عندما يحل يوم الوطن الخامس والثمانون يوم التأسيس لبلادنا الغالية فإن صوراً عديدة من الذكريات والخواطر تتوارد إلى الذهن تستحضر معها القيمة الغالية الرفيعة التي يمثلها هذا اليوم الغالي علينا جميعاً مما يجعل هذه المناسبة الوطنية المجيدة تتجاوز معنى ذكرى لتصبح إحدى فصول التاريخ المعاصر وإحدى الملاحم الباقية على مر العصور لأن الملك الراحل عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود « طيب الله « ثراه عندما عزم الأمر على توحيد شتات البلاد لم يكن هاجسه دولة وسلطة بل كان يحمل في أعماقه رسالة سامية ورؤية بعيدة وهي إنقاذ إنسان هذا البلد من براثن الشر والفساد إلى آفاق العز والمجد سلاحه في ذلك كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فكانت دعوة صادقة مخلصة أطلقها فلقيت صدى مدوياً في كل أرجاء الجزيرة وكانت نصرة المولى خلف الصادقين المخلصين قال تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم)، نعم بكل تأكيد كان الموحد عبدالعزيز يرحمه الله متوهج الحماس نحو إرساء دعائم الإيمان والحق والمثلُ النبيلة في حياة الإنسان ولم يكن يخلده حب الاستيلاء والسيطرة من أجل الذات فكانت توجهاته رحمه الله تنطلق نحو بناء الفرد قبل بناء البلاد فأخرجه إلى صروح العلم والمعرفة وأزال عنه غمام الجهل والظلام مما كتب لهذه الحضارة القائمة التطور السريع لأنها انطلقت من الأساس الصحيح ومن قاعدة إسلامية راسخة فهذه البلاد الطاهرة هي الحاضر المشرق الذي يشع ضياؤه وسط عالمنا المتحضر حيث تمكن أبناء الملك عبدالعزيز، سعود ، وفيصل ، وخالد ، وفهد ، وعبدالله « يرحمهم الله « من ترجمة مفاهيم مدرسة الملك عبدالعزيز إلى واقع مضيء وساروا على درب الموحد ومنحوا حياتهم فداءً لرفعة وعزة هذه البلاد فكانوا بفضل الله خير من حمل الأمانة وعملوا بكل إخلاص وتفان.
وما عصر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله إلا امتداد لعطاءات الخير والنماء. حيث أولى حفظه الله جل اهتمامه ورعايته بالوطن وأبناءه والوقوف بجانبهم وتأمين كل سبل العيش الكريم وتوفير الراحة والرفاهية لهم في شتى المجالات وتجلت أجمل صور المواطنة الحقه في وقوف أبناء هذا الوطن صفاً واحداً مع قيادته الحكيمة ضد الأعمال الإرهابية وضد كل فكر متطرف من أجل حماية الوطن والحفاظ على أمنه واستقراره مستمدين العون والتوفيق من الخالق عز وجل وهو ما أكده مواطنو هذا البلاد الغالية من خلال شجبهم واستنكارهم لهذه الفئة الضالة وأفكارهم المنحرفة التي لا تمتّ للدين بأي صلة.
ومن الإنصاف القول إن عهده يحفظه الله يعد من العهود ذات المحك لقدرات القادة حيال استتباب الأمن والاستقرار لهذه البلاد والذود عنه بكل قوة حول ما يحاك من مؤامرات وما تلجأ اليه النفوس المريضة الحاقدة من أعمال تخريبية لن تؤثر على مسيرة هذا الكيان بل تزيده شموخاً وعلواً لأنه البلد المؤمن بكتاب الله الواثق بقيادته الحكيمة.
وما أمر سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز « حفظه الله « ببدأ عاصفة الحزم إلا استجابة للسلطة الشرعية في اليمن الشقيق لنصرة المظلوم ودحر المعتدين. حيث لاقى هذا الأمر ترحيبا واسعا من العالم أجمع إلى جانب التأييد والمشاركة والدعم لإدراكهم أن هذا التوجه الحكيم والشجاع مبني على الأسس والقيم الشرعية والإنسانية والمواثيق الدولية التي تحتم على الدول الوقوف ضد كل معتد وعابث. ليسود الحق وينتصر المظلوم ويعود الأمل مع مرحلة إعادة الأمل التي وجه بها أيده الله بعد أن حققت عاصفة الحزم أهدافها. فكان لهذا الدور الكبير انعكاسه العظيم على مواصلة مسيرة بلادنا تجاه نصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية بالوقوف معهم ودعمهم بكل ما يلزم وهذا ما دأبت عليه دولتنا وفقها الله منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن مرورا بأبنائه الملوك من بعده رحمهم الله فأصبح اسمها عالياً في كافة المحافل والميادين وقلبها ينبض بالحب والسلام والإيمان وستبقى بمشيئة الله كما أرادها رب العزة والجلال مناراً للهدى والتقى.
وبهذه المناسبة نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات للقيادة الرشيدة مقرونه بمشاعر الفرح والاعتزاز للوطن وأبنائه بحلول هذه الذكرى المجيدة التي نستشعر معها الإرث العظيم لوطننا وما حققه على مدار عقود التنمية منذ تأسيسه من إنجازات عملاقه في كل المجالات وأصبح واحداً من الكيانات البارزة على خارطة دول العالم. داعين الله العلي القدير أن يحفظ قيادتنا الحكيمة وأن يديم على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار.
الأمير مشاري بن سعود بن عبدالعزيز - أمير منطقة الباحة