صناعة الصيرفة تتذمر من بطء تطوير عقود «إعادة الشراء الإسلامية» وافتقاد البدائل ">
الجزيرة - الرياض:
يشهد قطاع التمويل الإسلامي جهودا منفصلة لكنها تصب في اتجاه واحد هو الإسهام في إيجاد بدائل لعقود إعادة الشراء التقليدية (REPO) يمكن أن تلقى قبولا عالميا في الوقت الذي يسعي فيه القطاع لكسر أحد أكبر القيود الهيكلية التي تعرقله.
وفي السنوات القليلة الماضية نمت البنوك الإسلامية بوتيرة أسرع من نظيرتها التقليدية ويرجع ذلك في جزء منه إلى الازدهار الاقتصادي في المنطقتين الرئيسيتين للتمويل الإسلامي وهما الخليج وجنوب شرق آسيا
لكن هذه البنوك افتقرت كثيرا للأدوات المضمونة في سوق المال والتي يراها الكثير من المصرفيين ضرورية لسلامة القطاع وجدواه الاقتصادية على المدى الطويل.
ومن شأن إيجاد بدائل لعقود إعادة الشراء تتوافق مع الشريعة أن يساعد البنوك الإسلامية على إدارة سيولتها بتكلفة أقل ومرونة أكبر بما يحسن من قدرتها على مواجهة الأوقات الصعبة في السوق.
وذكر مجلس الخدمات المالية الإسلامية في كوالالمبور أن البنوك الإسلامية تعتبر الآن مهمة للنظام المصرفي في دول من بينها الكويت والسعودية وقطر وماليزيا والإمارات العربية المتحدة.
وحتى الآن اتسمت خطى تطوير عقود إعادة الشراء الإسلامية بالبطء نظرا لعدم وجود توافق بين المصرفيين والجهات التنظيمية وعلماء الدين على أنظمة جائزة شرعا ومجدية ماليا.
غير أن ذلك يتغير الآن حيث إن الضغوط قد زادت على الجهات التنظيمية للاتفاق على هياكل عقود إعادة الشراء الإسلامية. وفي الشهر الماضي حين أصدر مجلس الخدمات المالية الإسلامية مسودة توجيهات بخصوص إدارة مخاطر السيولة قال المجلس إن معايير بازل 3 المصرفية التي بدأ تطبقيها تدريجيا في أنحاء العالم تزيد من حاجة البنوك لإدارة التمويلات القصيرة الأجل. وعن اتفاقية إعادة الشراء الإسلامية، يقول حارث عرفان: «تظل إدارة السيولة تشكل تحدياً للمؤسسات المالية الإسلامية، وهناك طلب قوي على هذا النوع من المنتجات.» يذكر أن اتفاقيات إعادة الشراء من شأنها تحسين حركة النقد لأنها تسمح للمؤسسات باستثمار الأموال النقدية لفترات قصيرة من الزمن، أو خلال ليلة واحدة.
وفي وقت سابق قالت هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية التي تتخذ من البحرين مقرا لها إنها تضع قواعد شرعية لعقود إعادة الشراء.
وأصدرت السوق المالية الإسلامية الدولية في البحرين مؤخرا نموذجا لعقود صفقات المرابحة المضمونة التي قد تكون بديلة لعقود إعادة الشراء التقليدية.
وقال محمد علي القري الخبير في التمويل الإسلامي المقيم في جدة والعضو في أكثر من 80 هيئة شرعية بأنحاء العالم لرويترز إن البحرين وماليزيا تقودان جهود تطوير مثل هذه الأدوات ولكن الحاجة تدعو إلى بذل جهد أكبر. وأضاف أن نجاح أي صيغة يتوقف على الالتزام بالقواعد الشرعية وشروط الجهات التنظيمية ومديري المخاطر مضيفا أن من الصعب جدا الجمع بين هذه العوامل الثلاثة.
قوة الدفع
تسمح عقود إعادة الشراء التقليدية للمؤسسات بإقراض أصول لفترات قصيرة لتوفير السيولة. ويمثل ذلك مشكلة في التمويل الإسلامي نظرا لانطوائه على فائدة.
وقال القري إن عقود الشراء لا تسمح بإعادة الشراء إذ إن ذلك يجمع بين نوعين من العقود.
كما يشترط في التمويل الإسلامي نقل ملكية الضمان وهو شرط أضعف القبول الدولي لبعض الحلول.
فعلى سبيل المثال تعتمد ماليزيا على عقود بيع وإعادة شراء تعرف باسم العينة ولكن البنوك الإسلامية في الخليج ترفض هذه الممارسة وتقول إن نقل ملكية الأصول لا يتم بشكل واضح.
وتسعى صيغة المرابحة المضمونة التي تتبناها السوق المالية الإسلامية الدولية تفادي هذا الجدل من خلال شراء الجهة الممولة للأصول بسعر السوق وبيعها للعميل على الفور بسعر أعلى على أساس السداد الآجل.
لكن إجلال أحمد علوي الرئيس التنفيذي للسوق قال إنه من الناحية العملية تحتاج هذه العقود لمزيد من الوضوح لتحظى بقبول أوسع. وتابع أن الحاجة ما زالت تستدعي الكثير من العمل والمشاورات بخصوص عدة جوانب.
وقال حامد حسن ميرة الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة على هامش المؤتمر السنوي للهيئة في المنامة إن الهيئة ستجري مشاورات موسعة مع علماء الدين في جميع نواحي هذه المعاملات من أجل وضع معاييرها الخاصة باتفاقات إعادة الشراء.
ولم يحدد ميرة متى قد تكون هذا المعايير جاهزة.
وتعتبر بعض الجهات التنظيمية الصكوك الإسلامية القصيرة الأجل المقومة بالدولار التي أصدرتها شركة إدارة السيولة الإسلامية الدولية ومقرها ماليزيا أداة ضمان يمكن استخدامها في عقود إعادة الشراء الإسلامية.
وأصدر البنك المركزي النيجيري توجيهات خاصة بالأوراق المالية المدعومة بأصول تسمح باستخدام صكوك شركة إدارة السيولة كضمان بينما تدرس الجهات التنظيمية في ماليزيا سبلا تتيح استخدام الصكوك كضمانات في معاملات سوق المال.
وعن استخدام الصكوك مع اتفاقيات إعادة الشراء الإسلامية، يقول عبد الرشيد عبد القادرمن جامعة أنسيف الماليزية:»
إن استخدام الصكوك كأداة استثمارية جديدة لعقود إعادة الشراء الإسلامية هي خطوة طيبة للغاية. لأن بإمكانها توسيع نطاق الاستثمار وأن تجعل سوق الصكوك أكثر حيوية ونشاطاً، وأكثر سيولة، وذات آفاق أوسع، ولكنها ستكون كذلك عاملاً في إعطاء البلد قدراً أكبر من الاستقرار الاقتصادي، على اعتبار أن الصكوك تكون في العادة مدعومة بالموجودات أو مرتكزة على الموجودات، في عمليات بيع حقيقية أو تعاملات استثمارية حقيقية دون وجود عنصر المضاربة».
وقال حليم المسياح نائب محافظ بنك اندونيسيا «ندرس ما إن كان بإمكاننا قبول تداول صكوك شركة إدارة السيولة كأوراق مالية قصيرة الأجل في سوق المال الإسلامية بإندونيسيا.»
وعادة ما تحتفط البنوك الإسلامية بالصكوك التي تستثمر فيها ويمكن أن تساهم المعاملات المضمونة في تنشيط السوق الثانوية للصكوك من خلال تشجيع البنوك على استغلال تلك الأصول بشكل أفضل.
وذكر خالد حمد المدير التنفيذي للرقابة المصرفية في البنك المركزي البحريني ورئيس مجلس إدارة السوق المالية الإسلامية الدولية أن المؤسسات بجميع أحجامها ستجد ارتياحا في إجراء المعاملات الخاصة بمحافظها للأوراق المالية الإسلامية - لاسيما الصكوك - واستغلالها على نحو أفضل.
وأضاف حليم علام شاه إن البنك يخطط لإصدار قواعد لاتفاقات إعادة الشراء (ريبو) الإسلامية وهو ما يتيح للبنوك استخدام نطاق واسع من الأصول السيادية وأصول الشركات لإدارة السيولة.
وتتزايد الجهود في مجال التمويل الإسلامي لتطوير بدائل للريبو التقليدي حيث يتطلع القطاع لسد الفجوة في أدوات التمويل المتاحة للبنوك الإسلامية حتى تتمكن من التكيف بشكل أفضل خلال الأوقات التي تتعرض فيها السوق لضغوط.
ولدى البنك المركزي بالفعل تسهيلات إعادة شراء لأدوات سوق النقد الإسلامية لكن القواعد الجديدة ستتيح للبنوك الإسلامية أن تستخدم بشكل أفضل محافظها لأدوات الدخل الثابت طويلة الأجل.
وقال علام شاه على هامش مؤتمر عن التمويل الإسلامي في البحرين إن ذلك لن يتعلق بالعملة المحلية فقط وإنما أيضا بالعملات الأجنبية.
وامتنع عن تحديد إطار زمني لسريان القواعد الجديدة لكنه قال إنه يجري أيضا تطوير أدوات أخرى للتمويل الإسلامي.