عبد العزيز محمد الروضان ">
إذا كان بيد الله تعالى هذا الكون يعمل به ما يشاء كيف يشاء وقت ما يشاء، فما من خافقة ولا ساكنة إلا هي من صنع يده.. وما الظواهر الكونية الإيجابية والسلبية إلا من صنع الله، وأقصد هنا بالظواهر الكونية الإيجابية التي تجلب الخير للبلاد وتجر المنفعة على البلاد، والسلبية هي التي تجذب عكس ذلك. إن العالم اليوم بأسره يتعرض لموجة عارمة من التغيرات في مناخ كوكب الأرض، وهذا التغير الشديد قد لا يكون لصالح سكان هذا الكوكب. إن هذه التغيرات لها أسبابها المناخية التي لا يمكن إغفالها، ولكن وراء هذه الأسباب في التغيرات سبباً جوهرياً وهو يد الله تعالى.. وما التغيرات السلبية التي حدثت في كوكب الأرض ما هي إلا حصاد أيدي البشر، وما جنته أيديهم من التجديف في حق رب هذا الكون. ما من ذات إنسانية على سطح هذا الكوكب إن لم تأت ربها يوماً طوعاً فستأتيه يوماً كرهاً، وشتان بين هذا المجيء وذاك. إن البشرية إذا لم تأتِ إلى رب هذا الكون طوعاً فستركع أمامه كرهاً.. إن التغيرات التي طرأت في مناخ كوكب الأرض ما هي إلا حصاد بذور المعاصي.. والنصوص الشرعية تبين لنا متضافرة ذلك.. وإذا أراد البشر يوماً أن يعيش على ظهر هذا الكوكب آمناً مطمئناً في الوفرة والفيض، فلا بد أن يعي ويدرك جيداً رب هذا الكون، وأن الكون بقضّه وقضيضه هو بيد الرحمن.. وإذا كانت التغيرات المناخية تقض مضجع البشر، فما عليهم من أجل ذهابها إلا العودة الصادقة لله تعالى وتعظيمه وتوقيره، إن علماء المناخ يذهبون يمطروننا بذكر أسباب لهذه التغيرات، وإنهم لن يفلحوا ولن يأتوا بنتيجة نركن إليها نحن البشر، فكل رصيدهم العلمي ما هو إلا حدس وتخمين ليس إلا.
إن المعلومات الجغرافية والمناخية التي قدمها علماء الجغرافيا والمناخ بالذات، وأسسوا عليها علومهم ما هي إلا دراسات آنية وإن طال عمرها نسبياً، لأن الله تعالى ذو أناة لا يهلك الناس بمثل هذه الكوارث، إلا بعد أن يمهلهم كثيراً، ومن ثم يكون أمر الله. إن الحقب المناخية التي أسس عليها علماء المناخ علومهم قد استقوها من هذه الحقب التي ليس من صفاتها الثبات والدوام، وما هي إلا بيد الله سوط يسلطه على من حادَ عن الطريق القويم. إذاً كل الدراسات المناخية الماضية والمستقبلية ما هي إلا من هذا الباب. إن الظواهر الكونية لا تملك الثبات والاستقرار وما هي إلا بيد الله يأتِ بها كيف يشاء. ما أريد قوله هو أن الظواهر الكونية السلبية ما هي إلا قصاص منهم عن ذنوبهم قال تعالى: {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.. والآيات في هذا الصدد كثيرة لا يمكن لي أن آتي عليها في هذا المقال فيطول.. وكما أن الظواهر الكونية السلبية الموجودة في الآية السابقة، وهي عقاب من عند الله، فكذلك الظواهر الكونية الإيجابية جزاء ومثوبة من عند الله، واقرؤوا معي هذا النص القرآني: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}، واقرؤوا معي هذا النص الآخر وهو قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً، لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَاماً وَأَنَاسِيَّ كَثِيراً}، ما أريد أن أخلص إليه في هذا المقال المتواضع الذي وضعه علماء الجغرافيا وبالذات علماء المناخ ما هو إلا استقراء لحقب زمنية وأماكن من سطح كوكب الأرض، وإنه ليتملكني العجب ويتملك كل إنسان حصيف أن يقول علماء الجغرافيا إن أماكن الزلازل والبراكين هي مناطق محددة وما سواها لا تظهر فيها زلازل ولا براكين!! إن استنتاجاً مثل هذا قد خرّ عليه السقف من فوقه.. إذاً إن الظواهر الكونية الإيجابية منها والسلبية مرهونة بسيرة هذا الإنسان على كوكب الأرض ليس إلا.. ولن تُمنى الذاتالإنسانية الطمأنينة على سطح هذا الكوكب إلا إذا رفعت رأسها إلى السماء مُقدرة ومعظمة رب هذا الكون.