عثمان بن حمد أباالخيل ">
جميع الناس يحبون الزمن وهذه المحبة قائمة على أرضيات وتطلعات مختلفة كل حسب ظروفه ومشاعره. هناك من يقول: كل ما في الأمر أنها مسألة وقت وتظهر الحقيقة، وهناك من يقول: هل المجروح تنسيه الأيام المقبلة، وأيضاً هناك من يقول: الزمن كفيل بإظهار معادن الناس الذين تتعامل معهم. وأنا أقول: هل الأيام بالفعل تستطيع أن تنسينا. يتوكل على الله فبالتوكل تزول كل هموم الحياة ذكرياتنا المؤلمة بكل تفاصيلها؟ الإنسان يتعرض للمصائب والمحن في كل يوم وعليه أن يتوكل على الله في كل أموره قال تعالى: {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا}.
على الجميع أنْ يثق بالزمن تلك الأيام والليالي المقبلة من عمر الإنسان بأن تتضح الصورة ويتحدد الاتجاه ويستقر الحال، زوجات كُثر يتألمن، زوجة تراهن على الزمن بأن يتغيّر حال زوجها من حال إلى حال، وهل على الزوجة أن تدفع عمرها الزمني مقابل المجهول؟ أزواج يراهنون على الزمن بأن تفتح زوجاتهم قلوبهن المؤصدة ويشعرن بالحب، وهل تستطيع الزوجة أنْ تحب زوجها ما لم يكن رجلاً بمعنى الرجولة الحقيقية. يقولون الزمن كفيل بالنسيان هذه مقولة ليست صحيحة حسب رأيي الشخصي، الإنسان لا ينسى الجرح والألم والإهانة مهما طال الزمن، لكن النسيان نعمة من الله ولولا النسيان لما قدرت أم على فراق فلذة كبدها إن وافاه الأجل المحتوم ولا ابن أو بنت على فراق أمهما، ولا زوجة على فراق زوجها والعكس.
الزَمنْ كفِيل بأن يُغيّر الإنسان ومن لمْ يتغيّر مع الزمن سيبقى مكانه، والتغيير الذي أقصده التغيير الفكري والحضاري والنفسي وليس التغيير الجسماني الذي يحدث طبيعياً. يقول بعضهم إن الوقت عنصر هام في إجراء هذا التغيير. فلا داعي لأن تتعب نفسك وهذا قول غير صحيح لا بد أن يغيّر الإنسان نفسه قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}. الإنسان الذي يستسلم لوضعه ولا يغيّر وضعه فهذا إنسان يريد أن تمطر السماء عليه ذهباً، فالسماء كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في هذا كلمة المشهورة أيها الناس اعملوا فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة. هناك مثل يقول: هل حقيقة أن من شبَّ على شيء شاب عليه، هذا المثل له وجهان وجه صحيح لبعض العادات والسلوكيات لكنه غير صحيح فالإنسان يتغيّر مع الزمن، اقتبس بيل غيتس «ونحن دائماً نبالغ في التغيير الذي سيحدث في العامين المقبلين، ونقلِّل من التغيير الذي سيحدث في العشر القادمة. لا تدع نفسك تركن إلى التقاعس عن العمل.»
وفي الختام مجرد التفكير في الزمن وهو المستقبل فأنت تبحث عن التغيير، والمستقبل بيد الله، وعلى الإنسان أنْ يسعي للتغيير للأفضل في كل شؤون حياته ويبتعد عن التغيير السلبي الذي يأخذه للمجهول الذي ربما يوصله للهلاك. وعلى من يشعر بالتغيير السلبي أن يوجهه بالتغيير من الداخل من داخل النفس، النفس المطمئنة قال تعالى: {الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ الله أَلَا بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}.