كتب - محمد عبد الرحمن:
لعلَّ من حُسن حظ الممثل والمنتج السعودي حسن عسيري أن أكثر المنافسين «نقداً» له، يعترفون بأحقيته وأفضليته كأفضل «منتج» فاعل في الدراما السعودية والخليجية، كما أن أكثر المعارضين لعسيري يعترفون بإمكانياته الفكرية والعملية لخلق حالة «إيجابية» في الدراما السعودية، بل هو واحد من أبرز المنتجين الذين أعطوا فرصة «ذهبية» للجيل الجديد، وأعاد بأعماله مجموعة من المخضرمين الذين كاد الجيل ينساهم.
لنترك رأي البعض «الشخصي» في حسن عسيري جانباً، ولنتحدث بصراحة، فهو استطاع بذكائه أن يفصل بين خلافاته الشخصية ورؤيته الدراما، لذلك فهو وإن اختلف مع أحد في رأي ما، فإنه لا يمكن أن يغض النظر عنه في مشروع درامي قادم، بل لديه ميزة المحاربة والقتال من أجل هذا الذي يختلف معه.
وكل يوم يثبت حسن عسيري أنه يُمسك بتلابيب «البراجماتية» في عمله، فلا يُفرّط فيها، وهي خصلة حسنة إنْ هُوَ سارَ بها نحو «الإيجابية» في إنتاج مشاريع درامية جديدة.
نحن بحاجة لأفكار «خلاَّقة» مثل تلك التي يفعلها حسن عسيري، واللعب أكثر من فوق الطاولة، وعدم الضرب من تحت الحزام، مثلما يفعل البعض، فالوضوح في العمل يُعطي حالة من الرؤية لأفق بعيد.
ليس عيباً أن تمتدح حسن عسيري، وليس شرفاً أن تمارس عليه التقريع في كل حركة يخطوها، ونشر علامات الاستفهام على «كافة» تحركاته، وليس من العدل أن ترى حالة إيجابية فلا تُلقي الضوء عليها، لأسباب قد تُسعد آخرين، لكنها لا تحرك في حالتنا الدرامية قيد أنملة.
نتابع الحركة الفنية في الخليج والوطن العربي، وجميعهم مساندون لبعضهم البعض، بل إنك تشعر في حديث المنتج عن زميله المنتج الآخر وكأنه بلغَ مبلغه من النجاح، بينما التنافس بينهم على قدمٍ وساق.
لكن الأمر يختلف تماماً لدينا، وربما نحن الحالة «الفريدة» إذ نستمتع بوضع مختلف العراقيل والشوك والأذى في طريق كل من ينافسنا، بل يجيد كل منا تكسير مجاديف الآخر، ولا مانع أن يُلقي عليه أوصاف لا تليق في حضرة منتج من بلدٍ آخر، حتى أصبح البعض في الدراما السعودية «أضحوكة» وعدم احترام. بالعودة لحسن عسيري، فإن في جعبته الكثير من الأفكار، لكن حالات من التعنت تجعله يفكر كثيراً أو كثيراً، والأجمل من ذلك كله أن حسن عسيري كـ «حالة» لا ينتظر عند باب يطول إغلاقه، بل يبحث عن كل فرصة يخطو من خلالها خطوة للأمام، ليترك الأبواب الموصدة خلفه، تمنع همس «الأصدقاء» من الخروج للعلن. حسن عسيري لا يترك فرصة للتطوير إلا ويطرق بابها، ولا مناسبة محلية أو عربية أو عالمية، إلا ويشد رحاله إليها، لكسب مزيد من الخبرات ومعرفة آخر ما وصلت إليه تقنيات التصوير التلفزيوني والإنتاج والتعرف على نماذج مختلفة من صنّاع الدراما والاستفادة من خبرات من سبقوه في هذا المجال.