يقول أحد العلماء المستشرقين «إن دول الخليج ليست إلا قبائل بأعلام». قال ذلك بعد أن تمعن في تفاصيل تلك الشعوب التي توجد في دول الخليج، وقام بدراستها بشكل مفصل. ولو رأينا الواقع التاريخي لدول الخليج والروابط الاجتماعية لوجدنا أن الصوت القبلي يكاد يكون الأقوى إذا استثنينا الروابط الطائفية والحزبية.
أما القبلية في واقعنا المعاصر فقد انحصرت مظاهرها المتوهجة في بعض الهجر والمراكز القائمة على أساس الرابط القبلي بفعل التمدن الحاصل في أغلب المناطق، وإرادة التغيير الديموغرافي «علم السكان»، الذي تسعى إليه أغلب سياسات تلك الدول محاولة بشكل حثيث حصر الترابط بين سكانها على مبدأ الوطنية.
من المثالية المؤذية أن نتجاهل الخطاب القبلي متهمين إياه بضرب من ضروب الجاهلية؛ كون هذا الخطاب واقعاً حقيقياً، ومن الجيد أن نتعامل معه بشكل ذكي بحصر وتجريم سلبياته، وتطوير الإيجابيات في هذا الرابط؛ ليمكن استخدامه بما يعود على الدولة والوطن والمواطنة.
ما أقصده بالسلبيات هي ما ينحصر في المحرمات التي أتت بها الشريعة الإسلامية في الكتاب والسُّنة بنصوص الكتاب والأحاديث الصحيحة.
أما ما أراه إيجابياً في هذه الرابطة فمن الممكن أن يتم تحويل تلك التجمعات ورفع الوعي لدى أصحاب القرار فيها لتتحول إلى مؤسسات مجتمع مدني، تساعد أبناءها على استكمال دراستهم العليا، وتتحمل مصاريف العلاج للفقراء، والدعم الخيري لبعض المؤسسات الخيرية.. وهناك أمثلة متميزة قائمة ومستمرة بالتطور.
أخيراً: القبيلة رابطة حقيقية وواقعية في عصرنا، وهي تتوهج، وتعود بمسببات وظروف المرحلة في كل عصر، وتتحول إلى قبائلية إذا أُطلق لها العنان دون حسيب أو رقيب من سلطات تلك الدول الحاضنة للشعوب القبلية.
- خليل الذيابي