من ذوقيات الحديث ">
1 - من الدليلِ على سخافةِ المتكلمِ أن يكون ما يُرى من ضحكه ليس على حسبِ ما عندهُ من القولِ، أو الرجلُ يكلّمُ صاحبهُ فيُجاذبهُ الكلام ليكونَ هو المتكلم، أو يتمنى أن يكون صاحبهُ قد فرغَ وأنصت لهُ فإذا نصتَ لهُ لم يحسنِ الكلامَ.
2 - إن سمعت من صاحبكَ كلاماً أو رأيتَ منهُ رأياً يعجبُكَ فلا تنتحلهُ تزيُّناً به عند الناسِ.. واكتفِ من التزيُّنِ بأن تجتني الصوابَ إذا سمعتهُ، وتنسبهُ إلى صاحبهِ.
3 - واعلم أن انتمالَك ذلكَ مسخطةُ لصاحبكَ، وأن فيه مع ذلك عاراً وسخفاً.
4 - فإن بلغَ بك ذلكَ أن تشيرَ برأي الرجلِ وتتكلمَ بكلامهِ وهو يسمعُ جمعتَ مع الظلمِ قلةَ الحياء.. وهذا من سوء الأدبِ الفاشي في الناسِ.
5 - ومن تمام حسنِ الخلقِ والأدبِ في هذا الباب أن تسخو نفسكَ لأخيكَ بما انتحل من كلامك ورأيكَ، وتنسبَ إليه رأيهُ وكلامهُ، وتُزينهُ مع ذلك ما استطعتَ.
6 - تمام إصابة الرأي والقول.
7 - لا يكونن من خلقك أن تبتدئ حديثاً ثم تقطعهُ وتقولَ: «سوفَ» كأنك روأت فيه بعد ابتدائك إياه.. وليكن ترويكَ فيه قبل التفوهِ بهِ.. فإن احتجانَ الحديثِ بعد افتتاحه سخفٌ وغم.
8 - اخزن عقلكَ وكلامكَ إلى عند إصابةِ الموضعِ. فإنهُ ليس في كل حينٍ يحسنُ كل صوابٍ، وإنما تمام إصابةِ الرأي والقولِ بإصابةِ الموضعِ. فإن أخطأك ذلك أدخلتَ المحنة على عقلك وقولكَ حتى تأتي به إن أتيتَ بهِ في غيرِ موضعهِ وهو لا بهاء ولا طلاوةَ لهُ.