عبدالله بن عبدالمحسن السلطان
بعد نجاح الثورة عام 1979م نادى الخميني بتصديرها بدءاً من العراق ليليها دول الخليج العربية.. فلم يراعِ الخميني ضيافة العراق له (13) سنة عندما كان مطارداً من شاه إيران. ومنذ تسلمه القيادة في إيران إلى أن مات وهو يصدر التعليمات والتوجيهات المتعلقة بتصدير الثورة. وما تقوم به إيران اليوم من سياساتٍ عدوانية خارج الحدود مرتبطة إلى حد كبير بفكر الخميني.
فمن هو الخميني؟ اسمه كما هو معروف رسميا: روح الله مصطفى أحمد الموسوي الخميني (الخميني نسبة لقرية خمين في إيران). هذا مع أن اسم الخميني في الأصل، كما كشفت صحيفة الاندبندنت عام 1981م وصحف بريطانية أخرى، هو «روزبة بسنديدة» ووالده (سنكا) من جنوب الهند ومن السيخ، وأمه بنت أحد كبار كهنة معبد السيخ في كشمير واسمها (جِرّة آغا خانم). بعد أن اعتنق سنكا والد الخميني دين الشيعة اشتغل بعمل الحروز والسحر بالإضافة لعمله مع بريطانيا كمخبر لها، التي في المقابل ساعدته لأن يعمل بوظيفة سايس خيل في قصر شاه إيران رضا بهلوي، وعندما عرف الشاه انه جاسوس عنده للبريطانيين غضب عليه وقتله.
بعد ذلك قرر الخميني الهروب إلى العراق فجندته المخابرات الفرنسية والأمريكية ضد الشاه، وقرروا تغييره بعد أن هدد المصالح البريطانية والأمريكية، ولهذا ساعدوا الخميني لأنه صاحب ثأر وجعلوا منه بطلاً. وهناك إجماع لكثير من المصادر على أنه في الأصل هندي.
فالإمام الدكتور موسى الموسوي الذي كان مقربا من الخميني واختلف معه وهرب للولايات المتحدة ومات فيها، ذكر في كتابه (الجمهورية الثانية، ص 352)، أن أحمد جد الخميني قد قدم مهاجرا من الهند عام 1885م تقريباً وسكن هو وابنه (سنكا) قرية خمين بجوار معمم ينتسب للموسوية. وشاهد والده سنكا (الذي كان فقيرا) الناس وهم يقدمون القرابين والهدايا للمعمم السيد الموسوي رغم فقرهم، فتنبه وتقرب منه وعمل بصفة خادم له وترك ديانة السيخ واعتنق ديانة الشيعة هو وابنه سنكا; فظلَّ يخدم المعمم ويسترزق منه حتى مات المعمم الموسوي.
يذكر أن سنكا (الذي تغير إلى مصطفى) قد ولد في كشمير سنة 1842م من أسرة سيخية (وفي رواية أخرى ولد في قرية خمين وقتل فيها). أحمد جد الخميني كان تاجر خمر وتعرّف على فتاة مسلمة اسمها (طاهرة) وابنة أحد التجار فاعتنق أحمد (سيخي) الإسلام ليتزوجها، وهاجر أحمد وزوجته طاهرة وابنهما سنكا من كشمير في الهند إلى قرية خمين، وعُرف عندئذ باسم أحمد الهندي. وللخميني شقيق أصغر منه اسمه (بسنديدة) وهو اسم هندي فاحتفظ باسم (الهندي) وأصر على اسم عائلته واسمه (آية الله مرتضى) بسنديدة بن سنكا، ورفض أن يغير اسمه من عائلة سنكا إلى موسوي، كما رفض تغيير عمامته إلى سوداء فحبسه الخميني ومنعه من الظهور أمام الناس حتى قُتل في ظروف غامضة.
أما الخميني، فقد غيَّر فجأة اسمه إلى اسم المعمم الموسوي الذي كانوا يخدمونه وسمى نفسه موسوي وسيد. هذا مع انه في بداية حياته كان الخميني يكتب بخط يده في كتبه ورسائله أنه هندي وكان يذيل اسمه بالهندي ثم كان أن تغير فجأة إلى موسوي وسيد، فغيَّر عمامته إلى عمامة سوداء لأن من يلبس العمامة السوداء يدعى أنه سيد من أهل البيت، ويلاحظ أنه عندما يشار للخميني أنه هندوسي تثور ثائرة الفرس وأتباعه من الروافض. ولا زال كثير من الشيعة حتى الآن يعتقدون أن الخميني من آل البيت، وذلك نتيجة للدعاية التي شنها الخميني ومؤيدوه ليظهر أمام الشيعة انه سيد بعمامته السوداء.
وفي كتابه (شرح دعاء السحر) أشار الخميني إلى أن كنيته (الهندي) عندما يكتب اسمه. وقد كتب بخط يده عام 1391هـ أن أصله من الهند وأنه هندي الأصل. وفي سيرة الخميني الذاتية أُشير إلى أن أجداده كانوا في الهند وله أقارب فيها، لكنه لم يتحدث عنهم فتناسى أسرته وأقرباءه في الهند ولم يتحدث عنهم وقطع الصلة بهم. وهناك إجماع على أن للخميني جذورا في الهند.
رغم ما ذكر كان الخميني، خاصة بعد نجاح الثورة، ينسب نفسه إلى موسى بن جعفر (الحفيد الخامس للنبي عليه الصلاة والسلام). لذلك يرمز الخميني لنسبه الهاشمي بعمامته السوداء، مخفياً أصله الهندي، وتأكيداً لذلك أضاف (الموسوي) إلى اسمه. لكن الخميني لم ينشر شجرة نسب تثبت نسبه الموسوي لبني هاشم. ورغم ادعائه بأنه هاشمي عربي إلا أنه كان يكره العرب ويحقد عليهم ويسيء إلى تاريخهم. وبذلك يكره نفسه لو كان كما ادعى أنه هاشمي عربي. ولما ذكر، فإنَّ من الظلم والعدوان أن ينسب الخميني نفسه لبني هاشم. والدلائل تُشير أن ليس لديه ولاء لأحد إلا نفسه والأدلة هي: 1 - تنكره لهنديته 2 - موقفه الحاقد على العرب 3 - يذكر أنه عندما كان عائداً من فرنسا لإيران بعد غياب 16 سنة في المنفي سأله صحفي فرنسي عن مشاعره فكان جوابه: «لا شيء». كل هذا يدل على أن اهتمامه ينصب على إشهار نفسه كشخصية عالمية ليغطي خلفية نسبه المشوشة، فبدأ بتصدير الثورة، ممتطياً المشاعر الدينية والقومية الفارسية. لقد كان ذا شخصية معقدة!
رغم ما ذكر فقد اشتهر الخميني بمرجعية كبيرة وسلطة قوية على الشيعة، فعدّ بنظرهم نائب الإمام المهدي (المنتظر). كما يعتبره الكثيرون منهم إماماً معصوماً وأحسن من الأنبياء. هذا مع أن حصوله على لقب آية الله، كما تذكر بعض المصادر، كان تزكية من بعض كبار الشيعة الإيرانيين للحؤول دون تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه عام 1963م.
تشير بعض المصادر إلى أن الخميني مجوسي تجرأ على الله وطعن في الرسول وشن حملة الكره والعداوة على أمهات المؤمنين والصحابة رضي الله عنهم جميعاً. وفي كتابه (الطهارة) شتم أم المؤمنين عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام، وشتم الصحابة وقال عنهم إنهم أخبث من الكلاب والخنازير، هذا في الوقت الذي كان يترضى على الطوسي (فارسي الأصل) عند ذكر اسمه، وهو الذي تحالف مع تيمورلنك في بغداد للقضاء على الدولة العباسية، وساعد في القضاء عليها ابن العلقمي (فارسي الأصل) وكان وزيرا عند الخليفة المستعصم بالله، وكلا الطوسي وابن العلقمي من مواليد منطقة قم في خراسان.
وفي كتبه خالف وناقض الخميني فيها دين الإسلام وأكثر من التخريفات فيها. فأطلق الفتاوى وضلل عوام الشيعة أكثر مما كانوا فيه. ومن أقواله :
1 - في كتاب (مختارات من أحاديث وخطابات الإمام الخميني): «أن رسول الله لم يوفق في إصلاح البشر وتهذيبهم وتطبيق العدالة، وان من ينجح ويطبق العدالة في جميع أنحاء العالم هو المهدي المنتظر».
2 - في كتابه (موعد اللقاء): «نحن شيطانيون مطرودون من محضر الرحمن».
3 - في كتابه (كشف الأسرار ص 116): « لا إلهاً يبني بناءً شامخاً من التأله والعدالة والتدين ثم يخربه بيده ويعطي الإمارة ليزيد ومعاوية وعثمان وأمثالهم من المهاجمين، ولا يحدد المطلوب من الناس بعد النبي إلى الأبد حتى لا يساعد في تأسيس بناء الظلم والجور».
4 - في كتابه (تحرير الوسيلة / الجزء الثاني): «وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة». وفي مواضع أخرى حلل الخميني ذلك، كما في كتاب (لله وللتاريخ) للدكتور حسين الموسوي، وحلل الزنا وبعض المحرمات الأخرى.
5 - في كتابه (وصايا عرفانية)، محدثاً عن نفسه: «ولم يخطُ خطوة خالصة لله المنان».
6 - وفي كتاب آخر له، قال: «إنني أدعي وبجرأة بأن الشعب الإيراني بجماهيره المليونية في عصرنا الحاضر أفضل من شعب الحجاز الذي عاصر الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - . وأحد مؤشرات خلاف الخميني مع الإسلام هو أنه لم يأمر في حياته بإيقاف الاحتفالات بأعياد النار ( المجوسية) التي يقيمها الشيعة الفرس لأربعة عشر يوما كل سنة في أنحاء إيران، والى وقتنا الراهن.
وفي الختام، يمكن القول إن الخميني، بحسب ما كتب عنه، ورغم كل التعقيدات والاختلافات والمفارقات حول أصله وأعماله وأهدافه، قد نجح كأول هندي سيخي ارتدى العمامة السوداء، بأن «يحكم إيران بالحديد والنار ويسيطر على الشيعة ويستبيح أموالهم ويتمتع بنسائهم. واستطاع أن يضع شعار أجداده السيخ وسط العلم الإيراني كرمز لأصوله بعد أن أوهم الإيرانيين الفرس بأن هذا الشعار هو لفظ الجلالة». كما نجح، من خلال أتباعه قادة إيران اليوم، بتصدير الثورة إلى الحد الذي نراه الآن حاصلاً من الفتن والحروب في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين والكويت وأماكن أخرى، والله أعلم.