عبد الله بن حمد الحقيل ">
إن المعلم هو محور البناء الحضاري لأي أمة وإن المعلم له دوركبير في إثراء الحياة العلمية والفكرية يفيض من آدابه وعلومه وخبرته وتفيض كتب التراث العربي الإسلامي بالحديث عن دور المعلمين وما استفادته الأمم منهم بفضل ما علموه للناس، فكان لهم بالعلم وتفانيهم في دراساته أعظم منزلة، ويروي الفراء العالم اللغوي المعروف أنه لقي كثيراً من احترام الخليفة المأمون له ولعلمه، فقد وكل إليه المأمون تعليم أولاده العلم والنحو والأدب، وفي ذات يوم أراد أن ينهض فتسابقا إلى نعليه ليقدماها له فتنازعا أيهما يقدمها، ثم اتفقا على أن يقدم كل واحد منهما إحدى النعلين، وكان للمأمون عين على كل شيء فرفع ذلك إليه فاستدعى الفراء، فلما دخل عليه قال له: من أعز الناس؟ فقال الفراء لا أعرف أحداً أعز من أمير المؤمنين، فقال المأمون بل من إذا نهض تقاتل على تقديم نعليه وليا عهد المسلمين حتى يرضى كل واحد منهما أن يقدم له إحداهما، فقال الفراء: يا أمير المؤمنين لقد أردت نهيهما عن ذلك، ولكن خشيت أن أدفعهما عن مكرمة تسابقا إليها أو أكسر نفسيهما عن شريفة حرصاً عليها، وما كان المأمون ليرضى لولديه بذلك لولا ما كان يراه للمعلمين والعلماء من عالي المنزلة وسابق المكانة.
إن رسالة المعلم ترتفع بصاحبها إلى مكانة عالية لا يرقى إليها غيره فمستقبل الأمم والشعوب يتوقف إلى حد كبير على تكوين الأجيال الناشئة فيها على أسس علمية سليمة وقواعد تربوية صحيحة ومناهج تعليمية هادفة وتلك رسالة المعلم.. إن المعلم يضطلع برسالة عظيمة، فلذا يجب أن يتحلى بالأخلاقيات الخاصة بمهنة التعليم النبيلة فالمعلم قدوة لطلابه بل وللمجتمع الذي يعيش فيه لتمسكه بالمثل الرفيعة والأخلاق العالية والصفات الحميدة والضمير اليقظ فليدرك المعلمون شرف الرسالة التي يحملونها وقداسة المهنة التي ينتسبون إليها وعمق تأثيرها في إيجاد الجيل الصالح المؤمن الذي يستشعر واجباته وإحساسه بانتمائه لأمته المسلمة التي تقوم حياتها على التمسك بالتعاليم الإسلامية السامية والآداب والفضائل الأخلاقية والقيم التربوية الكريمة.