الأمير بندر بن سلمان: الشريعة الإسلامية فاقت الأنظمة الدولية الأخرى في مجال التحكيم ">
الجزيرة - واس:
ألقى سمو الأمير الدكتور بندر بن سلمان بن محمد آل سعود الكلمة الافتتاحية امس في المؤتمر الدولي للقضاء والتحكيم بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ممثله في المعهد العالي للقضاء وفريق التحكيم السعودي. وجاء في كلمة سموه أن هذا المؤتمر يعد من المؤتمرات المهمة لما تشتمل عليه من بحوث وكلمات نوعية ومشاركة عدد كبير من المتخصصين من أنحاء العالم في هذا المجال. وتطرق سموه للنهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي عهده حفظهم الله جميعاً وخصوصاً في الأنظمة والقوانين التي ترتقي إلى مصاف الدولية, كما أكد سموه على أن القضاء في المملكة العربية السعودية يتمتع بالإستقلالية ولا لأحد عليه سلطان كما أن التحكيم هو مكمل للقضاء وليس منافساً له ولقد فاقت الشريعة الإسلامية الأنظمة الدولية الأخرى, وعلى سبيل المثال فقد أجازت الشريعة الإسلامية التحكيم الجنائي وكذلك التحكيم في الأحوال الشخصية فيما عجزت عنه الأنظمة الدولية من تحقيقه والذي مازال محل نقاش بين فقهاء القانون. كما ذكر سموه مراحل التطور التي عاشتها المملكة العربية السعودية في مجال التحكيم وآخرها النظام التحكيمي الجديد, وفي نهاية الكلمة شكر سموه المنظمين لهذا المؤتمر وخص منهم المعهد العالي للقضاء وفريق التحكيم السعودي, متمنياً للجميع الإستفادة من أوراق العمل المقدمة لهذا المؤتمر والتي زادت على المئة وخمسة وأربعون بحثاً.
من جهة ثانية تواصلت مساء امس فعاليات المؤتمر بعقد الجلسة الثالثة التي رأسها وكيل الجامعة للشؤون التعليمية بعنوان (مجالات القضاء والتحكيم في الشريعة والقانون)، وتضمنت عدداً من الأوراق العلمية، تناول فيها الدكتور عارف بن صالح العلي من المعهد العالي للقضاء جهات القضاء التجاري السعودي.. اختصاصاتها ومآلها, موضحاً أن البحث يهدف إلى دراسة جهات القضاء التجاري في المملكة من حيث اختصاصاتها ومآلاتها، بحيث يكون هذا البحث مرجعًا يستفيد منه كل ذي شأن سواء أكان قاضيًا أو محاميًا أو باحثًا أو غيرهم. وقال: حدود البحث هي دراسة الدوائر واللجان القضائية التي تختص بنظر الدعاوى المتعلقة بعمل تجاري، وتكون أحكامها باتت غير قابل للتظلم أمام ديوان المظالم، وأما اللجان الإدارية التي تنظر في المنازعات الناشئة عن أنظمة إدارية لها صلة بالتجارة وتُصدر قرارات إدارية قابلة للتظلم أمام جهة قضائية أخرى فهي خارجة عن هذا البحث؛ لأن قراراتها في الواقع تعد قرارات إدارية لا أحكاما قضائية، ومن أمثلة هذه اللجان لجنة النظر في مخالفات نظام المنافسة، ولجنة النظر في مخالفات نظام السجل. وبين الدكتور العلي أن جهات القضاء التجاري تختص بالنظر في المنازعات التجارية، وأبرز هذه المنازعات: المنازعات الناشئة عن الأعمال التجارية، أما المنازعات الناشئة عن الأعمال المدنية فتختص بنظرها المحاكم العامة، ويبرر لإفراد المنازعات التجارية بقضاء مستقل عن القضاء العام (المدني) بأن البيئة التجارية فَرضت قواعد تجارية يراعيها القضاء التجاري، وتهدف هذه القواعد إلى تحقيق السرعة ودعم الائتمان بين أطراف العمل التجاري وذلك بتعزيز الثقة بينهم عند المعاوضة أو الإقراض بالآجل، ومن أمثلة هذه القواعد: تطبيق أحكام الإفلاس التجاري، والتشدد في منح المهلة القضائية. وأكد الدكتور العلي أن باستقلال القضاء التجاري عن القضاء العام تتحقق فائدة كبرى تتمثل في أن الأنظمة التجارية شائكة ومتشعبة، وتحتاج إلى قضاة متخصصين يركزون خبرتهم في الفصل في الدعاوى الناشئة عن هذه الأنظمة التجارية تحديدا, وهذا مؤد إلى سرعة البت في الدعوى التجارية، إذ إن تكرار نظر القاضي لنوعية محددة من الدعاوى يجعل أصول هذه الدعاوى ومظانها وسوابقها وحيثيات الأحكام حاضرة في ذهنه فلا يحتاج إلى مراجعة ذلك عند كل دعوى. وأشار إلى تنوع جهات القضاء التجاري في المملكة حاليا بين الدوائر التجارية فديوان المظالم التي سينتقل اختصاصها إلى المحاكم التجارية المزمع افتتاحها، وبين اللجان القضائية ذات الاختصاص التجاري، وهذه اللجان تتفاوت مآلات بقائها أو انتقالها إلى المحاكم التجارية. وأوضح أن لجنة تسوية المنازعات المصرفية تختص بالفصل في المنازعات المصرفية وبموجب آلية العمل التنفيذية لنظام القضاء الجديد، فإن انتقال اختصاص هذه اللجنة إلى المحاكم الجديدة مرهون بدراسة وضعها من قبل المجلس الأعلى للقضاء, وبما أن هذه اللجنة تختص بالنظر في عمل تجاري وهو أعمال البنوك فإن الأصل انتقال اختصاصها إلى المحاكم التجارية، كما تعد لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية أحد اللجان التي سيتأخر انتقال اختصاصها إلى محاكم القضاء العام إلى حين دراسة وضعها من قبل المجلس الأعلى للقضاء، وهذا الانتقال محل إشكال كبير نظرا لتعدد اختصاصات اللجنة والأجدر في نظري هو إنشاء محكمة مختصة بمنازعات الأوراق المالية تكون تحت ولاية القضاء العام بحيث تضاف للمحاكم المتخصصة التي قررها نظام القضاء الجديد، وينتقل إليها كافة اختصاصات اللجنة باستثناء اختصاصها الإداري فيؤول لديوان المظالم. بعدها شارك الدكتور إبراهيم صبري الأرناؤوط أستاذ القانون التجاري في جامعة المجمعة ببحث بعنوان «وسائل تسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية» بين فيه أن المحور الأساسي لهذا البحث يتعلق بالوسائل القانونية لتسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية, المعروفة باسم ( عقود الفيديك ) وهي نماذج لعقود خاصة تتعلق بالبناء والتشييد, يمكن استخدامها محلياً ودولياً تتضمن بين بنودها وسائل تسوية منازعاتها, ومن ذلك النماذج التي وضعها الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين ( الفيديك) للعديد من العقود التي تستخدم في تنظيم مختلف أعمال البناء والتشييد, كأعمال الهندسة المدنية وأعمال المقاولات والأعمال الميكانيكية والكهربائية وأعمال التصميم وتسليم المفتاح. وأوضح الأرناؤوط أن عقود الفيديك من العقود الحديثة نسبياً, وهي تشكل مصدراً أساسياً من المراجع الدولية في مجال البناء والتشييد, وقد وضعت هذه العقود لتتوائم مع المخاطر التي تتعرض لها المشاريع الإنشائية الضخمة، وهي تتميز عن غيرها من العقود بإيجاد الحلول للمشكلات القانونية المستحدثة ووسائل تسوية المنازعات التي قد تنشأ بين الأطراف المختلفة, وذلك بسبب الطبيعة التقنية لهذه العقود وما تستغرقه من فترة زمنية طويلة للتنفيذ,والتكلفة المالية العالية التي ترتبط بها هذه العقود, ووجود أطراف دولية متعددة تختلف في أنظمتها القانونية, كما تتميز عقود الفيديك بأنها عقود تخصصية في أعمال الإنشاءات تنظم حقوق والتزامات أطرافها, والتوزيع العادل للمخاطر, وأوامر التغيير لأعمال البناء. وأوصى الباحث بتقييم دور المهندس الاستشاري في فض النزاعات بين طرفي عقد الإنشاءات الدولية، وتقييم دور مجلس تسوية المنازعات، وتقييم الوسائل البديلة الأخرى لتسوية منازعات عقود الإنشاءات الدولية ( الفيديك ). عقب ذلك قدم مدير مركز البحرين لتسوية المنازعات التابع للغرفة التجارية في البحرين الدكتور نسيب زيادة ورقة بحث بعنوان «قانون التحكيم البحريني الجديد» أكد فيها أن هذا القانون هو نتاج لمسيرة التشريع البحريني في مجال التحكيم, مشيراً إلى أبرز سلبيات القانون القديم والفروقات بينهم, مبيناً أن قانون 1971م يعالج القضايا الداخلية دون الدولية. واختتمت الندوة بورقة بحث لمدير قسم معاهدات التحكيم الاستثماري التجاري والقانون الدولي في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم التجاري يوانيس كونستانتنيديس بعنوان «التعايش المتناغم بين مبادئ الشريعة الإسلامية والتحكيم التجاري»، استعرض فيها عددا من التجارب المطبقة في القانون الماليزي التي يتم الاسترشاد فيها من خلال الأحكام الشرعية.