الإرث الحضاري الذي تتكئ عليه المملكة أساسه القيم الإسلامية ونتطلع إلى إثراء المواطنة لدى الأجيال ">
الجزيرة - عبد الرحمن المصيبيح - واس / تصوير - فتحي كالي:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني ورشة عمل « تعزيز الحضور التعليمي والثقافي المتعلق بالبعد الحضاري في العملية التعليمية والوسائل الإعلامية» التي نظمتها الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أمس الثلاثاء بالتعاون مع وزارة التعليم ووزارة الثقافة والإعلام، ومتابعة من وزير التعليم د. عزام الدخيل ووزير الثقافة والإعلام د. عادل الطريفي، وبمشاركة فاعلة من دارة الملك عبد العزيز ومركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني وهيئة تقويم التعليم. وأكَّد الأمير سلطان بن سلمان أن تعزيز المواطنة وغرس الانتماء الوطني في نفوس المواطنين قضية أساسية أحد منطلقاتها تحديد معالم الهوية الوطنية والانطلاق من ثوابت أساس البعد الحضاري للمملكة، مشيرًا إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - دائم التأكيد على أن الاطلاع على التاريخ والتراث والاهتمام بهما قضية مستقبل وأن الاهتمام بتراثنا الحضاري كان ولا يزال محور اهتمام الدولة. وبين سموه أن الإرث الحضاري الذي تتكئ عليه المملكة يقوم في أساسه على القيم الإسلامية ونحن تاريخيا وحاضرا ومستقبلا مرتبطين بالإسلام، ولا بد من قراءة قصة تاريخ الجزيرة العربية من خلال هذا المنظور، وهذا يتحقق من خلال التركيز على البعد الحضاري الذي يربط بين المكونات الحضارية ويسهم في تقريب هذه الأمور إلى الأذهان والعقول وتعريف الأجيال بالثراء الذي تنطوي عليه المنطقة وتكتنزه المملكة على مختلف مراحل التاريخ بما في ذلك تأسيس هذه الدولة الشامخة التي أعطت هذه الوحدة التي جعلت المجتمع يرفل بالأمن والأمان والثراء، مؤكِّداً أن الجزيرة العربية كانت ولا تزال مركز فعل حضاري على مدى التاريخ، وقد عززت هذه المسألة المكتشفات الأثرية التي لفتت انتباه العالم إلى هذه المكونات الثرية التي تمتد لآلاف السنين.
وأوضح الأمير سلطان بن سلمان أن القيمة الأهم التي تمتلكها المملكة هي تمسكها بدينها وثروتها الأهم هي مواطنوها الذين استطاعوا توظيف النفط وغيره لبناء الإِنسان وتنمية المكان وبذل الثروة للخير، وهذا الأمر مغروس في أبناء المملكة وورثوه من أجدادهم الذين عاشوا في الجزيرة العربية وحموا طرق التجارة واستطاعوا إنشاء حضارة حاورت حضارات العالم وتعايشت معها وفرضت احترامها عليها. وكانت التجارة تعبر من الجزيرة العربية، وكانت منطقة وادي حنيفة تمثل مركزا من مراكز تصدير الغذاء لأماكن أخرى، وينسحب هذا الكلام على أماكن أخرى. وقال سمو الأمير سلطان بن سلمان : « إننا نتطلع من خلال التركيز على البعد الحضاري إلى إثراء المواطنة لدى الأجيال، باعتبار أن المواطنة تمثل أساس تعزيز وطنية الإِنسان ، وأنه في فترة من الفترات كان البعض يعتقد أن المحافظة على المواقع التاريخية والوطنية غير مهم ، وأن التمسك بالتراث يعد تخلفا أو رجعية، ولكن هذا الواقع تبدل في العالم كله، إِذْ انه كلما زاد تحضر الأمم وتقدمها زاد اهتمامها بتراثها، ونحن نشهد في المملكة اليوم ارتفاع الوعي بأهمية التراث، وتجاوبا مع برامج الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي جعلت التوعية وتصحيح المفاهيم والارتقاء بالتفاعل المجتمعي نحو التراث أولوية»، مبيناً أن زيارة المواقع وسماع قصص الأماكن ترسخ قصة بناء هذا الوطن. وأثنى سموه على مبادرة عدد من العلماء الأفاضل بالتنويه بالمكونات الحضارية للمملكة، وقال : « إننا بحمد الله نعيش فترة استثنائية، تتسم بالوضوح».
وأكَّد سموه أن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تحرص على التواصل مع شركائها، سواء في القطاعات الحكومية أو الخاصة، مؤكِّداً أنه لم يتم إقرار أي شيء يخص السياحة أو التراث الوطني دون الرجوع إلى المعنيين في هذه الأمور. وأكَّد الأمير سلطان بن سلمان على أن الاهتمام بالتراث الحضاري الوطني يمثل قضية مستقبل وقضية كيان وقضية وحدة وطنية، مشيرًا إلى أن كل بقعة في المملكة العربية السعودية تكتنز الكثير من معالم التراث الحضاري الوطني التي تمثل جزءاً من ذاكرة الآباء والأجداد. وأبان سموه أن تهيئة المواقع التراثية والسياحية ليتمكن المواطن من الاستمتاع فيها مع عائلته وأطفاله أو منفردا اهتمام أساس، ونحن ننظر لتهيئة أساس فرح المواطن واستمتاعه ببلاده على أنها قضية أمنية وتنموية ووطنية ذات أولوية قصوى، فلا يمكن أن تعزز الانتماء والمواطنة إلا إذا هيأت سبل المعرفة والمحبة بين المواطن ومواقع بلاده، ووفرت السبل اللازمة لتكوين ذكريات جميلة في أذهان الأطفال والأجيال القادمة واحتواء الشباب وتمكينهم من فهم تاريخ بلادهم والاستمتاع به.
وتضمنت الورشة عرض فيلم تعريفي لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، ثم ناقش المشاركون ثلاثة محاور حيث تطرقوا في المحور الأول إلى الدور المنوط بوزارتي التعليم والثقافة والإعلام للتعريف بالتراث الحضاري للمملكة، واستعرض المشاركون في المحور الثاني الأدوار المنفردة لوزارتي التعليم والثقافة والإعلام في تعزيز البعد الحضاري للمملكة في مناهج وأنشطة التعليم وبرامج الثقافة والإعلام ، وناقش المحور الثالث الأدوار المشتركة بين الوزارتين في التوعية والتعريف بالتاريخ والتراث الحضاري للمملكة في داخل المملكة وخارجها.