نحتاج تطوير العنصر البشري والأنظمة للإبقاء على 90 مليار ريال سنوياً ">
الدمام - عبير الزهراني:
أرجع مختصون أسباب معوقات نمو الاستثمار السياحي في المملكة إلى غياب العنصر البشري السعودي المحترف في هذا المجال، وكذلك غياب الأنظمة والقوانين التي تدعم الشركات المتخصصة، مؤكدين بأن هجرة المواطنين الجماعية للسياحة بالخارج تستنزف الاقتصاد السعودي.
وقال نائب الرئيس لجنة السياحة الوطنية عبد الرحمن الصانع: ما زالت الجهات الحكومية تتعامل مع القطاع السياحي كقطاع خدمي، أي لا تتعامل معه كصناعة هامة ستوفر آلاف الوظائف لشبابنا وشاباتنا، فلم يجد الدعم الحقيقي كما وجده القطاعان الصناعي والزراعي، فصرفت الدولة على هذين القطاعين مليارات الريالات كقروض مالية ميسرة دون فوائد أو تسهيلات كثيرة في الإعفاء الجمركي، ودعم مالي، والأهم تقديم الأراضي شبه مجاناً برسوم لا تذكر.
القطاع السياحي حُرم من تلك المميزات، فأصبح منتجاً محدوداً وغالياً على المواطن العادي، وأصبح السفر خارج المملكة أفضل وأرخص، فنجد هجرة جماعية سياحية لستة ملايين مواطن يسافرون سنوياً للسياحة بالخارج، ينفقون بين (80 -90) مليار ريال يستنزف فيها الاقتصاد السعودي، وهناك سياحة بينية لغير القادرين على السفر خارج المملكة.
وأضاف: القطاع السياحي هو الخيار الثاني بعد النفط.. فكثير من دول العالم في العقود الثلاثة الأخيرة التفتت إلى القطاع السياحي كمورد حيوي هام مؤثر في جميع شرائح المجتمع اقتصادياً، فهو يوفر وظائف لتشغيل أفراد المجتمع. لذا سهلت دول كثيرة أهم العناصر الأساسية في قيام صناعة السياحة، وهي تسهيل الحصول على الأرض إما بالبيع بأسعار رخيصة أو تأجير بعيد المدى.. كذلك عملت تسهيلات مالية في القروض البنكية في فوائد محدودة وأقساط ميسرة.. وإعفاء من الرسوم الجمركية للمعدات اللازمة لقطاع السياحي.. لذلك نشأت مدن سياحية تحتوي على منتجعات سياحية وبأسعار تنافسية بفضل تسهيلات الدولة ودعمها لهذا القطاع الحيوي الهام.
وتابع: تقديرات حجم الإنفاق السياحي داخل المملكة تتراوح بين (70-80) مليار سنوياً.. وأماكن الجذب السياحي أبها والباحة والطائف إضافة إلى جدة والمنطقة الشرقية، ولكن يظل المنتج السياحي غالياً على المواطن لأن هذا المنتج لم يتخذ حقة من الدعم المادي سواء بالأرض أو القرض.
من جهته قال عضو اللجنة السياحية الوطنية عبد الله العتيبي إن الاستثمار السياحي له أهمية كبرى على الاقتصاد، وتلعب المشاريع الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً في القطاع السياحي، لما يملكه من شريحة كبيرة من المجتمع المحلي الذي يحبذ السياحة الداخلية بشكل خاص وأيضاً لمحدودية دخلة.
وأضاف: حالياً يقوم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة بتذليل تلك الصعوبات من أجل إخراج قطاع سياحي نموذجي مميز يعكس صورة الوطن لدى البلدان الأخرى، ولا بد أن نعرف جميعاً بأننا حديثو المهنة في السياحة بشكلها الحالي، حيث يقوم المسؤولون بمجهودات كبيرة لرفع هذا القطاع إلى أعلى المستويات، ليكون أحد العوائد الرئيسة المالية للمملكة، مبيناً أن دور قطاع السياحة هي خلق فرص استثمارية مناسبة للمستثمر المحلي أولاً، ثم الأجنبي ثانياً لدخولها هذا القطاع الواسع وتسهيل جميع إجراءاتهم.
وأشار العتيبي إلى أن إجمالي الاستثمارات بالقطاع السياحي تجاوزت 80 مليار ريال، ومن المتوقع أن تصل الإيرادات في الأعوام القادمة للقطاع السياحي 100 مليار ريال، وهذا يعود إلى زيادة الاستثمار بهذا القطاع.
وقال المختص في قطاع الاستثمار السياحي عاطف إبراهيم القين إن أهمية الاستثمار السياحي تكمن في حجم الدورة الاقتصادية المشغلة لمختلف القطاعات الخدمية الأخرى (كقطاع الإعاشة والمواصلات والخدمات المختلفة)، وهي ذات كثافة بشرية متوسطة التعليم، مما يتوافق بالضبط مع متطلبات سوق العمالة السعودية تحديداً.
وأضاف: ساهم قطاع السياحة السعودي في تطور الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تجاوزت 7.2% في 2011 وتجاوزت نسبة توظيف السعوديين فيه 26% من مجموع العاملين في القطاع السياحي، والذين يشغلون 670 ألف وظيفة مباشرة، كما أسهم هذا التوظيف بـ9.1% من إجمالي القوى العاملة بالمملكة بالقطاع الخاص.
وعن أهمية الفرص الاستثمارية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة وأثرها على السياحة دعا إلى ضرورة تحفيز المشاريع المتوسطة والصغيرة لتنمو لاحقاً، ثم تتحد لبناء كيانات اقتصادية كبيرة سيكون له الأثر الكبير على القطاع السياحي الذي يعاني حالياً من عدم وجود مثل هذه الشركات المتخصصة لتستطيع رفع معايير الجودة لديها، وذلك بتوحيد المعايير السياحية التشغيلية ضمن نظام موحد، لتستطيع تلك المشاريع السياحية الصغيرة والمتوسطة الاندماج لاحقاً بشكل سلس.
وأشار القين إلى أن هناك العديد من التحديات والمعوقات التي تواجه القطاع السياحي تتمثّل في غياب العنصر البشري السعودي المحترف، وكذلك غياب الأنظمة والقوانين التي تدعم الشركات المتخصصة فيه.
أما التحدي الأول المتمثل في غياب العنصر البشري، ففي تصوري أن هذا الأمر طبيعي حالياً لأن الصناعة السياحية ما زالت في مهدها في المملكة وستتطور قوى العمل السعودية من الجنسين على المدى المتوسط، أما التحدي الثاني والمتمثل في الأنظمة والقوانين الداعمة للشركات، فإن هيئة السياحة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز تبذل قصارى جهدها في هذا المجال، وإن شاء الله ستثمر تلك الجهود قريباً.