال الطيبون موجودين ولله الحمد.