مهدي الريمي ">
في صبيحة يوم السبت الثالث من عيد الأضحى لهذا العام 1436هـ توجهت أنا وبعض أفراد العائلة إلى منطقة الباحة وكانت وجهتنا أساساً هي المقيل في غابة رغدان التي مضى على زيارتي الأولى لها أكثر من 33 عاماً وهي غابة بكر في ذلك الوقت لم تصلها عجلة التحسين والتطوير وكان ذلك في بداية عملي بهذا الصرح العملاق (الجزيرة) حيث عملت في قسم التوزيع عندما كانت الجزيرة لديها أساطيل التوزيع الخاصة بها قبل تأسيس الشركة الوطنية الموحدة للتوزيع وكنت اسير على طريق الطائف الباحة بلجرشي بمعدل يومي على طريق خطير بمسار واحد وارتفاعات شاهقة ومنحدرات مثل جبل (شمرخ ) بمحافظة القرى القريب من منطقة الباحة، الطريق الذي كانت تكثر فيه الحوادث نظراً لوجود العديد من القرى والمدن والمخارج المحاذية للطريق، وقد زرت الباحة قبل عدة أشهر في زيارة عمل لعدة ساعات لم يتسن لي فيها الاهتمام بما حولي وبالتغيير الذي حدث من خلال السنوات الماضية.
عبر الطريق نفسه ولكن بعد أن أصبح مزدوجاً بدأنا رحلتنا، وبما أن هذه هي رحلة سياحية فقد اهتممت بتفاصيل الطريق ومشاهدة المناطق والقرى والأودية والشعاب والجبال التي تحيط بالطريق حتى اني بحثت عما يسمى بجبل (شمرخ) فلم أجده نظراً لأنه أصبح سهل المنال للسيارة ولا تشعر بذلك الارتفاع الذي كان في السابق، وصلنا إلى منطقة الباحة الساعة العاشرة صباحاً وبعد أن قطعنا أكثر من 200 كم. وبرغم ان الدخول الى غابة رغدان عند مدخل الباحة من الجهة الغربية إلا أننا توجهنا إلى الشارع الرئيسي الذي يقسم المدينة إلى قسمين للاطلاع على معالم المدينة وأخذ بعض الحاجيات التي تنقصنا.
توجهنا بعدها إلى رغدان المخصصة (للعوائل) التي تقع في المدخل الغربي كما ذكرت آنفاً وبدأنا في الارتفاع رويداً رويداً شاهدنا خلال سيرنا مناظر جميلة لأشجار العرعر والطلح الكثيفة والمسطحات الخضراء في كل أرجاء الغابة حتى توقفنا بسياراتنا عند إحدى الجلسات المهيأة وأخرجنا عدتنا عندها سمعنا نداء أذان الظهر فتلفتنا حولنا فوجدنا ذلك المصلى ودورات المياه المخصصة للرجال والنساء وهي متوفرة في كل أنحاء الغابة ذات المساحة الجبلية الكبيرة.
ما شاهدته من خدمات يثلج الصدر فعلاً فمتنزه رغدان الطبيعي رغم كبر مساحته وتضاريسه الجبلية الوعرة إلا أن جميع الخدمات متوفرة مثل السفلتة والأرصفة والإنارة ومواقف السيارات والمساجد والمساحات الخضراء ودورات المياه وملاعب مخصصة مزروعة بالإنجيلة الصناعية لممارسة كرة القدم والسلة وخلافه. إضافة إلى وجود الخدمات التكميلية مثل الأكشاك التي تقدم طلبات المتنزهين مثل المواد الغذائية والمشروبات والعصائر بأسعار معقولة جداً.
الميزة الأجمل هو مستوى النظافة في المتنزه حيث تتوفر حاويات المخلفات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة بشكل لافت جداً فلن تجد رصيفاً من الأرصفة المحادية للجلسات إلا ومثبت به العديد من تلك الحاويات (النظيفة) من أجل حث المتنزهين على وضع مخلفاتهم بها كما يلاحظ المتنزه تواجد عمال النظافة المنتشرين في كل الأرجاء مما يوحي بالاهتمام الكبير من قبل أمانة الباحة بهذا الجانب وبالتالي ينعكس ذلك بالإيجاب على المتنزهين وزوار الغابة (فعندما تجد مكاناً نظيفاً تضطر إلى تركه نظيفاً كما وجدته) وهذه قاعدة لأن دينك اولاً وحياءك ثانياً يحتمان عليك ذلك، وقبل أن يحين المغيب قمنا بجولة داخل الغابة شاهدنا من خلال المطلات المتوفرة عقبة الملك فهد وتهامة وبعض الأودية السحيقة، والمنحدرات المرتفعة التي تغطيها النباتات والشجيرات الصغيرة، وعدنا وأثناء العودة لاحظنا في الطريق أن الجزء الذي يتبع منطقة الباحة مضاء والجزء الذي يتبع الطائف غير مضاء إلا من بعض الأجزاء التي بها كثافة سكانية على الطريق.
في اليوم الذي يليه جهزنا عدتنا وقررنا تناول طعام الغداء في منطقة الشفا بالطائف، وبعد صلاة الظهر مباشرة توجهنا إلى المنطقة.. وصلنا خلال ثلث ساعة وبعد بحث ومعاناة طويلة وصلنا إلى أحد الأماكن المفتوحة ذات الطرق الوعرة وهي قليلة نظراً لوجود مساحات شاسعة بالشفا ( مشبكة أو مسورة أو مزروعة ) بحكم الملكية الخاصة، هذه الأماكن التي تفتقد لأدنى أنواع الخدمات وأبرز ما تجده فيها المخلفات المنتشرة في جميع الأرجاء، وكأنها احتلت مكان البساط الأخضر، والروائح الكريهة لبعض مخلفات الأطعمة والذبائح، لا أماكن مخصصة لا دورات مياه، لا سفلتة، لا إنارة، لا نظافة، باختصار كل الخدمات المتوفرة في غابة رغدان لن تجد أي منها في منطقة الشفا بالطائف، ما لفت نظرنا خلال الرحلتين في رغدان والشفا والتشابه الوحيد الذي لاحظناه هو وجود مجموعات كبيرة من القردة تتنقل بين المتنزهين في كلا الموقعين.حيث لا يوجد مقارنة.