سَل الحَجِيْجَ وَقَدْ عَادُوا كَمَا قَدِمُوا
فَمَا اشْتَكَوا رَهَقاً يَبْقَى وَمَا أَلِمُوا
سَلْهُمْ وَقَدْ أَكْمَلُوا حَجّاً مَنَاسِكَهُمْ
لاقَوا من اليُسْرِ يُسْراً فَوقَ مَا حَلِمُوا
فَالأَمْنُ ظَلَّلَهُمْ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ
فَكُلُّ مَكَّةَ فِي وِجْهَاتِهِمْ حَرَمُ
وَفِي المَدِيْنَةِ لاقَوا مِثَلَه فَمَضَوا
إِلَى ذَوِيْهِمْ بأَمْنٍ لَيْسَ يُخْتَرَمُ
قَدْ وُفِّرَتْ خَدَمَاتٌ أَيْنَما اتِّجَهُوا
لَهُمْ وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ وَالنِّـعَمُ
توَفَّرَتْ بِجُهُودٍ مِنْ حُكُومَتِـنَا
وَشَعْبِهَا إِنِّهُمْ فِي حَجِّهِمْ خَدَمُ
رِعَايَةٌ فِي مَجَالِ الصِّحَّـةِ اتَّسَمَتْ
بِمُسْتَوَىً لا يُضَاهِيْهَا بِه العَجَمُ
فَلَمْ تُحَاصِرْهُمُ الأَمْرَاضُ أَوْبِئَةً
وَمَا تَدَارَكُهُمْ فِي مَكَّةَ السَّقَمُ
وَكُلُّ هَذَا وَلا رَسْمٌ تُطَالِبُهُـمْ
بِه الحُكُومَةُ بَلْ مِنْهَا لَهُمْ كَرَمُ
سَلْهُمْ وَدَعْ عنْكَ أَبْوَاقاً تُحَرِّكُهَا
فِي غَيِّهَا دُوَلٌ بِالحِقْدِ تَتَّسِمُ
إعْلامُهَا قَدْ تَمَادَى اليَومَ هَرْطَقَةً
لِسَاسَةٍ صَرَّحُوا بِالزَّيْفِ فَاتَّهَمُوا
كَسَاسَةِ الفُرْسِ وَالأَتْرَاكِ أَيُّ هَوَى
عَلَى بِلادِي دَعَاهُمْ حِيْنَمَا نَقَمُوا؟
أَكَوْنُهَا فِي مُحِيْطِ الشَّرْقِ قَدْ رَفَعَتْ
لِوَاءَ أُمَّتِنَا فَاسْتُنْهِضَتْ هِمَمُ؟
أَدَوْرُهَا العَالَمِيُّ اجْتَاحَ دَائِرَةً
لَهُمْ فَدَارَت عَلَيْهِمْ بَعْدَهَا الحِمَمُ؟
هَلْ يَذْكُرُ التُّرْكُ إِذْ ضَجَّ الحَجِيْجُ بِهِمْ
«وَاسْتَصْرَخَتْ رَبَّهَا فِي مَكَّةَ الأُمَمُ»؟
أَمْ يَذْكُرُ الفُرْسُ أَحْدَاثـاً مُوثَّقَةً
لِلحَجِّ فِي صُوَرٍ بالأَمْسِ تَحْتَدِمُ
فَالفُرْسُ والتُّرْكُ مَا حَلُّوا مَشَاكِلَهُمْ
شُعُوبُهُمْ تَشْتَكِي مِنْهَا وَتَضْطَرِمُ
لَو أَنَّهُمْ أَنْصَفُوا مَا قَالَ قَائِلُهُمْ
مَا اسْتَاءَ مِنْه حَجِيْجُ اللهِ والحَرَمُ
قُلْ لِلمُنَادِي بِحَجٍّ كَي يُدَوِّلَه
مَا أَنْتَ إِلَّا حَقُودٌ حَاسِدٌ قَزَمُ
سَلْمَانُ فِي الحَجِّ فِي حَزْمٍ سَيَخْدِمُه
فَاللهُ أَكْرَمَه والتُّرْكُ تَخْتَصِمُ
وَشَعْبُه قَدْ أَعَانُوه بِخِدْمَتِه
وَالفُرْسُ فِي ظُلُمَاتِ الجَهْلِ قَدْ حُكِمُوا
رَبُّ الحَجِيْجِ وَربُّ البَيْتِ شَرَّفَهُمْ
بِخِدْمَةٍ فِي سَنَاهَا الحَقُّ يَنْتَظِمُ
قَضَاؤُه قَدَرٌ يَهْوِي بِرافِعَةٍ
عَلَى المَطَافِ وَبِالحُجَّاجِ تَصْطَدِمُ
وَفي التَّدَافُعِ يَقْضِي بَعْضُهُمْ قَدَراً
وَبَعْضُهُمْ بِقَضَاءِ اللهِ قَدْ سَلِمُوا
وَذَاكَ لَمْ يَمْنَع التَّحْقِيْقَ فِي سَبَبٍ
بِوصْفِه بَشَرِيّـاً حَولُه التُّهَـمُ
فَرُبَّمَا كَانَ تَقْصِيْرٌ أَحَاطَ بِهَا
وَرُبَّمَا خَطَأٌ تَأْثِيْرُه أَلَمُ
إِنْ كَانَ ذَلِكَ فَالعُقْبَى مُرَاجَعَةٌ
فِيْهَا مُحَاسَبَةٌ بِالحَزْمِ تَتَّسِمُ
سَلْمَانُ يَحْسِمُهَـا بِالشَّرْعِ مُحْتَسِباً
سَلْمَانُ فِيْهَا مَنَارُ العَدْلِ وَالحَكَمُ.
- الدكتور عبدالرحمن عبدالله الواصل