عثمان بن حمد أباالخيل ">
من السهل بناء ناطحة سحاب خلال عدة سنوات لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة أو ربما خلال أيَّام، لكن كم يستغرق بناء الإِنسان؟ يختلف بناء الإِنسان حسب المفاهيم المختلفة لكنها سنوات عديدة لا تقل عن أربع وعشرين عاماً. المقارنة بعدد السنوات مع الاختلاف بين البشر والجماد. الأرض الطيبة لا تنبت إلا ثمراً طيباً، ومسؤولية بناء الإِنسان ذهنياً واجتماعياً وأخلاقياً وتعليماً ونفسياً وثقافياً ودينياً تقع المسؤولية في الدرجة الأولى على الأم بنسبة كبيرة ومن ثم الأم وبعد ذلك الجهات الأخرى خصوصاً وزارة التعليم.
الأسرة (الأم والأب) هي اللبنة الأولى في تربية الطفل وتقع عليهم المسؤولية ويبذل الأبوان الغالي والنفيس من أجل تربية أبنائهم ثم الأهم من ذلك كله أنَّ الله - تعالى - في كتابه وسُنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلَّم - بيَّن لنا أن الأسرة هي أصل التربية للأجيال وعمودها، فقال - تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أمنوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أمرهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}.
الأطفال رجال المستقبل وأمهات المستقبل ونساء المستقبل وهم زينة الحياة الدنيا، وهم البهجة وحين يعيشون في بيوتٍ فيها المحبة والتسامح والألفة فالنتيجة - بإذن الله - الاستقامة والتربية الصحيحة والحياة التي تحفها السعادة. والأطفال منذ ولادتهم يملكون حاسة سمع قوية حتى انه يتعرف على صوت أمه بعد أسابيع قليلة من ولادته، ومن هذا تتضح أهمية تعليم الأطفال في سن مبكرة.
للأسف في مجتمعنا هناك من يعامل الأطفال بطريقة غير تربوية يعلمونهم الكذب والصراخ وعدم الاحترام والكلمات البذيئة إنهم يعكسون واقع البيت، وبعد ذلك وفي سن متأخرة يلومون أنفسهم حين يدركون أخطاءهم.
دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج أمر مهم وحيوي خصوصاً في تربية الأطفال وعدم تركهم للخادمات اللاتي يعلمنهم من مخزونهم التربوي والديني والثقافي، أليس هذا ما يحدث في بيوت الكثير في مجتمعنا؟. أقتبس «إن تربية الطفل يجب أن تبدأ قبل ولادته بعشرين عاماً، وذلك بتربية أمه». تلفّت من حولك سوف تجد المفارقات والتناقضات في تربية الطفل، تلفّت من حولك سوف تجد ما يُكدر خاطرك وما يثلج الصدر. الإِنسان حتماً سوف يحصد ما يزرع ومن غير المعقول انْ يزرع شعيراً ويحصد قمحاً.
حال الجيل القادم لنْ يتغيّر ما دام الجيل الحالي لمْ يتغير، والتغير يبدأ حين يصمم الإِنسان على التغيّر خصوصا في تربية الأطفال، أكيد شاهدتم وسمعتم كيف يتعامل بعض الآباء مع أطفالهم في الأسواق والسفر والمجمعات التجارية، يحز في نفسي ويرعبني حين أرى أباً يقود سيارة وطفله الصَّغير بين يديه يلعب بمقود السيارة، يحز في نفسي ويرعبني حين اسمع بعض الآباء والأمهات يشتمون أطفالهم ويلقبونهم بألقاب غير تربوية، يحز في نفسي ويرعبني حين يضرب الأب طفله، أو حين تؤنبه أمه أمام الآخرين. أين التربية ترى هل نتوقع من الجيل الحالي ان يتغير ما دام جيلنا لم يتغير.
وفي الختام الأرض الطيبة تثمر ثماراً طيبة شهية، البنت الطفلة هي النواة الأولى في الأسرة الطيبة، احرصوا على زرع الثمار الطيبة واعدوا نساء المستقبل للوطن الغالي، وإنما أطفالنا بيننا أكبادنا تمشي على الأرض، كيف نعامل أطفالنا؟ كيف نعاملهم؟ كيف نزرع الحب في أفئدتهم؟ كيف؟