الجزيرة - الرياض:
أبدى المهندس طه الشريف مدير عام العلاقات الأجنبية بوزارة التجارة والصناعة ورئيس اللجنة الإشرافية على منتدى الأعمال السعودي – الفرنسي، تفاؤله بنتائج المنتدى الذي تستضيفه مدينة الرياض خلال يومي 12 و13 أكتوبر الجاري، داعياً رجال الأعمال المشاركين في المنتدى، سواء من الجانب السعودي أو الفرنسي، إلى استثمار هذه المناسبة بطرح الفرص الاستثمارية الداعمة لاقتصاد البلدين الصديقين، مستعرضاً كثيراً من صور التعاون بين الجانبين، ومشيداً بدور الشركات الفرنسية في توظيف الشباب السعوديين.. كما تطرق في حواره إلى كثير من تفاصيل العلاقات التجارية بين البلدين وأبرز الملفات التي ستُطرح على الجانب الفرنسي خلال المنتدى، فإلى نص الحوار:
تعتبر فرنسا من أولى الدول التي اعترفت بالمملكة عند تأسيسها، وتربط البلدين صداقة متينة.. كيف أثر ذلك في تنامي التبادل التجاري بين البلدين؟
تعد فرنسا شريكاً تجارياً مهماً للمملكة؛ إذ تحتل المرتبة الثامنة من بين أكبر عشر دول من حيث حجم وارداتنا منها عام 2014، والمرتبة العاشرة من بين الدول المصدر لها للعام ذاته. وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين المملكة وفرنسا عام 2014 نحو 53.8 مليار ريال، منها قرابة 31.7 مليار ريال صادرات سعودية إلى فرنسا، في حين بلغ حجم وارداتنا منها ما يزيد قليلاً عن 22 مليار ريال. وبذلك سجل الميزان التجاري في 2014 ميلا لصالح المملكة تجاوز مقداره 9.5 مليارات ريال.
الزيارة الأخيرة لسمو ولي ولي العهد إلى فرنسا.. كيف ترون هذه الزيارة بالنظر إلى أهميتها ونتائجها؟
تصب الزيارة الرسمية التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، لفرنسا في إطار العلاقات المتميزة والصديقة بين البلدين، وتأتي امتداداً للعلاقات التاريخية المتينة بينهما، كما تعكس حرص المملكة على تطوير علاقاتها مع شركائها الرئيسيين.
وقد سبق هذه الزيارة عدد من الزيارات الرسمية بين قادة البلدين كان من أهمها زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله - إلى فرنسا في سبتمبر 2014، وزيارة فخامة الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند للمملكة في ديسمبر من العام ذاته، والتي تم خلالها التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين رجال الأعمال من البلدين، إضافة إلى زيارة فخامته الأخيرة للمملكة في شهر مايو الماضي.
وعلى مستوى النتائج فقد جرى التوقيع على برنامج تعاون في المجال الصناعي مع وزارة الاقتصاد والصناعة الفرنسية. وتضمن البرنامج التعاون في تنمية الصادرات الصناعية للبلدين وزيادة حجم التجارة البينية وتبادل المعلومات التجارية والصناعية المتوفرة لدى الجانبين، وتبادل الخبرات فيما يتعلق بالسياسات الصناعية والإبداع للإسهام في مساندة وزيادة القدرة التنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والناشئة.
كما وضع البرنامج سياسات التجمعات الصناعية بحيث تشكل هذه السياسات أساس التعاون بين الطرفين لتشجيع وتنمية الاقتصاد المعرفي، إلى جانب أن البرنامج تضمن الاتفاق على تنظيم المعارض والمؤتمرات التخصصية للتعريف وتسويق منتجات البلدين الصناعية واتخاذ كل ما من شأنه تعزيز العلاقات التجارية والصناعية والاستثمارية بين البلدين.
هل يعد البرنامج الاتفاق التجاري الأول بين السعودية وفرنسا؟
برنامج التعاون الذي جرى توقيعه خلال زيارة سمو ولي ولي العهد الأخيرة لفرنسا يأتي امتداداً لسلسلة الاتفاقات المبرمة بين المملكة وفرنسا، ومنها: اتفاقية التعاون الاقتصادي الموقعة بين المملكة وفرنسا في (يوليو 1975). وكذلك اتفاقية تفادي الازدواج الضريبي بالنسبة للضرائب على الدخل والإرث والتركات، والبروتوكول الملحق بها، والبرتوكول الملحق بالاتفاقية الموقعة بين المملكة وفرنسا من أجل تجنب الازدواج الضريبي في شأن الضرائب على الدخل والإرث والشركات ورأس المال الموقع في مدينة باريس في فبراير 2011. وتم تجديد العمل بهذه الاتفاقية لمدة خمس سنوات اعتبارا من 1/1/2014. وأيضا هناك اتفاقية تعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي بين المملكة وفرنسا جرى التوقيع عليها في يناير 2008، وكان قد تم التوقيع على اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمارات بين المملكة وفرنسا في عام 2002.
وماذا عن المشاريع السعودية – الفرنسية المشتركة، ومدى ما وفرته من فرص وظيفية للشباب السعوديين؟
بلغ إجمالي المشاريع المشتركة بين المملكة وفرنسا العاملة في البلاد حتى يونيو 2010 (89) مشروعا منها خمسة مشاريع تجارية، مشروعان مؤقتان، (45) مشروعا خدميا، (35) مشروعا صناعيا، ومشروعان غير محددين، برأسمال قدره (74.8) مليار ريال. وبلغت حصة الشريك السعودي منها قرابة (48.8) مليار ريال، في حين تجاوزت حصة الشريك الفرنسي (25.8) مليار ريال، والمتبقي لشركاء آخرين. وفي نطاق الشركات السعودية - الفرنسية العاملة في المملكة فإن فرنسا تحتل المرتبة الثالثة من بين أكبر الدول المستثمرة في المملكة برأسمال بلغ نحو 14 مليار يورو تعمل في عدد من الأنشطة الصناعية والخدمية المختلفة، كما بلغت رساميل الاستثمارات السعودية في فرنسا نحو700 مليون يورو.
وعلى مستوى توطين الوظائف فإن هذه المشاريع تعمل في مختلف القطاعات، وتضم ما لا يقل عن 27 ألف موظف، وقد سجلت كلها نسباً عالية من السعودة مقارنة بالشركات الأجنبية الأخرى، ويرجع ذلك إلى تفهم المستثمرين الفرنسيين لتوجهات المملكة نحو توطين الوظائف وتطوير المهارات والتدريب وتنويع قاعدة الصناعات والاقتصاد الوطني.
ما هي أبرز القطاعات التي يشملها التعاون الاستثماري بين البلدين في الوقت الحالي؟
يشمل التعاون كل القطاعات والمجالات، ومنها - على سبيل المثال لا الحصر- النقل، البيئة والطاقة المتجددة والمدن الجديدة، الصناعة والتكنولوجيا الحديثة، الزراعة والمواد الغذائية، القطاع المالي والاستثمارات المتبادلة، قطاعات الكهرباء، والماء، قطاع الصحة، قطاع العلوم والتقنية، وقطاع التعليم. تجدر الإشارة هنا إلى أن المملكة تعمل منذ فترة طويلة على جذب الاستثمارات الأجنبية في القطاعات الصناعية والخدمية المختلفة، ومنها: الطاقة، البتروكيماويات، الصحة، تحلية المياه، والخدمات المالية، وغيرها من القطاعات، وذلك من خلال تقديم تسهيلات جيدة في هذا الجانب، إضافة إلى إجراء تعديلات جوهرية لدعم الاقتصاد الوطني شملت جوانب مختلفة، وكانت لها نتائج إيجابية كبيرة للمستثمرين.
ما الثمرات المتوقعة لتنظيم منتدى فرص الأعمال السعودي – الفرنسي الثاني ؟
نأمل أن يتمكن رجال الأعمال السعوديون والفرنسيون المشاركون في المنتدى من طرح الفرص الاستثمارية المناسبة بما يخدم قطاعات التجارة والصناعة في البلدين الصديقين، خصوصاً أن المملكة تتمتع بقاعدة صناعية جيدة وفي مجالات متعدّدة، وقطعت الصناعة فيها خطوات متقدمة كصناعة البتروكيماويات، الأغذية، الأسمدة، الحديد، والأسمنت وغيرها؛ إذ وصلت هذه الصناعات إلى مختلف دول العالم. كما نأمل أن تسهم فعاليات المنتدى والتوصيات التي ستصدر عنه في دعم المشروعات المشتركة بين البلدين، والتعاون في قطاعات الصحة والاقتصاد الرقمي والصناعات الغذائية والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، إضافة إلى تعزيز دور الشركات الفرنسية في نقل التقنية، وتدريب وتوظيف الشباب السعوديين، وهذا الهدف سيكون من الأهداف الرئيسة التي سيركز عليها المنتدى.
ما هي أبرز الملفات التي ستُطرح على الجانب الفرنسي خلال المنتدى؟
سيتم التركيز – إضافة إلى ما سبق - على كل ما يدعم التبادل التجاري بين البلدين، ومن ذلك: إزالة العوائق التي تعترض الصادرات السعودية لفرنسا، وتعزيز التعاون بين القطاع الخاص في كلا البلدين، وتبادل زيارات الوفود التجارية وإقامة المعارض المشتركة، والاستفادة من تجارب الجانب الفرنسي في مجال تنمية الصادرات، وتبادل الخبرات في مجال تنظيم المعارض والأسواق الدولية، وتعزيز التعاون في مجال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. كما نأمل خلال المنتدى تفعيل التوصيات الصادرة عن اجتماعات اللجنة السعودية - الفرنسية المشتركة التي عقدت في باريس خلال شهر أكتوبر 2014، وكذلك الخروج بتوصيات جديدة تدعم الأهداف الرئيسة لتنظيم المنتدى الثاني.