زيارة خادم الحرمين للولايات المتحدة فتحت أبواب فرص ضخمة لرجال الأعمال ">
واشنطن - موفد الجزيرة - سعد العجيبان:
إحداث ثورة اقتصادية وتجارية لم تشهدها المملكة من قبل.. بل وحتى دول المنطقة «مجتمعة».. هو أقل ما يمكن أن تتمخض عنه الخطوات العملية الجادة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - ضمن استراتيجية اقتصادية وتجارية جديدة للدولة.. تتسم بوضوح تام للمعالم ومحددة الأهداف وميسرة في متطلبات التنفيذ..
فالأمر لا يقف عند شراكة تجارية مع شريك أجنبي.. بل يتعدى ذلك بمراحل منها تنويع مصادر الدخل والتوطين والتدريب واستقطاب التقنية العالية والاستفادة من الخبرات في تنمية الموارد البشرية الوطنية، وغيرها الكثير من الأهداف التي تُحقق ما لم نكن نحلم به.
لقاء غير عادي
في استراحة رجال الأعمال وكبار الشخصيات لفندق (الرتز كارلتون) الواقع في حي (جورج تاون) في العاصمة الأمريكية واشنطن، لم يكن لقائي برئيس مجلس الغرف السعودية رئيس مجلس غرفة الرياض الدكتور عبد الرحمن بن عبد الله الزامل (رئيس وفد رجال الأعمال إلى واشنطن ضمن زيارة خادم الحرمين الشريفين)، لم يكن لقائي به لقاء عادياً، بل كان ثريا بالمعلومات.. يتكئ على قاعدة قوية (هي الخبرة الطويلة)، حيث وضعني ذلك اللقاء في رأس هرم التفاؤل، لقادم اقتصادي (غير نفطي) قوي للمملكة، بل للمنطقة بأكملها.
مرافقتنا للملك سلمان تفتح الأبواب
بعد جلوسي على المقعد المقابل للدكتور الزامل على «طاولة» لا تتسع لطلبات أكثر من شخصين، ومع الرشفة الأولى لقهوته (دي كافيه «بلاك»)، بدت على وجهه علامات الإرهاق الجسدي، إلا أن ملامح عريضة للرضا والتفاؤل رأيتها جلية في وجهه، فبدأ قائلاً: ترتيب الزيارة... زيارة وفد رجال الأعمال.. في نفس وقت زيارة الملك سلمان.. هي من أهم الخطوات التي بدأت تتخذها المملكة.. فقد سبق وأن قادنا الملك سلمان.. حين كان وليا للعهد في زيارة إلى فرنسا.. وأتمنى أن نستمر في هذا الأسلوب.. لأنه بمجرد وجود الملك سلمان معنا والوزراء.. تكون استجابة البلد الذي نزوره ورجال أعمالهم والمسؤولون فيه... وفتح الأبواب.. متاحة بشكل كبير جداً.
المرة الأولى
ومضى الدكتور الزامل في القول: لو لاحظت.. كنا نزور الدول بمفردنا.. ونلتقي بالكاد بوزير أو باثنين.. ونجتمع برجال أعمال ليسوا من كبار رجال الأعمال في البلد المضيف... لكن في هذه الزيارة للولايات المتحدة الأمريكية.. التي هي الأولى للملك سلمان منذ توليه الحكم، رافقنا أربعة من الوزراء القادة.. وزير المالية ووزير التجارة ووزير الصحة ومحافظ الهيئة العامة للاستثمار، وجميعهم مهمون جدا للسوق الأمريكي. (وبوجه أحاطته الدهشة والفرح في ذات الوقت).. قال الدكتور الزامل: هي المرة الأولى التي نرى فيها ضمن جميع الزيارات، رؤساء أكبر الشركات.
اجتماعات صريحة
وأضاف: اجتمعنا بهم طوال نهار اليوم الأول للزيارة.. رؤساء شركات عملاقة.. اجتمعوا مع الوزراء ومع نخبة من رجال الأعمال محددة برئاستي.. كانت الاجتماعات صريحة بحضور الوزراء.. تحدث خلالها رجال الأعمال الأمريكيون عن مشاكلهم التي يواجهونها في المملكة ومقترحاتهم في التطوير.. فكان نقاش صريح.. وكان الوزراء متقبلين للنقاش وإيجابيين جدا.. وامتد الاجتماع على مدى ما يزيد على الساعتين.. خرجنا منه جميعنا متفائلين سواء الجانب السعودي أو الأمريكي.
سياسة اقتصادية جديدة
ومضى في القول: بعد ذلك خرجنا نفس المجموعة، إلى اجتماع مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - .. فكان أيضاً اجتماعا إيجابيا جدا.. تضمن نقاشا مع الملك سلمان، وشرح رجال الأعمال الأمريكيون للملك عن أنشطتهم.. وتطرق الملك سلمان للسياسة الاقتصادية الجديدة للمملكة.. وبكل صراحة.. قال - حفظه الله - نحن اهتمامنا بالجانب الأمريكي والسوق الأمريكي والتجارة الأمريكية.. له عندنا أولوية.. وأتمنى من رجال أعمالنا مواصلة الاتصال بكم.. والعمل معكم.. وأكَّد - حفظه الله - وعمد الوزراء من أجل اقتراح وتطوير جميع الأنظمة الاقتصادية ووضع حلول سريعة، لأي ملاحظات يسمعونها من الجانب الأمريكي، وبالفعل كان اجتماعا هاما.
الاجتماع الأهم
ويضيف الدكتور الزامل: بعد ذلك كان أهم اجتماع.. في حفل عشاء منتدى الاستثمار الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي - الأمريكي وشرفه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.. كان العشاء الذي ألقى فيه الملك سلمان خطابا جيدا ومبرمجا وواضحا، وطرح كل فلسفتنا الجديدة الاقتصادية والمشاركات وتشجيع القطاع الخاص واعتباره المحرك الرئيسي في الاقتصاد.
استبشرنا خيراً.. بنتائج سريعة
كافة الحضور.. استقبلوا الخطاب استقبالا جيدا، ورجال أعمالنا استبشروا خيراً وبالفعل بدأنا نلاحظ أول النتائج، سريعة من هيئة الاستثمار، اليوم.. القيادة التي قدمها الأخ المهندس عبد اللطيف العثمان رئيس هيئة الاستثمار.. حقيقة قيادة حكيمة نشطة منظمة كان رائعا في قيادته.. بعد انتهاء اليوم الأول، وجدنا أن اليوم الثاني شهد صدور قرار بالسماح للشركات العملاقة في القطاع التجاري.. للمرة الأولى تستطيع دخول السوق السعودي كشركة دون وكيل.. ووضعت شروط بطبيعة الحال.. وتلك الشركات ليست الصَّغيرة أو الشركات العادية.. بل العملاقة التي تستطيع تقديم شيء رائع للمملكة.. كتقنية عالية.. تتحول للصناعة.. تقدم خدمات ضخمة.. تقوم بالسعودة.. والتدريب.. وكما عُرف عن الشركات المشتركة السعودية - الأمريكية.. بأنها أكثر الشركات في السوق السعودي تقوم بتوظيف السعوديين.
خدمة وضمانات بنفس ما يقدم
في بلد المنشأ
واستشهد الدكتور الزامل بشركة (أبل - APPLE).. وقال شركة (أبل).. نراها في تركيا أو في دول أخرى لديها مراكز ومعارض عظيمة ومراكز خدمات ومراكز بيع متعددة.. وستقوم الشركة الآن بافتتاح خمسة مراكز في المملكة.. فتجارتها حالياً تقوم عن طريق وسطاء.. والوسطاء يزيدون في النسب ولا يقدمون خدمات.. حتى شركة (أبل) تطرقت لهذا الأمر.. أما الآن وضعت المملكة شروطا كحد أدنى لرأس المال وتحقيق السعودة بنسب عالية أكثر من المعمول به.. وتقديم الخدمة والضمانات بنفس ما يقدم في بلد المنشأ، ويقدم ذلك في تعهدات مع الترخيص.
التراخيص والمستندات
الأمر الثاني، صدر قرار في اليوم الثاني من زيارة الملك للولايات المتحدة الأمريكية.. بإصدار تراخيص للشركات الأجنبية التي تتقدم لهيئة الاستثمار لمدة 15 سنة لا يتطلب التجديد كل سنة كما كان معمولا به في السابق.. خففوا المستندات التي يتم تقديمها للحصول على الترخيص من 12 مستندا إلى 3 مستندات، كما تعهدت هيئة الاستثمار بأن تصدر الترخيص في مدة خمسة أيَّام عمل.. بعض الشركاء الأجانب الأمريكيين.. ذكروا بعض الصعوبات.. وتلك النتائج السريعة.. تحققت في هذه الزيارة.. أما النتيجة الأخرى هي التوقيع على 19 مشروعا استثماريا بين الشركات السعودية والأمريكية المتخصصة في قطاعات الصحة والخدمية العليا وقطاعات مواد البناء والزجاج المتطور وغيرها.
القرارات لكافة دول العالم
وحول انعكاسات هذه الشراكات الضخمة والسريعة مع الجانب الأمريكي على الشركاء الآخرين في الدول الأخرى كالصين والهند والدول الأوروبية وغيرها من الدول الأخرى.. قال الدكتور الزامل إن جميع الدول ستطبق عليهم نفس الشروط، وتلك القرارات ليس للأمريكيين فحسب.. وإنما لجميع دول العالم.. بشرط أن تكون الشركة مالكة لتقنية معينة.. وليس ثلاثة أجانب يجلسون في لندن أو بيروت أو في استراليا يعقدون العزم على إنشاء شركة والحصول على ترخيص في المملكة!!.. بل يجب أن تكون الشركات ذات تقنية عالية وتستطيع أن تقدم خدمة متطورة.. وهذا الأمر بشارة خير لجميع دول العالم.. لماذا أعلنت (أبل) أنها ستفتتح 5 فروع رئيسية في المملكة!!.
مكاسب كبرى
وأضاف الدكتور الزامل.. أن التماس قادة الشركات الكبرى الأمريكية.. لاهتمام الملك سلمان وتعليماته للوزراء بتسهيل الأمور وتوحيد الشروط وتشجيع المستثمرين.. من أهم الأمور التي ساعدتنا في هذه الرحلة على الإنجاز والنجاح وتحقيق المكاسب الكبرى.. كذلك على مستوى رجال الأعمال السعوديين أنفسهم والبالغ عددهم 100 رجل أعمال.. فلقاؤهم ببعضهم وتعارفهم وتبادل الخبرات والأفكار والمشاركات هذا أيضاً من المكاسب الكبيرة التي حققتها الزيارة.
الوزراء ورجال الأعمال
وفي جانب آخر بيّن الدكتور الزامل أن عددا من رجال الأعمال في الجانب السعودي عقدوا اجتماعا مع الوزراء المرافقين لزيارة خادم الحرمين الشريفين، طرحت فيه العديد من الأمور للنقاش النقاش.. وأكَّد أن الوزراء كانوا رائعين في الفهم.. ونحن كالعادة سنرفع لهم عدة نقاط.. ووعدونا بدراستها كلها وحلها.. فكان الاجتماع صريحا ومفتوحا.. وحقق الراحة لرجال أعمالنا.. إِذْ كان اجتماعا مباشرا مع الوزراء (وجها لوجه).. فبعضهم للأسف لا يزور الغرف.. وجميع رجال الأعمال خرجوا متفائلين بعد الاجتماع مع الوزراء (شاب في عمره ومتفاعل ومتفائل ومتجاوب).
ظاهرة
بعدها.. طرحت على الدكتور الزامل تساؤلاً.. حول إنشاء كبرى الشركات العالمية في الصناعات الغذائية أو إنتاج المحركات والسيارات أو حتى الأجهزة الإلكترونية وغيرها الكثير.. مصانع لها في جنوب إفريقيا أو في الهند بعد ذلك في جبل علي والآن في مصر.. فما الذي يمنع من إيجاد ظاهرة مماثلة لهذه الشركات في المملكة؟ فأورد الدكتور الزامل أن قرار السماح للشركات الكبرى العمل دون وكلاء.. هو الذي سينقل لنا هذه الظاهرة.. واستشهد بشركة (مارس).. فأكبر مصنع لها في المنطقة الآن يقع في المملكة.. بعد أن كان في دبي.. والآن في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ.. لها مصنع كبير ويشهد توسعا.. وأضاف حين نُسهل الأمور والإجراءات.. ستشهد السوق السعودية إقبالا من الشركات العالمية الكبرى.. فالسوق السعودي مستهدف.. علينا فقط تسهيل الأمور... أنا يهمني في حال استقطاب الشركات العالمية.. أن تتاح فرص عمل للشباب السعودي.. ثانيا إنتاج منتجات بحيث نستطيع أن نُصدر من المملكة.. الآن صادراتنا غير النفطية تبلغ 220 مليار ريال سنوياً.. نريدها أن ترتفع إلى 400 مليار ريال بوجود الشركات العالمية لدينا.. ومع مرور تجربة أو اثنتين لشركة أو اثنتين أو ثلاث.. تتقدم العملية وتتطور.. فبمجرد افتتاح مراكز في المملكة لشركة (أبل) أو (أي بي إم) أو (3 إم).. سنرى كبرى الشركات العالمية تقبل على المملكة.. لكن يجب أن تكون مصداقيتنا عالية، في تطبيق الشروط التي اتخذناها والمواعيد التي وضعناها.
ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة
وما إذا كان ارتفاع تكلفة الأيدي العاملة السعودية سيُحيل من استقطاب الشركات الأجنبية للاستثمار في المملكة.. أشار الدكتور الزامل إلى أنها ليست مرتفعة.. بل هي الأقل بين دول الخليج... فالشركات العملاقة (الأمريكية) تنفق أجورا للأيدي العاملة كحد أدنى 15 دولارا للساعة الواحدة في الولايات المتحدة الأمريكية.
تجربة
ومضى في القول: لديّ تجربة شخصيا.. مع إحدى الشركات العملاقة الأمريكية.. كنت حينها وكيلا في وزارة التجارة.. اجتمعت برئيس مجلس إدارتهم هو ورئيس المنطقة ونائب رئيس مجلس الإدارة.. وبعد الحديث عن المشروعات التي ستنفذ في الحكومة، سألني عن رأيي في شركته.. قلت له رأيي صفر!!.. (انفجع) من ردي... وكاد مرافقوه (يطيحون)!!.. فسألني لماذا!!.. فقلت له أنت أمريكي.. وهذا إيطالي.. ورئيس المنطقة من جنوب إفريقيا.. والمسؤول عن شركتكم في المملكة إيرلندي.. وكأن البلد لا يوجد بها رجال!!... قال فما هو الحل؟.. قلت إنكم لا ترغبون في السعودي كونكم متخوفين أن توظفونه ولا تستطيعون التعامل معه في حال تقصيره وإنهاء ارتباطه معكم، وطلبت منه منحي صلاحية بأن أوظف لهم 17 سعوديا.. دون توقيع عقود معهم.. مع مسؤوليتي الكاملة.. حتى لو بمكالمة هاتفية من مديره يطلب مني فصله، فأفصله، فوافق، وبدأنا وتطوروا.. وانتهوا بأن يكون مدير أعمالهم في إفريقيا سعودي.. ومدير المكتب في لندن سعودي، وفي الرياض أكثر من 70 في المئة من منسوبي هذه الشركة هم من السعوديين، ويتوسعون، وهي من أنشط الشركات، بمجرد ما اطمأنوا على مقدرتهم بتوظيف السعودي والتعامل معه ارتاحوا، وأنا أقنعت رئيس مجلس إدارة تلك الشركة (جنرال الكتريك) بأن تكلفة الموظف السعودي تعادل نصف تكلفة غيره ممن ينوي جلبهم من الخارج... والآن الشركة لديها استثمارات سنوية في المملكة تعادل مليار دولار ولديها آلاف من السعوديين.
الربط الخليجي بالقطارات
وأورد الدكتور الزامل أن جميع الشركات الكبرى ترغب في الاستثمار في المملكة وتكوين قاعدة لها لدينا.. مبينا أن هناك عدة عوامل لتحفيز استقطاب المستثمرين.. فالآن تُبنى وتُطور عملية الربط الخليجي بالقطارات.. وذلك سيؤدي إلى أمر رئيسي... الآن دبي تستقبل نصف تجارة المملكة.. معظم أنشطة دبي تعتمد على أسواقنا... البواخر تقف في دبي ويتم التوزيع بعد ذلك عبر الحاويات والحافلات... وبعد عملية الربط بالقطارات.. جميع الحاويات المستوردة للمملكة والعراق والكويت والبحرين وقطر حتى للإمارات.. ستقوم البواخر العملاقة بإنزال الحاويات على القطارات مباشرة.. وهي مصممة على أن تُوضع الحاوية مباشرة في القطار لإعادة التصدير دون تفتيش.. وبذلك تتحرك من جدة إلى الشرقية في مدة تستغرق 12 ساعة.. وإلى العراق في 18 ساعة، بدلاً من 8 أيَّام إلى الدمام.. أو 10 أيَّام إلى البصرة.. وفي كل يوم تكلف الباخرة 75 ألف دولار.. هذا غير التأمين لدخول الخليج، والشروط الأخرى.. وأضاف أن استيراد المملكة مستقبلا سيكون كله عن طريق موانئنا، من خلال القطار، نحن تستقبل ما يقارب من 6 آلاف سيارة بضائع في اليوم، مع القطار ستقل وربما تصل إلى 1000 سيارة.. فجميع الحاويات على القطارات.. وستتغير التجارة الدولية الخليجية تماماً بعد القطار، وفي غضون 4 سنوات من الآن سنرى النتائج.. والمنطق يقول ان القاعدة في المملكة.. القاعدة الإنتاجية والتجارية في المملكة.
قصة شركة (مارس)
واستعرض الدكتور الزامل قصة إنشاء شركة مارس أكبر مصنع لها في المنطقة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ.. وأورد أنه اجتمع بملاك شركة مارس (أفراد العائلة وهم جميعهم من النساء) في شيكاغو، وقد أبدين رغبتهن في الاستثمار في المملكة.. ولديهن بعض الاستفسارات والعوائق في هذا الشأن، ومضى الدكتور الزامل في القول: شرحت لهن الوضع الصحيح، ورتبت لاجتماعهن في نفس اليوم مع وزير المالية، فطلبت من معالي الوزير الاجتماع بهن، فاجتمع على الفور معهن، وشرح لهن كل الأمور، فطرحن نقطة الإعفاء الجمركي على المواد الخام.. فناقش معهن الوزير وشرح لهن كل شيء.. بعد ذلك رتبنا لهن زيارة للمملكة للوقوف على أرض الواقع.. وقد كان لديهن شرط.. فكون عائلة مارس جميعهن إناث.. كان لديهن شرط إنشاء مصنع جميع منسوبيه من الإناث... قلنا لهم على العكس هذا الشرط يعطيكم حوافز ومزايا أكثر، فجئن إلى الرياض، واستقبلهن وزير المالية في بيته.. تأكيدا على الاهتمام... وجلس مع عائلته معهن.. فشعرن أنهن في أيد أمينة.. وقد كن يردن أن يكون مقر المصنع في المنطقة الغربية.. كون الاستهلاك الرئيسي هناك وأقرب للتصدير.. فزاروا جدة، ولم يجدوا الأراضي المناسبة.. فاتجهوا إلى مدينة الملك عبد الله في رابغ.. ورأوا أنها مناسبة.. إلا أن العائق الوحيد، أنهن لم يستطعن إنشاء المصنع كاملاً للنساء، وذلك لبعد المسافة، فبدأ المصنع برأس مال 120 / 150 مليون دولار، والآن يشهد توسعا، وفي النهاية سيكون إلى جانبه مصنع له للمواد الخام، والذي سيورد المواد الخام لجميع مصانع المنطقة، وهكذا.. جاءتنا شركة مارس وجاء بعدها المنافسون، جاءت الشركات الكبرى للأدوية، فكلما سهلنا الأمور، توسعت القاعدة الإنتاجية وتحرك الاقتصاد، واليوم صادراتنا غير النفطية، تبلغ حوالي 220 مليار، وهي تمثل 35 في المئة من وارداتنا من دول العالم والتي تبلغ تكلفتها 650 مليار ريال.. وإن لم يكن لدينا صادرات لكانت كل أموالنا ندفعها عملة صعبة.. تبيع تستورد عملة صعبة.. الأرقام تزيد كل يوم، إنتاجنا من البتروكيماويات يزيد، الآن ننتج 90 مليون طن في السنة.. توقعاتنا للعام القادم 107 ملايين طن.. وتقريبا نحن الثالث في العالم.. مبيعاتنا في الداخل مليار في السنة.. كل هذه الأمور نوضحها في اجتماعاتنا للشركات العالمية في اجتماعاتنا ولقاءاتنا الخاصة المقفلة عن الإعلام في أجواء يسودها الوضوح.
الوزراء الشباب
وأضاف الدكتور الزامل قائلاً.. هذه الرحلات متعبة، لكنها تساوي الكثير.. فنسمع الكثير ونستفيد من الشريك الأجنبي، وتسود اجتماعاتنا الصراحة، والآن أصبح الشركاء الأجانب منفتحين معنا بل حتى مع الوزراء، بينما في السابق كانوا يخجلون، كان رجال الأعمال الأمريكيون في لقاءات هذه الزيارة صريحين جدا مع الوزراء، أكثرهم أُعجبوا جدا بأن وزراءنا كلهم شباب، لغتهم الإنجليزية رائعة، تحليلاتهم رائع اطلاعهم على الأمور رائع، لم يتوقعوا ذلك، فبعضهم لم يقم بزيارة المملكة حتى الآن.
وأكَّد أن تلك الزيارات تعطي انطباعات إيجابية كثيرة، هؤلاء القادة الذين اجتمعنا بهم هم أعضاء في مجالس إدارات شركات أمريكية عملاقة، هو فخور باجتماعه مع الملك ومع وزرائنا، فعند أول اجتماع له في أحد مجالس الإدارة للشركات التي هو عضو فيها، سيعكس لهم انطباعه عن اجتماعاته معنا.. هذه الأمور لا تأتي عن طريق الإعلام.. بل عن طريق الاجتماعات الخاصة.. وأعرب عن تمنياته بأن نستمر في فلسفة مرافقة وفود تجارية ضمن الزيارات الرسمية.. مستشهدا بالنجاح الكبير الذي حققته زيارة ولي ولي العهد إلى روسيا.. إِذْ كانت نتائجها رائعة.. وتمنى أن يصاحب زيارات القيادة أو الوزراء، رجال أعمال بحسب القطاعات التي نهتم فيها.
المدن الاقتصادية
انتقلنا بعد ذلك للحديث في شأن المدن الاقتصادية.. والتي كثر تداول شؤونها في أكثر من موقع.. منها مجلس الشورى.. فقرار إنشائها بطبيعة الحال قرار حكيم، لكن دراسة تشغيلها لم يُعطَ ما يستحقه من العناية الكافية. فرأى الدكتور الزامل أن مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في رابغ بدأت متعثرة بسبب التفكير (الغلط)!!.. قطاع خاص كامل يديرها بتفكير غلط!!.. والميزة النسبية لمدينة رابغ.. هي الميناء.. فإذا أردنا بناء مدن اقتصادية.. يجب أن نبدأ بالميناء، تأتي البواخر.. ثم الناس.. تُنشأ بعد ذلك مكاتب.. وتستقطب العمالة.. وتنشأ الشقق والمنازل والمرافق الأخرى.. وأضاف الزامل أن عملية البدء في مدينة رابغ كانت (مع الأسف) بعقلية عقارية.. تخطيط الأراضي وبيعها ومن ثم بناء عمائر.. وظلت تلك العمائر فارغة.. حتى بدأ الميناء بالعمل.. وبعد ذلك كل شيء ارتفع!!.. فُتحت المقاهي المستشفيات والمدارس، والآن هذه المدينة ستنتعش وتتوسع كثيرا، لأنّها ستكون امتدادا لجدة.
أما مدينة حائل.. فقد أُنشئت ميتة.. فحائل مدينة صغيرة.. فلا يمكن أن نتوقع بأن تقوم بها صناعات.. ولا أتوقع لها أي خيار إلا أن تتغير.. إلى شيء أصغر.. أما مدينة جازان فمؤهلة الآن، فعندما كُلفت أرامكو للعمل والتطوير، بدأت الصناعات تفد إليها، والآن سلمت للهيئة الملكية كمدينة، فأعتقد أن يَتمَّ معاملتها كالجبيل وينبع.. وقال الدكتور الزامل: أنا متفائل من مدينة جازان ورابغ، لكن غيرها لست متفائلا، لكن نظرية المدن الاقتصادية هي عبارة عن مدن صناعية، نحن ليس لدينا منطقة حرة كجبل علي.. نتمنى أن تكون لدينا منطقة حرة.. لكن هذه لها مزايا وتلك لها مزايا، لكن أنا أعتقد أن دخول القطاع الخاص في تطوير تلك المناطق أمر جيد.